محمد الياسري ||
تعتبر ازمة الجفاف من اهم الملفات التي تتناولها المنظمات الدولية في مطلع القرن الحالي بسبب التغيرات المناخية المتسارعة والتي ادت الى ارتفاع مستوى التصحر في دول العالم الثالث وفي مقدمتها العراق وربما اشدها في العراق .. والسؤال الاهم لماذا العراق وفيه نهري دجلة والفرات؟ ومن يتحمل المسؤولية؟
للاجابة على هذه التساؤلات لابد من ان نفهم في البداية كيف تعاملت الحكومات المتعاقبة مع وفرة المياه ؟ وهل وضعت في تخطيطها مخاطر تهديد انحسار المياه؟ .. العراق ونظامه السياسي الحديث بعد العام 2003 ونتيجة للظروف التي حدثت او اريد لها ان تحدث من قبل قوى خارجية وداخلية سواء على مستوى الطائفية وانهيار مؤسسات الدولة ونشاط القوى التكفيرية واشغال البلاد بدوامة التحديات الامنية وازمة الطاقة والخدمات و... الكثير من التحديات التي لو حدثت في اي بلد لاصبح دويلات متنازعة مقسمة متصارعة ولكن التعافي والاستقرار هو ما حصل في النهاية ولكن كان التخطيط ولايزال غائبا من البرنامج الحكومي وبالتالي كانت عملية العلاج بعد حدوث العلة مما جعل البلد في دوامة الازمات المتعاقبة وان كانت اغلبها خدمية وذات صلة بالمواطن بشكل مباشر بعد انهيار المجموعات الارهابية في البلاد .. واحدى هذه الازمات هي الجفاف والتصحر والاسباب متداخلة بعضها خارجي والاخر داخلي .. سنبدأ من الداخل وفي مقدمتها غياب التخطيط كما اشرنا اعلاه بسبب الانشغال او اشغال الحكومة في ملفات الامن والطاقة وبالتالي فقدنا اهم مستكشف للازمة من قبيل عدم استشعار المخاطر والتهديدات والعامل الاخر غياب الرؤية لدى الوزارة او المؤسسة الحكومية عن مخاطر الجفاف والعامل الثالث غياب الوعي لدى المواطنين بشأن هدر المياه والعامل الرابع اعتماد وزارة الزراعة على خطط زراعية دون النظر بجدية الى مستوى انخفاض المياه في السدود والخزانات العراقية والعامل الخامس عدم اعتماد اساليب الرش الحديثة اما العوامل الخارجية فتكمن في عاملين ويتمثل الاول بالسياسة التركية الجائرة في ملف المياه مع العراق وسورية والعامل الاخر ظاهرة الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية.
في ملف السياسة المائية التركية لم تتعامل الحكومات المتعاقبة بجدية مع هذا الملف نتيجة التقاطعات السياسية وغياب التنسيق بين الوزارات فلم تتحرك وزارة الخارجية بالشكل الذي كان يفترض ان تتحرك به ولا وزارة الموارد المائية اشركت وزارة الخارجية في الملف بشكل اساسي ولم يؤد البرلمان دوره الرقابي حول هذا الموضوع الذي اصبح شائكا ومعقدا داخليا قبل ان يصبح خارجيا وكذلك في التغيرات المناخية لم يستفد العراق من برامج المنظمات الدولية في الحد من مخاطر هذه التهديدات وهذا يعود الى غياب الاستراتيجية لدى الدولة العراقية في التعامل مع تركيا سواء بملف المياه او في الملفات الاخرى منها ايواء الارهابيين والمطلوبين للقضاء العراقي وبالتالي فقدنا الحلول المبكرة واعطينا الذرائح لتركيا في تمرير سياستها وفق مارسمته وخططت له وخصوصا مع وجود حلفاء طائعين لسياسة انقرة .
ما هي الحلول؟
امام العراق حلول عديدة ويمكن من خلالها الحد من ازمة التصحر والتخلص من مخاطر الجفاف القاتلة وتعتمد على :
اولا: التدوير العكسي للمياه في مناطق جنوب العراق من خلال ما يطلق عليه الخزان الدوار او التدوير العكسي للمياه وهذا يمكن تنفيذه بتكلفة بسيطة قياسا الى بناء السدود وهذا سيؤدي الى انتعاش الاهوار في ذي قار وميسان
ثانيا: استخدام ادوات السقي الحديثة في الزراعة والتخلص من طريقة السقي المعتمدة حاليا وهذا سيؤدي للحد من هدر المياه ويكون انفع للقطاع الزراعي باعتبار ان طريقة الرش من الاعلى للمحاصيل تكون انتاجيتها اعلى من المحاصيل التي تسقى بالطريقة البدائية .
ثالثا: استخدام المياه الجوفية والعراق من البلدان المتاخرة جدا في هذا الملف رغم امتلاكه خزين هائل من المياه الجوفية ولكن يحتاج الى محطات تحلية كبيرة وبرعاية المؤسسات الحكومية لان القطاع الخاص لايستطيع استيراد تلك المحطات لكونها مكلفة وذات استفادة عمومية وبالتالي هذا يتطلب تدخل القطاع العام في استيرادها وادارة تلك المشاريع.
هذه الحلول وحدها كفيلة بحل ازمة الجفاف وبنفس الوقت تسحب الذرائع التركية بشان هدر مياه دجلة والفرات في الخليج .. والتاكيد على تركيا لان مصدر المياه الاساسي للعراق من تركيا بواقع 97 بالمئة من مصادر المياه العراقية فيما تبقى الـ 7 بالمئة المتبقية وتتمثل بمياه الامطار والسيول والمياه الواردة من الجمهورية الاسلامية في ايران والتي هي بدورها تعاني من الجفاف وتشهد محافظاتها الحدودية مع العراق تصحرا مخيفا
تحالف نبني برئاسة الحاج هادي العامري قد وضع على راس برنامجه الحكومي سواء في مجالس المحافظات او الحكومة الاتحادية اعتماد حلول واقعية لحل المشكلة التي يعاني منها المواطن والمتمثلة بازمة المياه وقد حدد مخاطرها ووضع مخططا تفصيليا يتضمن سياسات وبرامج فعالة للحد من تلك الازمة وكذلك وضع استراتيجية للتعامل مع تركيا في هذا الملف بشكل يحفظ حسن الجوار وسحب الذارئع التي تتحجج بها انقرة في علاقتها مع بغداد .. وشعار (نحميها ونبنيها) قد تحقق الوعد الاول منه بشكل حقيقي عندما تصدى للمجموعات الارهابية واليوم ينطلق لبناء وترميم ما تم تخريبه وتلبية نداء الشعب في الخدمات بعد ان لبى نداء المرجعية الدينية في الفتوى المباركة.
https://telegram.me/buratha