رعد الليثي
الثالث من تشرين الاول من كل عام يحتفل العراقيون باليوم الوطني، ورغم اختلاف الاسباب والرويات عن جدوى الاحتفال به، والذي يذهب البعض ليقول أن في مثل هذا اليوم من عام 1932 تخلص العراق من (الوصاية البريطانية) ليستعيد سيادته وكرامته كدولة مستقلة، وهي فرصة للاحتفال بها سنوياً، لا بأس، ولكن للإحتفال الوطني شروطه وصوره ومعاييره المتعارف عليها في كل العالم، فهي تتمثل في : مسيرات، إحتفاءات، كلمات، أهازيج، مظاهر زينة وفرح رسمية ، سواء على المستويين الحكومي والشعبي، وذلك لتعبر فيه الجماهير العراقية عن حبها واعتزازها ببلدها العراق، وهي روح الوطنية الحقيقية والذي تجيزه كل الشرائع والدساتير... ولكن لماذا تغير وتُقَلَّبُ كلُّ هذه المعاني الوطنية السامية الى حالة: (إستعراضاتٍ جسديةٍ) لمنحرفين ومنحرفات؟ كما شهدنا يوم الثلاثاء الماضي في ساحة الاحتفالات الكبرى داخل المنطقة الخضراء..
تُرى مَنْ خَططَ لهذا الاحتفال المسخ، ومن إستجلبَ هذه الشرذمة، ومن الذي البس إحتفالاً رسمياً وقوراً بلباس المجون والتحلل والعُري، وليتم كلُّ ذلك خلف (عنوان رسمي ومحترم) كعنوان (العيد الوطني)، وهو الذي يفترض ان يمثل تأريخ العراق كبلدٍ عريق ضمَّ ويضم رفات العظماء والشهداء والصالحين..
إن إحتفالات هذا العام الممسوخة عن شكلها الرسمي تركت أثراً غايةً في السوء والانتقاد ومجانبة الحقيقة التي عليها الشعب العراقي المحافظ، حيث إختزل (القائمون على هذا الاحتفال ) الطارئون على المجتمع العراقي على مايبدو إذ لا يعرفون دواخله ومتبنياته واعرافه وثقافته وتراثه وحفاظته واعرافه، حيث إختزل هؤلاء القائمون على هذا الاحتفال المسخ بتجميع شرذمة من الفنانين وعجائز الفنانين والاستعراضيين والتوافه والنكرات ليضموهم الى جوقة المدعوين الى هذا الاحتفال الذي من المفترض ان يكون (رسمياً)، حيث إجتمعوا تحت يافطة (اليوم الوطني) للعراق مع بالغ الاسف.
والتساؤل العريض، هل ما جرى يوم الثلاثاء هو إحتفالٌ بيومٍ وطني، ام مهرجان لتكريم فنانين عرب وعراقيين؟ على غرار المهرجانات الفنية والسينمائية في القاهرة او البلدان الغربية؟.. وهل (اليوم الوطني العراقي) هو يوم يخص الفنانيين فقط؟ بحيث تحتفل به هذه الشريحة وحسب دون باقي شرائح الشعب والمجتمع العراقي؟
ثم ما الحاجة لدعوة (مشاهير!!) السفالة من الهابطين وصانعي المحتويات الهابطة من الامعات الفارغين في مثل هذه الحفل المفترض ان يكون (وطنياً رسمياً)؟
وفوق كل هذا، ما هي الرسالة التي اراد (الجالسون على هذا الاحتفال، وليس القائمون عليه) من تبني حالة (استعراضات الأزياء والاجساد العارية) في ساحة رسمية عراقية..
ترى من خطط لكل ذلك، ثم من أجاز مثل هذه المخططات المسخ في اوساط شعب مازال مازال يعيش حالة الحداد على كارثة (عرس الحمدانية)؟
ترى اين المتصدين لمثل هذه الامور من المتنفذين في حكومة السيد السوداني؟، تلك الحكومة التي قدمت مستوى من الاداء الجيد في الفترة المنصرمة حتى سميت بحكومة (البناء والخدمات والقضاء على الفساد)؟
اليس من المفترض والطبيعي ان تصدر إعتذرات من جهات رسمية عديدة على هذه الفضيحة والكارثة التي مرغت انف (الاحتفالات الرسمية العراقية) بوحل الرذيلة والسقوط والابتذال في أكناف هذه الحفل المسخ؟
ثم اليس من الطبيعي ان يصار الى استدعاء القائمين على مثل هذه الحفل الطارئ على اخلاقيات المجتمع العراقي، والذي حاول الاطاحة بالشخصية العراقية المحافظة والعريقة بتراثها الرصين والوقور والمحترم في كل ارجاء الامة الاسلامية والعربية والعالمية على حد سواء..
