( بقلم : علاء هادي الحطاب )
قبل اقل من عام كنت في المملكة العربية السعودية (تحديدا) في مكة المكرمة لتادية فريضة الحج وكنت قد استأجرت مع بعض زملائي (الحجاج) سيارة اجرة ، وبعد السلام وكالمعتاد سألني صاحب (التكسي)- من وين الحجاج؟- من العراق.- اه العر اق .. ما احلاه ... جنة الله في الارض.وقبل ان يكمل كلامه شعرت بالفخر والزهو كوني اسكن في جنة الله ... حتى اكمل السائق كلامه قائلا : العراق قبلة المجاهدين!! - اي مجاهدين واي جهاد تقصد ؟- الجهاد ضد الصهاينة والامريكان وعملاؤهم - من هم عملاؤهم ؟- الروافض ، والكاكات الخونة (الاكراد) وحتى مع الاسف بعض اهل السنة المرتدين ، جماعة الحكومة.- ولماذا كل هؤلاء عملاء ؟- ياحاج ماهمَّ الي سمحوا للمحتل واليهود بأن يدنسوا ارض العراق وان تسير دباباتهم في شوارعه وقواعدهم تمركزت فيه. - طيب يعني كل من يسمح بتواجد اليهود والامريكان في بلاده فهو عميل ؟ مو هذا الي تقصده ؟- طبعا ياحاج - اذا انت ايضا عميل ، مع اسفي لك ، وكل السعوديين عملاء ، بل ومعظم دول الخليج والعرب بما في ذلك الرؤساء ، الامراء ، الملوك، العلماء الكبار عندكم مع احترامي للجميع.- ويش الي تكَوله ياحاج .. انت اتهبلت ؟- ارجو ان تتكلم بأدب كما احدثك ، عندكم في السعودية قاعدة اميركية قصفت العراق في حرب التسعين والحرب الاخيرة ، وفي دولة قطر اكبر قاعدة اميركية في المنطقة (القاعدة السيلية) وعلاقتها المعروفة بأسرائيل ، فضلا عن الاردن ومصر التي فيها اكبر سفارات لأسرائيل ، اليس كذلك اذا انتم ايضا عملاء لأن الامريكان واليهود موجودون عندكم .- لا ياحاج هذا خلط للاوراق ... نحن كشعب رافضون لذلك - ومن قال لك اننا كشعب(عراقي) سعداء بوجود المحتل ؟ نحن ايضا رافضون لوجوده... يااخي الكريم نحن نعتقد انكم مسلمون فلا يجوز التجاوز عليكم بالكلام فضلا عن قتلكم او اباحة دمكم ، وبالنتيجة كلنا سنطوف غدا حول هذا البيت ، وسنجتمع سوية في عَرَفةَ والمزدلفة ، وسنرمي بالحجر نفس الشيطان ، وَنبيتُ كلانا في مِنى هكذا نحن نعتقد ... انزلني هنا ... تفضل الاجرة ... مع السلامة .تذكرت هذه (السالفة) عنما شاهدت انعقاد مؤتمر حوار الاديان العالمي ، ولابد قبل ان نتحدث عن هذا المؤتمر نبين ان مفهوم الدين في الحياة الانسانية يؤسس لخارطة عمل بين الانسان وربه وطريقة تعامله مع مفرداتها على اسس كريمة تحفظ للانسان انسانيته ، وجاء الاسلام كدين سماوي ليؤكد ان هذا الانسان هو اسمى غاية في الوجود وعلى هذا الاساس كان الانسان في الاسلام اسمى من (بيت الله) .
نعم هذا من حيث التنظير اما من حيث التطبيق العملي فلم يصل المسلمون الى نسبة (10% ) منالتطبيق لهذه المفردات الانسانية رفيعة المستوى رغم وجود المقومات الاساسية لبقاء تلك المفردات والقوانين التي وضعها الدستور الاسلامي من خلال القرآن الكريم الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وهذه الضابطة التي تميز بها عن غيره ، لكن وجود المندسين داخل تلك المنظومة منذ بداياتها وحتى اللحظة حرّف وهمّش وغيّب هذه المفردات والتي من اهمها جعلُ الانسان اغلى شيء في الوجود .
عُقِدَ بمكة المكرمة في (6/4/2008) مؤتمر حوار الاديان العالمي برعاية الملك عبد الله بن عبد العزيز ، وتنظيم رابطة العالم الاسلامي ، وتجاوز عدد الحضور ال(500) شخصية دينية علمائية من شتى بقاع العالم لمناقشة عدة محاور وصفت (بالجدلية) من اجل ايجاد مناخ ملائم (لفتح قنوات حوارات ونقاشات للوصول الى قواعد مشتركة تخدم الانسانية وتجنب الامم شرور الصراعات والتجاذبات والانقسام .... وسد الطريق امام مؤسسات معادية للانسانية تعمل على خلط الاوراق ) كما اكدعلى ما تقدم الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي الامين العام للرابطة وعضو هيئة كبار العلماء في السعودية ، كما تميز هذا المؤتمر بحضور اعلامي كبير تجاوز ال(200) وسيلة اعلامية لتغطية الحدث ، وصرفت من اجله الاموال الكثيرة ، وكان مؤتمرٌ لحوار الاديان .. وانتهى الامر.لكن ماذا قدم (عمليا)هذا المؤتمر ومؤتمرات اخرى كثيرة لحفظ كرامة الانسان بينما ما انفكت الفتاوى والبيانات التي تبيح دماء المسلمين تنطلق من نفس المكان (مكة المكرمة) ومن بعض اعضاء هيئة كبار علماء السعودية ، وربما حتى لا اجزم ان هناك تغاضيا حكوميا عن تلك الفتاوى والدليل لما تقدم هو صدور فتاوى تكفر المسلمين قبل انعقاد ذلك المؤتمر بفترة زمنية قليلة حملت توقيع (22) من كبار علماء السعودية تدعو وتحرض على قتل الشيعة بأعتبارهم رافضة وكان في طليعة موقعي هذه الفتاوى التي وزعت على الانترنيت هما المدعوان عبد الرحمن البراك وعبد الله بن جبرين اللذان لطالما عُرفا بدعوتهما الى قتل الشيعة وهدم مراقد ائمة المسلمين ، وكثيرة هي الفتاوى التكفيرية التي خرجت من مكة المكرمة ، وتتكشف عدم جدية السعودية في رعايتها لهكذا مؤتمرات عندما نعلم ان الامير بندر ترك منصب سفير بلاده في واشنطن ليستلم مهمة رئاسة مجلس الامن السعودي ، والاخير معروف بتوجهه الطائفي وتعاطفه مع الفتاوى التكفيرية والتنظيمات الاصولية المتشددة ومنها تنظيم القاعدة .اعتقد ان لاجدوى تُذكر من تلك المؤتمرات سوى انها تمثل مادة اعلامية لوسائل الاعلام بأعتبار ان المسلمين قد اختلفوا فيما بينهم ، وما يحصل بين حركتي (فتح وحماس) وتكفير احدهما للاخر وكذلك ماحصل في العراق خيرُ دليل على ذلك ، من جانب اخر اذا أُريد النجاح لهكذا مؤتمرات فيجب اولا واخرا ايقاف تصدير الفتاوى التكفيرية الصادرة من مكة وغيرها والا فسيبقى (المسلمون، المجاهدون، الجائعون) يتوافدون نحوالعراق من اجل (الغداء) مع الرسول الكريم (حاشاه) بقتلهم (المسلمين) العراقيين.........................................كاتب واعلامي عراقي
https://telegram.me/buratha