الشيخ جاسم محمدالحشعمي ||
رأس الامام الحسين عليه السلام كان يتصدرموكب الأسرى وسبايا اهل البيت عليهم السلام . وقد اخذ رأس الحسين عليه السلام من القلوب مأخذاً كبيرا . فالنفوس كانت اليه متوجه والعيون اليها ناظرة والعقول بمعجزة قراءته للقرآن منبهرة ومنشدة . وهو اول رأس في تاريخ الانبياء والرسل قارئٌ لكتاب الله . وقد وصف سهل بن سعد مشهد الرأس الشريف للامام الحسين عليه وهو يشق طريق وشوارع وازقة دمشق الى قصر الدولةالاموية ليزلزلها بهذا الوصف :
( كان لرأس الحسين مهابة عظيمة ، ويشرق منه النور بلحية مدورة قد خالطها الشيب بالوسمة ، ادعج العين ، أزج الحاجبين ، واضح الجبين ، اقنى الأنف ، مبتسماً الى السماء ، شاخصاً ببصره الى نحو الافق والريح تلعب بلحيته يمينا وشمالاً كأنه امير المؤمنين . ( كتاب الكامل النهائي ج٢ ص ٢٩٧ ) .
كم مدة زمنية استغرق نظر سهل بن سعد لرأس الامام الحسين عليه السلام لينطبع وجه الحسين الشريف عليه السلام في ذهنه ليصف وجه الامام عليه السلام بهذه الدقة والجمال . كلام سهل يدل على أن مشهد رأس الامام الحسين عليه السلام قد هيمن على نفوس وعقول الناس الذين خرجوا للنظر الى موكب الأسرى وبعضهم للاحتفال بالفوز المزيف لأميرهم الطاغية يزيد . وقد حول مشهد الرأس للامام الحسين عليه السلام اجواء الاحتفال المزيف الى اجواء ملكوتيّة روحانيّة وذلك بهيبته ونورانيته وشباهته برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبمعجزة قراءته للقرآن الكريم وكأنه امير المؤمنين . كأن رأس الامام الحسين عليه هو ألامير حيث كان يتقدم موكب اهل البيت عليهم السلام . وفي الحقيقة هو الذي أسر النفوس والعقول واسرالدولة الاموية برمتها . وقد اسرجبروت الدولة واسر اركان الدولة الاموية واسر الطاغية يزيد ملك وسلطان الدولة الاموية ...اسرهم جميعاً وكأنهم هم الأسرى بين يدي رأس الامام الحسين عليه السلام . سبحان الله ! ماذا فعل رأس الامام الحسين عليه السلام عندما كان على جسدالامام حياً ينطق ويخطب ويجول ويصول في المعركة . وماذا فعل عندما فصلوه رأسه عن الجسد ورفعوه على الرمح . فقد شارك رأس الامام الحسين عليه السلام السبايا والاسرى في مهامهم التبليغية والاعلامية في صنع ملحمة اعلامية كبرى في شوارع دمشق وفي قصر يزيد مركز قرار الدولة الاموية الجائرة .
ادخلوا اسرى وسبايا اهل بيت الامام الحسين عليه السلام الى قصر يزيد يتقدمهم الرؤوس وفي مقدمتهم رأس الامام الحسين عليه السلام . فصاحت نساء يزيد وبنات معاوية وولولن وبكيت وصرخن . وكان صراخ وبكاء نساء يزيد صدمة نفسية اخرى في سلسلة من الصدمات النفسية المتواصلة المزلزلة لأركان دولة يزيد والتي كان يتلقاها يزيد ودولته من الأسرى والسبايا . فأنتقلت الأفراح المعدة للانتصار المزيف الى صحوة الضمير والى صرخات وبكاء وعويل . ولذلك أراد الله ان يرى نساء الامام الحسين عليه السلام وأخوته وبناته سبايا . نعم اصابهن العذاب والتعب ولكن كان ذلك في عين الله . واهل البيت اساساً مشاريع بذل وتضحية في سبيل الله .
وضعوا رأس الامام الحسين عليه السلام امام يزيد . وفي في غمرة نشوته بالفوز المزيف انشد يقول
ليت اشياخي ببدر شهدوا
جزع الخزرج من وقع الاسل
لأهلوا واستهلوا فرحاً
ثم قالوا يازيد لاتشل
قد قتلناالقرم من ساداتهم
وعدلناه بيدرٍ فاعتدل
لعبت هاشم بالملك فلا
خبر جاء ولا وحي نزل
لست من خندف ان لم انتقم
من بني احمد ماكان فعل
بهذه الأبيات كشف الطاغية يزيد عن كفره وحقده الدفين لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولأهل بيته عليهم السلام . وأعلن كفره على الملأ . وفي هذه الابيات يقدم البشرى للكفرة من شيوخ بني امية الذين قتلوا على الكفر . وقداخذ ثأر أجداده الكفار بقتله الحسين وابناءه واصحابه عليهم السلام .
ونقل ابن أبي الدنيا :
( انه لما نكث يزيد ثنايا الامام الحسين ع بالقضيب انشد لحصين بن الحمام المري
صبرنا وكان الصبر منا سجية
بأسيافنا يفرين هاماً ومعصما
وقال مجاهد
والله لم يبق في الناس احداً الاّ من سبّه وعابه وتركه ) . ( كتاب نفس المهموم )
وقال ابو برزة الاسلمي ليزيد يايزيد ارفع قضيبك فوالله لطالما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يقبل ثناياه .
ولا يخفى على كل متابع لمشاهد أسر وسبي اهل البيت عليهم السلام ورفع رؤوس الشهداء على الرماح وعلى رأسهم رأس الامام الحسين عليه السلام الى انها تحولت إلى ثورة واحتجاج وبكاء وعويل وسب ليزيد واعتراض لفعله والى ترك الناس لمجلسه الذي عقده لأذال اهل بيت الامام الحسين عليه السلام وإظهار نصره وفوزه المزيف على اهل بيت النبوة
https://telegram.me/buratha