المقالات

الشيعة بين الماضي والحاضر


 

بـدر جاسـم ||

 

الشيعة تعني أتباع الإمام علي (عليه السلام) ولغوياً تعني كل من اتبع شيئاً ما فيسمى بشيعته، حتى قال الإمام الحسين (عليه السلام) "يا شيعة ال أبي سفيان..." إن للشيعة تاريخ مليء بالآلام، ولوحات مطرزة بالدماء، وحكايات تترى مليئة بقصص القتل والذبح والتنكيل والتسميل والتشريد والتعذيب والتفخيخ والتفجير والتقطيع ووووو ، ورؤوس تُرتل على رؤوس الرماح ( أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا) وما زال الذبح فيهم جارياً على منحر الولاء دفاعاً عن توحيد الله في الأرض ، لا لشيء إلا لإنهم شايعوا وبايعوا وأحبوا وإتبعوا  محمد وآل محمد صل الله عليه وآله، ويقيناً طريق الآلام هذا سيبقى مُعبداً بالدماء الزكية ومعبداً بالجماجم وأعواد المشانق أملاً بالوصول إلى ذلك اليوم الذي تُرسى فيه أركان دولة العدل الالهي، وقيام قائم آل محمد، وتحقيق حاكمية الله سبحانه وتعالى في الأرض.

ولعمري فمنذ اللحظات الأولى لإستشهاد الرسول الأعظم (صل الله عليه وآله وسلم) فتح باب الظلم مصراعيه على شيعة علي عليه السلام، مابين نبيّ يهجر، وغدير مذبوح، وسُم ناقعٌ، والمسمار ،وصاحبة المسمار وجنينها والضلع المكسور، وهكذا جرّت الدواهي والمصائب والويلات والمحن على شيعة محمد وعلي حتى وقعت الواقعة والنازلة الكبرى في صحراء نينوى فكان ماكان من أمر السماء التي أمطرت دماً عبيطاً على ذبيح الفرات، ليبلغ الشيعة قمم الظلم والقهر على يد آل أُمية والعباس،فأصبح ويقال لإحدهم زنديقاً أهون من أن يقاله شيعي، ودون ذلك فتقطيعاً بسيوف الحكام الظلمة وعسسهم وزبانيتهم .

إن الشيعة كانوا وما زالوا وسيبقون شوكة بأحداق كل حاكم جائر، وصوت عالٍ بوجه الظلم والظالمين و أهل البدع والفسوق، لقد خاض الشيعة صراعاً طويلاً مريراً  مع حكومات الظَلَمة المتعاقبة على مر التأريخ، فلم يخيفهم عقاب، ولم يرهَبَهم ظُلم لطاغية أو مستبدٌ أو مستكبر، أولائك الذين تفننوا في القتل والتنكيل بشيعة علي عليه السلام، فقد بنى المهدي العباسي عليهم أسطوانات قصوره، وسلب هارون العباسي بيوت آل محمد، وهكذا كان دين وديدن الملوك والحكام الطغاة مع الشيعة والموالين لمحمد وال محمد.

إن الشيعة اليوم لسائرون على ذات نهج أسلافهم، وذات طريق ذات الشوكة في خوض الصراع من المستكبرين والحكام الظالمين تأسياً بنهج أئمتهم عليهم السلام في مقارعة الباطل أينما كان ووجد، وتحمل كل تبعات إعلاء كلمة الحق، وهم يعيشون عصرهم الذهبي بكل قوة وإقتدار، وأصبحوا رقماً صعباً في معادلة الصراع الدولية لايمكن تجاهله بأي حال من الأحوال، فمن اليمن إلى فلسطين مروراً بسوريا فلبنان والعراق إلى إيران، قوة إقليمية ناهضة ساعية لإن تكون مصداقاً لقول الله سبحانه وتعالى (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ) فالعدو كان ومازال متربصاً بهم ريّب المنون، ويسعى جاهداً بكل ما أوتي من قوة وحيلة ومكر لتحطيم قيمهم، وتذويب ثقافتهم الأصيلة، وسلخ لباس العفة والطهارة من شبابهم، ولهذا يجب الوقوف بقوة إمام كل هذه التحديات، وعلينا جميعاً تقع مسؤولية التصدي له وكشف مخططاته الشيطانية كالجندر ومشتقاته، والاستعداد الكامل للمشروع العالمي الذي يلوح في الأفق. 

إن عوامل صمود الشيعة عبر قرون عصيبة مرت وما زالت عليهم كان ثمنها، قلم عالم، ودماء شهيد، وكلمة شاعر، وقبل كل ذلك حكمة الائمة (عليهم السلام)، أما اليوم فعلينا أداء دورنا وتحمل ما علينا من مسؤولية، وإلا ستذهب ريحنا، ويكون مصيرنا الاستبدال،والحرمان من أن تكون لنا بصمة في تأريخ جهاد الشيعة المستمر منذ يوم السقيفة ولحد اللحظة. 

والحمد لله رب العالمين

اللهم عجل لوليك الفرج والعافية والنصر.

إنهم يرونه بعيداً ونراه قريبا.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك