رعد الليثي
¬العلاقات السرية التاريخية بين القيادات الكردية واسرائيل مرت بمراحلَ نموٍ هائلة، لعلها بدأت بعهد الملا مصطفى البارزاني، حيث أججت تل ابيب ومنذ بداية ستينيات القرن الماضي تحركاتِ ومواجهاتِ الاكراد ضد الجيش العراقي ودعمتها بقوةٍ حتى نهاية السبعينيات.
هذه العلاقة تفاقمت نمواً خلال العقود التي تلت، غير انها اخذت شكلها العلني بدءاً من أولى المحاضرات والفعاليات الاسرائيلية التي قام بها مسؤولون في الموساد الاسرائيلي علانيةً داخل مراكز الارتباط التي أنشأوها وداخل المراكز الثقافية والمنتديات الاجتماعية في زاخو واربيل وسائر كردستان عام 1991 وبشهادة جميع من كان في كردستان آنذاك من عناصر قوى المعارضة العراقية.
جميع المسؤولين الأكراد كبارهم وصغارهم وطيلة تاريخ كردستان المعاصر لم يخفوا أبداً علاقتهم الطيبة بإسرائيل، ولم يجدوها معيبة او منقصة على الاطلاق إستناداً لتأريخ تصريحاتهم حتى قبل انفصال اقليم كردستان بداية تسعينيات القرن الماضي.
من هنا، وبدءاً من التسعينيات تجذرت وبصورةٍ علنية فعالياتُ الموساد الاسرائيلية بقوة بمهام استخبارية ومهام خاصة ، لعل واجهاتها التدريب والدعم، لكن خفاياها كانت تتجلى في إطار تنفيذ اغتيالاتٍ لشخصيات مناوئة لإسرائيل في كردستان وفي العراق ودول الجوار، فضلا عن اتخاذ مدن كردستان كحديقة خلفية لتل ابيب، ولعل بعض تلك العمليات ما أدى لأعتقال زعيم البكه كه عبد الله اوجلان عام 1999 ، إذ كان لاسرائيل تواجدٌ فعليٌ لعشرات المستشارين العسكريين ومن الموساد متواجدون على الدوام بصفاتٍ رسميةٍ علنية وخفيّة تساند شخصياتٍ برزانية وكردية عديدة، فضلاً عن قيامها ومنذ التسعينيات بمهام تدريبية وتجهيزية ومساندة للبيشمركه ولوحدات كردية أخرى عديدة بشتى الصنوف العسكرية والامنية والاستخبارية والتي لم تتوقف حتى يومنا هذا.
وبالطبع، كل ذلك الدعم الاسرائيلي التاريخي لكردستان وقادتها، يتمظهر في مواقف سياسية لاتحصى كانت على الدوام داعمة ومؤيدة ومؤججة لانفصال كردستان ومن اقوى الداعين لـ(إستقلالها) عن بلدها الام العراق، لاسيما في أوقات المد والجزر بين كردستان وبغداد.
كردستان التي ما فتئت ترفع علم اسرائيل بمناسبة وغير مناسبة، حتى داخل طاولات القمار بمدن الاقليم ناهيك عن الملاعب الرياضية والمؤسسات الرسمية بل حتى في الازقة والميادين، تعلم علم اليقين ان تل ابيب اصبحت تشكل عمقاً استراتيجياً لها في المنطقة الى جانب الولايات المتحدة التي جعلت من كردستان حديقتها الخلفية لتمرير العديد والعديد من اجنداتها في المنطقة، لاسيما ضد العراق وضد دول الجوار، وذلك عبر المحرك والفاعل الرئيسي لأجنداتها ألا وهو الوجود الاسرائيلي القوي، والمتمثل بتمركز قوى الموساد بكثافة في المدن الاسرائيلية وعبر مقار وقصور عديدة بالمدن الكردية.
على اية حال، تأريخ الوجود الاسرائيلي في كردستان، لم يكن خافياً ابداً، ومقار الموساد بكردستان، كانت وما تزال منذ الستينيات هي محركاتٌ وفواعلُ تأزيمٍ بين كردستان والبلد الام العراق، ناهيك عن لعبها أدوراً رئيسية في التأجيج والتأزيم مع دول الجوار والمنطقة، فضلاً عما تحصده اسرائيل من ثروات عراقية عبر كردستان وربما بصورة شبه مجانية، إذْ ووفقاً لإحصائياتٍ رسمية غربية، فإن 75% من واردات اسرائيل من النفط هي من كردستان، فضلا عن جعل كردستان سوقاً رائجا لتصريف المنتجات الاسرائيلية في الداخل الكردستاني وفي العراق والمنطقة، ناهيك عن جعل بعض اراضي كردستان وبعض مقترباتها مكباً لنفايات نووية وجرثومية في أحيان. من هنا، ولإستفحال دور الموساد في كردستان التآمري والتخريبي ضد العراق وضد دول المنطقة وبصورة علنية ومفضوحة، حمل البعض للتحرك ضد تلك المقار، لتكون عمليات استهداف مقار الموساد بكردستان متوقعة وواردة، ولعل عمليات استهداف الحرس الثوري الايراني الاخيرة لمقار الموساد باربيل مصداقاً لذلك.
https://telegram.me/buratha