إنتصار الماهود ||
المرأة هي نصف المجتمع، بل هي أساس المجتمع، تهز المهد في يد وفي اليد الأخرى تحكم، ذلك المخلوق العجيب الذي كرمه الله بالعقل والقوة والقدرة على فعل كل شيء، فتأريخ العراق يزخر بملكات و أميرات وكاهنات قويات تركن بصمة مميزة في تأريخ العراق القديم، بل وحتى في التأريخ الإسلامي كان للمرأة دور مهم، فأصبحت طبيبة وشاعرة وعالمة ومشاركة في الحكم.
لا أعلم ما الذي حدث، وأي فجوة زمنية أو ثقب أسود مررنا بهم!! حتى نرى دور المراة قد تراجع في الحقبة الماضية، وأصبح وجودها حكرا في المنزل فقط، ولا تصلح أن تكون في مراكز صنع القرار والقيادة!!.
لقد كان دور المرأة لفترة ماضية هزيلا وصوريا حتى العام 2003 أي بعد سقوط النظام البعثي وكتابة الدستور الجديد للعراق، فقد عالج المشرع العراقي الوضع القانوني لتمثيل المرأة داخل البرلمان والمؤسسات التنفيذية العليا، من أجل إعطائها دورها الذي تستحقه، حيث أشار الدستور إلى الحق في المشاركة العادلة بين الرجل والمرأة في الإنتخابات والترشيح بما يضمن المساواة وروح الديمقراطية، بل ذهب المشرع أبعد من ذلك من أجل ضمان المشاركة الفعالة في الإنتخابات للمرأة وتبوأها لمراكز مهمة في السلطة التشريعية بأن إعتمد نظام الكوتا، وتعرف الكوتا بأنها تخصيص نسبة من عدد مقاعد الهيئات كالبرلمان ومجالس المحافظات والمناصب العليا في الدولة لضمان وصولهن لمراكز صنع القرار وتشريع القوانين.
إن نظام الكوتا يعتبر نظام حديث نسبيا، فلم يظهر إلا في عام 1995 حيث تم إقتراح العمل به في المؤتمر العالمي الرابع للمرأة من أجل إنصاف تمثيلها السياسي.
وهو ما طبقه المشرع العراقي فعلا بجعل نسبة 25% من المقاعد النيابية مخصصة لها من أجل ضمان الحصول على إستحقاقها والكوتا موجودة في نظامنا البرلماني إضافة للحق الإنتخابي الدستوري،الذي حصلت عليه المرأة في الدورات التشريعية والتنفيذية منذ عام 2006 ولغاية يومنا هذا، حيث كانت حصة الكوتا في الوزارات 2 وزيرة من أصل 22 وزير.
أما التمثيل البرلماني فتراوح بين 78 مقعد للعام 2006، و 97 مقعد في الإنتخابات المبكرة و وحصدت أكثر من 57 سيدة مقاعدهن البرلمانية بإستحقاق إنتخابي كامل وبأعلا الأصوات، في دوائرهن الإنتخابية بعموم العراق دون الحاجة الى الكوتا.
هنا نطرح عدة أسئلة، هل هنالك إنعكاسات سلبية للكوتا في العملية السياسية؟ ما الحاجة بنا الى الكوتا؟ وهل هنالك عزوف من النساء في العراق للإنتخابات أو الترشيح؟.
إن من أكثر الأسباب لإنعكاسات الكوتا السلبية في المجتمع، هو صعود مرشحات بأصوات قليلة لتبوأ مراكز صنع القرار رغم عدم أهليتهن أو قدرتهن في تمثيل جمهورهن، وهذا ما ينعكس سلبا في الثقة المتبادلة بين الناخب والمرشح من جهة، وبين الناخب والعملية السياسية من جهة أخرى.
* هل يوجد حاجة للكوتا في العراق؟ من خلال الإطلاع على التخمين شبه الرسمي لتعداد النساء في العراق، والذي تبلغ نسبته 49.5% من العدد الكلي للسكان، وتقدر بأكثر من 20 مليون نسمة، معظمهن من الشابات اللواتي لهن القدرة على الترشيح والإنتخاب، لا أعتقد أننا بحاجة للكوتا فنحن نصف المجتمع فعلا، وفرص الترشيح يجب أن تكون متكافئة ومتساوية لضمان وصول الأفضل والأكفأ لمقاعد البرلمان، من أجل ضمان حقوق الناخب وتمثيله بصورة صحيحة.
وهذا ما يفتح لدينا باب آخر هو عزوف النساء عن الإنتخاب أو حتى إختيار رجل كمرشح عنها بديلا عن المرأة، ونحن لاسامح الله لا نفكر بعنصرية التمثيل، بل نطمح بأن تصل المرأة لمراكز صنع القرار أسوة بالرجل، فالعزوف عن التصويت والإنتخاب مضر بالعملية السياسية و يتحكم به عدة عوامل منها:
1. قلة الوعي والثقافة السياسية لدى النساء في العراق.
2.الدعاية السلبية ضد قسم من المرشحات وهذا ما يترك إنطباعا سيئا لدى المجتمع النسوي.
3. تلعب قسم من الحركات النسوية و منظمات المجتمع في المدني في العراق دورا سلبيا في الترويج المضاد للمرشحات والناخبات على حد سواء، بالذات مرشحات التيارات الإسلامية المحافظة والمعتدلة.
4. الإختيار السيء لبعض المرشحات من قبل الكتل والأحزاب السياسية، حيث أن مرشحاتهم لا تعدو كونها مجرد ديكور نسوي داخل البرلمان لا تتحرك ولا تأتمر الإ بأمر رئيس كتلتها السياسية.
وفي الختام لا أعتقد أننا بحاجة إلى كوتا بقدر ما تكون الحاجة لنساء قويات مثقفات ملتزمات متزنات ومقتدرات يتبوأن المناصب التشريعية والتنفيذية من أجل القيام بالتغيير الصحيح والأفضل للمجتمع.. وسلامتكم حبوبة.
https://telegram.me/buratha