علي سالم
يفتحون اعينهم بالنيران، يعيشون فوق الركام، أُذن للصلاة، لكن المسجد لم يعد مسجداً، والمستشفى لم تعد كذلك، هكذا قررت اسرائيل، اكثرهم لم يعد له منزلا يعود اليه، لا احد ينكر الاسى، فالحسرة تقرأ في كل عين فقدت عزيزها، هم لم ينحنوا الى عدوهم إلا ليزرع عبوة في الطريق، لكنهم انحنوا لربهم ليطلبوا شهادة او انتصار.
لا هو موت، ولا هو انتحار، إنه أسلوب حياة؛ في إعلان قضية أزلية ورثوها من الاجداد الى الاحفاد، انطلقت جذوة الحرب، ورفاة اهاليها يتطاير شظايا، يسمعون صوت قذائف وصواريخ، تنهمر عليهم كالمطر، هكذا يعيشون اهالي غزة، بل هكذا يموتون.
اطفالهم يرتجفون خوفاً وهلعاً، عاشوا حرباً ضروس، واقرانهم يلعبون بألعاب الحرب الالكترونية، يلاحقهم ازيز الرصاص وزخات المدافع، ووحشية الاسلحة الثقيلة، طفولة ينقصها اكفان..!! ليكتمل مشهد اللا حياة، من هول ما عاشوه، جثث يُكتب عليها مجهولة..! واخرى متفحمة، وصور الموت تعلق في جدران الاذهان، نعم؛ يحتاجون الى أكفان، تستر اجسادهم، كبيرهم وصغيرهم شهيد، شهيد يُكفن شهيد، نسوا شكل الحياة، وتذكروا ان الجفاف الذي عاشوه، جفاف مشاعر وتضامن؛ لا جفاف مياه، ثم قُتل الطبيب، وقُتل المُسعف، وقُتل الجريح، هكذا انتهت الحكاية.
وجه الحقيقة عار في غزة، عار على السكوت في قمة الكلام، عار على الانسانية في ازمة الآدمية، عار على منظمات حقوق الانسان، والمجتمع الدولي، الذي وقف متفرجاً على جرائم يندى لها جبين الانسانية، من استهداف الابرياء العزل، وقصف المستشفيات، وتدمير الاحياء، وقطع الماء والمعونة على شعب يموت واقفاً شامخاً أبياً، وسط مراقبة عيون السلطات، وخيانة الحكام، وبيع الضمائر في سوق النخاسة العلني..!
وتشعر ان الفرح في حضرتهم "خيانة" وراحتنا قبالتهم "خيانة" وسقف منازلنا بتهديم بيوتاتهم "خيانة" وتستحي الفرح في محراب احزانهم، نعتذر لقلة حيلتنا، واذا اشتد الكرب أنزل الله رحماته..
﴿أُذِنَ لِلَّذينَ يُقاتَلونَ بِأَنَّهُم ظُلِموا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصرِهِم لَقَديرٌ﴾
https://telegram.me/buratha