كوثر العزاوي ||
قال الله"عزوجل":
{ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّـهِ وَ حَبْلٍ مِنَ النَّاسِ}
يرتبط هذا المعنى من الآية باليهود حيث يؤكد"عزوجل": بأنّ أمام اليهود طريقين يستطيعون بهما أن يتخلصوا من لباس الذلة: إما أن يعودوا إلی الله، ويعقدوا حبلهم بحبله، وإما أن يتمسكوا بحبلٍ من الناس ويعتمدوا علی هذا وذاك، ويعيشوا ذيولًا وأتباعًا للآخرين، وكان الطريق الثاني خيارهم وعرفنا ذلك مذ وعينا على الدنيا والى يومنا هذا وهم في كنف دويلتهم اللقيطة "إسرائيل"يتسولون الجاه ليثبتوا وجودهم، فهم يعيشون التشرذم والذلة، وكما تأكد ذلك في القرآن الكريم من أن اليهود أينما وجدوا فإنهم يوجِدون وقد خُتموا بخاتم الذلة علی جباههم مهما حاولوا إخفاء ذلك، بسبب مواقفهم المشينة من تعاليم السماء، ورسالات الأنبياء العظام، وكلما طال بهم الأمد كلما تمرّدوا وأحدثوا ثغرات في أمة الإسلام وأيّما ثغرات! فقد جعلوا الأمة في ظلمات كثيفة،وأفكار عفنة أباحوا بها كل منكر ، واستباحوا الأعراض والأموال واغتصاب الأرض والعرض، الفكر الصهيوني فكر عزلَ الدين عن الحياة عندما أباح لليهود اغتصاب فلسطين من البحر إلى النهر وسـقوط الأقصى وبقية الأرض المباركة في أيدي الكفـار وحدث ماحدث من النكبات في الأرض المباركة كما يبدو من إستقراء التاريخ، ومنذ ذلك اليوم والمسلمون في صراع بين الاحتلال والمقاومة بهدف ردع الخطر عن فلسطين والقدس، ورغم طول أمد الاحتلال، كان لابد للظلام أن ينقشع، ولابد للحقيقة أن تظهر، ولا بد للزيف أن يتبين، ولابد للفكر المزيف اللقيط أن يندحر، فقد طال الصبر ليأتي اليوم الذي راهن عليه القرآن ليثبت للعالم وعده، بأنّ اليهود الصهاينة في ذلّ وهوان، وهم وإن تربّعوا علی عرش الإعلام والاقتصاد والسياسة، لکنّهم يحتلّون أسفل مواقع الکرامة والعزّة والأمن وفي منتهى الضعف والضعة، "ولعل مثلهم في ذلك مثل اللصوص والبلطجية الذين همهم الوحيد صناعة مافيات الإرهاب وإشاعة الرعب والفزع، والسيطرة وجمع الأموال الوفيرة، وتشييد الحصون والعروش، لکنّهم يفتقرون إلی ابسط مقومات الكرامة والقدر الجليل! ولعل التجربة قد أثبتت أنهم عندما تحدث المواجهة تسقط الأقنعة وتنكشف حقيقة القوى التي طالما استفزت العالم وتلاعبت بمصير الشعوب وهددت استقرارهم بخبث ومكر وتزوير، ومانعيشه اليوم من حدث عظيم مع "طوفان الاقصى" لخير شاهد على ركاكة بنيانهم وهشاشة منظومتهم، وكيف أنّ صفعة كفٍّ من بَطل مقاوم قادرة على هدم عرش العنكبوت لتدع كل قدراتهم في هلعٍ وسقوط تحت أقدام أبطال المقاومة الاسلامية، وكيف أنهم يهربون مذعورين أمام الضربات، مايجعل مثل تلك المشاهد التي أبهرت العالم جديرة باحتواء الذاكرة والروح عالقة بهما لاتندثر، لتمنح هذا الجيل شحنة معنوية لسنوات قادمة حتى النصر الحقيقي والفتح العظيم على يد القائم من آل محمد "أرواحنا فداه" وإنّ هذا التقدم وهذه الانتصارات، ماهي إلّا مقدّمة للفتح المبين وفاتحة خير في ظل قادةٍ هُم للمخلّص الاقدس نوّابا وممهدين، إذ تبعث الأمل بالانتظار بين فترة وأخرى وتستنقذ الناس من اليأس وتمنحهم جرعة إنعاش في زمن باتت الشعوب
في حيرة وإحباط، فالحمد لله الذي أرانا اليوم مصداقًا على ذلّ وهوان اليهود الصهاينة وكيف أنهم يهربون مذعورين أمام ضربات أبطال المقاومة الاسلامية، ومما ينبغي علينا جميعًا، وكلّ من موقع قدرته، أن نشدّ من عزائم المؤمنين بتسليط الضوء علی الأوضاع المزرية للأعداء وكشف زيفهم وهشاشة عقيدتهم وضعف بنيانهم الذي بدى إنموذجًا لبيت العنكبوت من حقيقة الوهن والذل، فيتجلى للعالم أجمع الدرس المستفاد الذي يوضح حقيقة ناصعة إنّما العزة في الإيمان بالقدرة الإلهية والعلاقة الطيّبة بالأمم والشعوب المسلمة، لابالهيمنة والاغتصاب والاعتداء والتخطيط لافعال إرهابية أشنع، والدرس الاخر المستوحى من أحداث اليوم، وقد يمثّل عزاءًا للمسلمين والمؤمنين، بإنّکم منتصرون علی الرغم من کلّ خسائر الحرب وجراحاتها، لأنّکم وضعتم أملکم بألطاف الله تعالی «وتَرْجُونَ مِنَ اللهِ مَالايَرجُون» وانتم تعلّقون آمالاً کبيرة علی الله تعالى، كالأمل بالمدد الغيبي، النصر، إرهاب العدوّ، الثواب المعنوي، وغيرها من عناصر القوة الدافعة نحو الإصرار ومواصلة الجهاد، وكل مايحصل لكم في الحروب وساحات المواجهة إنما هو بعلم الله ومقتضی حکمته، وماعملية طوفان الأقصى ضد الكيان الصهيوني إلّا دليل على عجز الكيان عن المواجهة وعدم قدرته على إثبات شرعية وجوده على الأرض المقدسة المباركة، لذا أصبح لزامًا على احرار العالم القضاء عليه وتحرير القدس الشريف وتطهير ارضه من براثن الكيان الغاصب.
٢٢-ربيع اول-١٤٤٥هج
٨-١٠-٢٠٢٣م
https://telegram.me/buratha