ما تم تمريره خلال (اليوم الوطني العراقي) ممن خطط ونفذ لهذا الاحتفال المسخ الطارئ على العراقيين قد خلف صدمةً كبيرةً في اوصال المجتمع العراقي، وترك غصة خانقة اذهلت الجميع في بلدٍ له قيمهُ الخاصة، ويكتظ بمضائف عشائره المحافظة، وينفرد بتقاليده العريقة، بلد المرجعية الرشيدة وموطئ أقدام الانبياء والائمة والصالحين..
على شعبنا العراقي الكريم أن يعي ان أميركا واسرائيل والغرب ومن في اعقابهم من أذيالهم في المنطقة والجوار لا تروق لهم أن يبقى العراق اخر المجتمعات المحافظة في المنطقة، وانه باقٍ كشعبٍ متمسكٍ بهويته الحقيقية وملتزم باعرافه وتقاليده السامية، ومسترشداً بتاريخه العريق، حيث يغيظ هذا الشعب بصفاته هذه تلك الجهات. لذا فقد رأينا كشعب عراقي كيف شنت اميركا واسرائيل والغرب ومن في ركابهم حرباً ناعمةً على الشباب بل المجتمع العراقي اجمع، مستخدمين آلاف الصفحات والمدونات والمواقع في وسائل التواصل الاجتماعي، الى جانب مئات القنوات الفضائية الموجهة، فضلا عن الاف المواقع الانترنيتية الرامية لحرف هذا الشعب ومسخه وسلخه من منظومة قيمه واخلاقه وحفاظه المر وتقاليده الرصينة وعاداته المحترمة، ليحيلوه الى شعبٍ ذليل منقادٍ للتقاليد والاعراف الاميركية والغربية كما هو الحال في العديد من المجتمعات الممسوخة في الكثير الكثير من البلدان العربية والخليجية والعديد من الاسلامية في المنطقة والعالم.
ان مساعي اميركا واوروبا ومن خلفهم من ذيولهم في المنطقة والجوار ما فتئوا تسخير الاموال والطاقات والجهود في غزوهم الثقافي وحربهم الناعمة ضد الشعب العراقي وما بقي من الشعوب المحافظة في المنطقة، بغية (أقلمتها) وتدجينها وجرها ومسخها لتكون تبعاً للثقافات والعادات الاميركية والغربية الهجينة والهابطة والمبتذلة والفاسقة.
ودون ادنى ريب، فقد سخرت اميركا والغرب ومن معهم منهجيات مدروسة لحرف انظار الاجيال الناشئة والشبيبة العراقية بعد سقوط النظام البائد، وذلك لتأسيس (مجتمع منهزم ومبتذل) منقاد لهم ويتماشى مع متبنياتهم واعرافهم وتقاليدهم الساقطة المبتذلة، والتي بمجملها تستهدف معاداة الاسلام، والتخلي عن الاصالة العربية، فهل تعي حكومتنا (الرشيدة) وهل يعي (ساستنا) الابعاد الحقيقية لهذه الهجمة الشرسة على العراق وشعبه وشبابه؟ وهل هناك من ردود فعلٍ ستصدر منهم توازي ما جرى من (تهديد اخلاقي كبير) في يوم الاحتفال بـ(العيد الوطني العراقي)؟، فإن سكتوا وسكتنا، وصمتوا وصمتنا، فليس ببعيد ان نشهد في ساحاتنا في الغد القريب تظاهرات للمنحرفين والشاذين واللواطين (المثليين) في وسط ساحاتنا وشوارعنا تحت مسمى (الانفتاح) ، وبهذا يكون (النصر المؤزر) للدوائر الماسونية الاميركية والصهيونية، وذلك هو الخسران المبين.
https://telegram.me/buratha