بـدر جاسـم ||
يأخذ الإنتظار حيزاً واسعاً عند المذهب الجعفري، لأنه أفضل الأعمال، حيث روي عن الرسول الأعظم (صل الله عليه وآله وسلم) أنه قال ”أفضل أعمال أمتي إنتظار الفرج“ وبهذا يحتل الانتظار أعلى مراتب الأعمال، ليأخذ على عاتقه مهمة التغيير، فالإنتظار هو عمل يحول اليأس إلى أمل، والكسل إلى نشاط، والاتكال إلى تحمل المسؤولية.
ماذا ننتظر؟ حتى يصبح هذا الإنتظار أفضل الأعمال، علينا إذاً العمل في هذا المشروع الذي عمل أنبياء الله عليهم السلام على التهيئة والتمهيد له، فالفرج هو قيام دولة العدل الإلهي وإرساء حاكمية الله في الارض، تلك التي ترفع الظلم عن كاهل المظلومين، وعلى يد الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) ويقيناً أن هذه الدولة لا تنزل من السماء، ولا تخرج من الأرض، إنما هي نتيجة عمل دؤوب، وكفاح مستمر، وجهاد مضنِ ، وصبر لا ينفد، لتهيئة كل وسائل وعناصر القوة والاستعداد وتذليل كافة العقبات والصعاب ليسهل قيام دولة الإمام روحي له الفداء ، ولعمري هذا هو الإنتظار الإيجابي، الذي ينافس الأعمال الصالحة، بل ويكون أفضلها.
الإنتظار نوعان، الإنتظار السلبي الذي هو الصبر على سير الأمور وانتظار الإمام دون أن نُحرك يد أو قدم، وأما النوع الثاني من الإنتظار، هو الإنتظار الإيجابي، ويعني الحركة والاستعداد وتهيئة الأرض للإمام وإيجاد قواعد الإنتظار ، إن أهم خطوات الإنتظار، هو معرفة العمل الذي تتطلبه المرحلة، فكل عمل له وقته الذي يضفي عليه الأهمية، أما بعد انتهاء الوقت، وتلاشي أهميته، يصبح بلا فائدة، وإنجاز بلا ثمرة.
الإنتظار الفعلي يتشكل من ثلاثة عناصر، العنصر الأول هو الإيمان، ومن خلال ما يؤمن الفرد به، تتحرك جميع الجوارح حسب ذلك الإيمان، أما العنصر الثاني هو عمل الصالحات، الذي هو ترجمة للإيمان وتطبيق ما استقر عليه الفؤاد، والعنصر الثالث هو التواصي والمسؤولية الاجتماعية، التي تمثل التأثير المباشر بالمجتمع، وأخذ دور المسؤول في إصلاح كل ما هو فاسد، ليعبد الطريق أمام عدل دائم، ونور قائم.
إن إنتظار الفرج هو بحد ذاته فرج، لأن من ينتظر الإمام المهدي (عجل اللّه تعالى فرجه الشريف) لا يركن لأحد سواه، وبهذا ينضوي تحت خيمة الإمام التي هي متداد لرحمة النبي الأكرم (صل الله عليه وآله وسلم) حيث قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) فمن يذكر الإمام بالتأكيد سيذكُره الإمام، وكذلك من يدعو له في غيبته ويدعم ويساند ويسعى جاهداً لتشييد أركان دولته، ويعتصر قلبه ألماً لما يحصل على شيعته، ويعمل لرفع الحيف والضيم عنهم، وحمايتهم من الفتن، فيقيناً سيُسجل إسمهُ من أنصار الإمام وفي ركبه.
إذاً علينا كقواعد منتظرة تقع مسؤولية العمل الدؤوب في تبليغ وتوعية المجتمع برمته ليكون متهيئاً ومستعداً ليوم الظهور الشريف، والحمد لله رب العالمين.
إنهم يرونه بعيداً ونراه قريبا
والحمد لله رب العالمين.
https://telegram.me/buratha