محمد الياسري
تعتبر مدينة تلعفر من أقدم المدن في شمال العراق وقلعها العتيدة شاهد على قدمها التي توالى عليها الاشوريين والحيثيين والرومان كما سيطرت عليها الاقوام التركية ابان العصر العباسي وما بعده وحتى في العهد العثماني كانت من اواخر المدن التي انسحب منها الجيش العثماني امام الاحتلال الانكليزي في اوائل العصر المنصرم وبعد سقوط النظام البعثي المقبور وقيام نظام سياسي قائم على اسس شرعية عبر آليات ديمقراطية بقيت تلعفر اسيرة لسياسات ومزاجات سياسيين متقلبة وتحملت نتائج غيرها.
تقع مدينة تلعفر في موقع استراتيجي مميز فهي تبعد عن الموصل 70 كم وعن الحدود التركية 38 كم وعن الحدود السورية 60 كم وتبلغ مساحتها حوالي 44 الف كم ويقطنها ما يقارب 500 الف نسمة وغالبيتهم من القومية التركمانية وتشتهر بالزراعة وتربية المواشي وتلحق بالمدينة 3 نواحي و78 قرية.
طرح اول مشروع لتحويل تلعفر الى محافظة في العام 1977 عندما تحولت النجف الاشرف من قضاء تابع لكربلاء المقدسة الى محافظة ادارية وكانت تلعفر على اللائحة لكنها رفضت لاسباب طائفية مقيتة وبقيت رهينة قرارات من يقرر عنها بدون اي مستوى من التمثيل الاداري وتحملت جراء ذلك الاهمال الحكومي وغياب الخدمات والبنية التحتية وفي مطلع العام 2014 طرح مشروع قرار تحويلها الى محافظة لكن الحكومة المحلية في الموصل وقتها كانت تتعامل بندية مع قرارات الحكومة الاتحادية ورفضت القرار بل قامت بحملة عدائية لاسباب طائفية ومكوناتية وصراعات اريد لتعفر ان تكون وسطها والنتيجة في منتصف العام 2014 أسقطت تلعفر بمؤامرة غادرة لان بقائها بيد السلطة المركزية في بغداد ووجود القوات العراقية فيها يعني فشل مشروع داعش الارهابي في العراق .
اهم الاسباب الموجبة لتحويل تلعفر الى محافظة هو حصولها على تخصيص كاف من الموازنة يؤسس بشكل حقيقي لبنية تحتية في المدينة وتعزيز مواردها الاقتصادية والاستفادة من موقعها الجيوسياسي في طريق التنمية مع تركيا واوروبا من جهة وبالتالي تمثل بوابة اضافية بل اساسية للمشروع الاقتصادي الذي يعول عليه العراق كثيرا .. ومن جهة اخرى تعتبر ممرا حيويا في التجارة بين شرق العراق وغربه وهذا مما يدفع الى تكون خطوط تجارية فعالة في المستقبل.
الدول المتقدمة تعتمد على زيادة المقاطعات والاقاليم او المحافظات وهو ما يطلق عليه الوحدات الاداريه بهدف تعزيز بنيتها التحتية ومواردها الاقتصادية وتنشيط القطاعات المهملة فيها مثل السياحة والتجارة والزراعة والصناعة وهذا ما يدفع الاهالي في تلك المقاطعة الادارية للتعاون وبذل الجهد لابراز المدينة بشكل لائق بل افضل دوما لما لها من تماس مباشر مع مركز القرار في العاصمة قياسا بالمحافظات الكبيرة التي تلاحظ فيها غياب الخدمات ومشاكل ادارية كبيرة وخلافات واتهامات متبادلة بين المسؤولين في تلك المقاطعات الكبيرة وتلاحظ ايضا عدم رضا المواطن على السلطات بشكل دائم بل ربما تجد الحكومة المركزية / الاتحادية تصرف الكثير من ميزانياتها على الوحدات الكبيرة اضعاف مايصرف على الوحدات الصغيرة ولكن وجود السلسلة الادارية او الروتين يعطل دائما المشاريع الحيوية التي يحتاجها الاهالي بشكل دائم وتلجا الدول الى التقسيمات الادارية عندما تبلغ اعداد السكان بالتزايد للتخلص من اشكاليات المتسببة من المحافظات الكبيرة / الاقاليم/ الوحدات الادارية الكبيرة .. وأهم الدول التي اعتمدت على استحداث تقسيمات ادارية بشكل متواصل هي كندا والصين والجمهورية الاسلامية في ايران.
كما ان استحداث وحدات ادارية جديدة بشكل متواصل وفق نسب السكان والموقع الجغرافي والموارد الطبيعية وامكانية تحويلها الى صناعية او زراعية وكذلك في التجارة والطاقة مما يعطي سهولة في التنسيق بين الحكومة المركزية والوحدات الادارية بشكل شفاف وبانسيابية عالية وهذا ما يدفع الوزارات الى سهولة تنسيق الايقاع مع تلك الفئات في الوحدات الادارية مثل سهولة انشاء مدن صناعية في تلك المحافظات الحديثة اذا كانت تتلائم موقعها مع خط التجارة وقربها من مصادر المواد الاولية او اهتمام وزارة الزراعة فيما يتعلق بالثروة الحيوانية بانشاء مدن للمواشي يدفع اثرها وزارة الصناعة لانشاء معامل الالبان او الزيوت اذا كانت المنطقة زراعية مما تعد مصدرا للمواد الاولية وكذلك سهولة رعاية الشباب من قبل وزارتي الشباب والرياضة والعمل والشؤون الاجتماعية وكذلك وزارة النقل في انشاء الطرق السريعة للمدن التي تقع على خطوط التجارة الاستراتيجية وهكذا نلاحظ امكانية تعزيز الموارد في تلك الدول من خلال استحداث تلك الوحدات وهذا ينطبق بشكل كامل …
https://telegram.me/buratha