الشيخ جاسم محمد الجشعمي ||
عندما حاصر الاعلام الحسيني والخطب الثورية لأبطال الملحمة الاعلامية لأسرى وسبايا أهل البيت عليهم السلام الطاغية يزيد واركانه وزلزل قصره اضطر يزيد أن يكسر الحصار وينجو منه بمنبر وخطيب استدعاه ليخطب ويهاجم اهل البيت عليهم السلام بالكذب والافتراء وذلك ليحمي نفسه من انتفاضة سبايا واسرى اهل البيت عليهم السلام . فخطب الخطيب الاموي فسَبَّ الامام علي والامام الحسين عليهما السلام واكثر الوقيعة فيهما . فقال له الامام علي بن الحسين السجاد عليه السلام :
( ويلك ايها الخاطب اشتريت مرضاة المخلوق بسخط الخالق فتبوء مقعدك من النار ) .
وكان هذا الموقف من الامام علي بن الحسين السجادعليه السلام موقفاً بطولياً وتصاعدياً ضد الطاغية يزيد ودولته . ثم طلب الامام السجاد عليه السلام من يزيد ان يأذن له بصعود المنبر والقاء خطبة . فرفض يزيد ولم يأذن له فقال له الناس يا أمير المؤمنين أئذن له فليصعد المنبر وما قدر ما يحسن هذا . قال لهم يزيد
( انه ان صعد لم ينزل الاّ بفضيحتي وبفضيحة آل ابي سفيان ان هذا من اهل بيت قد زقوا العلم زقاً )
وبعد إلحاح الحاضرين في المجلس اذن يزيد للامام السجاد عليه السلام صعود المنبر والقاء الخطبة . فصعد الامام المنبر فحمد الله وصلى على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال :
( ان الله تعالى أعطانا العلم والحلم والشجاعة والسخاوة والمحبة في قلوب المؤمنين ومنا رسول الله ووصيه وسيد الشهداء وجعفرالطيارفي الجنة وسبطا هذه الأمة والمهدي الذي يقتل الدجال .
ايها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لن يعرفني فأنا أعرفه بحسبي ونسبي انا ابن مكة ومنى ، انا ابن زمزم وصفا ، انا ابن من حمل الركن بأطراف الردى ، أنا ابن خير من أئتزر وارتدى ، انا ابن خير من طاف وسعى ، انا ابن خير من حج ولبى ، انا ابن من اسرى به من المسجد الأقصى فكان قاب قوسين او أدنى ، أنا ابن من أوحى اليه الجليل ما أوحى ، انا ابن الحسين القتيل بكربلاء ، انا ابن علي المرتضى انا ابن محمد المصطفى ، انا ابن فاطمة الزهراء، انا ابن سدرة المنتهى ، انا ابن شجرة الطوبي، انا ابن المرمل بالدما ، أنا ابن من بكى عليه الجن في الظلماء ، انا ابن من ناح عليه الطيور في الهوا .
فلمابلغ كلامه عليه السلام الى هذا الموضوع ضج الناس بالبكاء والنحيب وخشي يزيد لعنة الله عليه من تفاعل الحضور مع خطبة الامام السجاد عليه السلام وأن
تتحول ذلك الى انتفاضة عليه فأمر المؤذن ان يؤذن ليقطع خطبة الامام السجاد عليه السلام . فأذن المؤذن
وعند وصوله الى اشهد أن محمداً رسول الله اخذ الامام السجاد عليه السلام عمامته عن رأسه فقال للمؤذن أسألك بحق محمد هذا ان تسكت ساعة ثم اقبل على يزيد وقال يايزيد هذا الرسول العزيز الكريم جدي ام جدك ؟
ان قلت انه جدك يعلم العالمون انك كاذب . وان قلت انه جدي فَلِمَ قتلت ابي ظلماً وانتهبت ماله وسبيت نساءه . ثم بكى الامام السجاد عليه السلام وقال والله لوكان في الدنيا مَن كان جده رسول الله فليس غيري فَلِمَ قتل هذا الرجل ابي ظلماً وسبانا كما تُسبا الروم . ثم قال يايزيد فعلت هذا ثم تقول محمد رسول الله وتستقبل القبلة فويل لك من يوم القيامة حيث خصمك جدي وابي . فصاح يزيد بالمؤذن ان يقيم الصلاة فوقع بين الناس دمدمة وزمزمة عظيمة فبعض صلى وبعضهم لم يصل حتى تفرقوا . ) ( كتاب نفس المهموم ص ٤٥٠).
ثم ارسلت زينب عليها السلام الى يزيد تطلب منه الأذن لإقامة مجالس الحزن والعزاء للامام الحسين عليه السلام وللشهداء فاذن لها فأقامت الحوراء زينب عليها السلام مجالس العزاء الحسيني على امتداد ايام متتالية في إحدى قاعات القصر الاموي. فكانت لهذه المجالس اثراً بالغاً في بث الوعي لأهداف ثورة الامام الحسين وفضح الظلم والانحراف الاموي . حتى احس وزراء الطاغية يزيد بخطر هذه المجالس على الحكم الاموي وخطر بقاء أسرى وسبايا اهل البيت عايهم السلام في الشام فاشاروا على يزيد ان يبعد الأسرى والسبايا من الشام ويرسلهم الى المدينة .
ويمكن استخلاص الدروس من مواقف اسرى وسبايا اهل البيت عليهم السلام منها
١_ ان الحوار زينب هي اول من اقامت مجلس العزاء للامام الحسين عليه السلام .
٢- كانت مجالس زينب مدرسة وعي وثورة على الظلم والفساد.
٣- ينبغي التأسي والاقتداء بزينب عليها السلام وبالامام السجاد عليهما السلام وتحويل مجالس العزاء الحسيني الى مدارس لنشر الثقافة الحسينية وبث الوعي في الأمة . ان أسرى وسبايا اهل البيت عليهم السلام نفذوا الخطة الإعلامية الحسينية
بجدارة وكفاءة وشجاعة نادرة . ومن شأن هكذا مواقف بطولية ان تقضي على نفوس اصحابها . والاسرى والسبايا كانوا يعرفون الخطورة المحيطة بهم وأنهم قد يتعرضوا لها من جراء مواقفهم . وكانوا مستعدين للتضحية في سبيل بيان الحق وتنفيذ الصفحة الثانية من ثورة الامام الحسين عليه السلام .
https://telegram.me/buratha