علي السراي ||
صورة استوقفتي، تأملتها ملياً، ليس للأساطير الإغريقية ولا الرومانية ولا اليونانية يد في رسم ملامحها، ماهيتها، ولا كينونتها، وكذا لم يكن لبيكاسو أو مايكل أنجلو أو دافنشي سرٌّ بين خطوطها، سحرها، ألوانها، جمالها، ألقها ،ومحتواها، بل هي لوحة حشدية ملحمية وطنية فراتية عراقية رسمتها ريشة حروف كلمتين اثنتين، خفيفتين على اللسان ثقيلتين على العدوان ( جهاد كفائي ) صاغتهما عمامة مقاتلة ناصعة قادمة من هناك، من بُطنان صحراء كربلاء وحيث تلك الظهيرة الحمراء ، فيممت بوصلة قاربي نحوها ورفعت أشرعة خيالي مبحراً بين أمواجها أتصفح سيماء وجوه سمراء وملامحَ تُحاكي بجمالها أشعة شمس حزيران، رجال لبّوا النداء بأُنوف حمية ونفوس أبية وقبضات حيدرية تهفو قِراعَ الخطب يومَ كريهة وتركب أجنحة المنايا، يحدوها أمل ملاقاة العدو لتُعيد به صولات داحي الباب في بدر وخيبر والأحزاب … صورة جسدت شجاعة علي، وإباء الحسن، وفداء الحسين، وإيثار العباس، حين اقتربت منها قرأتها شعراً ملحمياً خالداً أقضّ مضاجع الظالمين ( أبالموت تهددني يابن الطلقاء ؟ ) وياللهول ما قرأت… إذاً هي قبس من كربلاء وراية عزم وحزم وإقدام ساريتها أكتاف أحفاد أصحاب الحسين عليه السلام… وما أن لامستها حتى علا هتافُ أصمَّ مسامع الخافقين ( لبيك يامهدي لبيك يامهدي ) حينها تيقنت أن انبثاقاً لجيشٍ عقائديّ يعدهُ الله لذلك اليوم الذي طال انتظاره قد ولد في تلك اللحظة …
تُرى ما سرُ تلك اللوحة ؟ هل كانت حُلماً ؟ أم استيحاء لإختبار إلهي؟ أم إمتحان لنا نحن أصحاب شعار ياليتنا كنا معكم؟ أم هو إعداد وتهيئة واستعداد لحدث عظيم ؟
لقد ظن البعض أن دخول الدواعش كان شر مطلق وخطر داهم وموت محقق، إلا أن الحقيقة كانت غير ذلك، فدخولهم كان بداية الألطاف الإلهية التي غشيت الولادة القيصرية لحشد عقائدي لايُقهر ، حشدٌ قائده وعد الله الصادق مهدي آل محمد أرواحنا لتراب مقدمه الفداء، نعم لقد كانت فتوى الدفاع المقدس إختباراً إلهياً لنا لنرى أنفسنا أين نقف؟ ومع من ؟ وأيُ خندق نختار ؟ وهذا لعمري هو الامتحان الذي كان، فمن نجح في إختبار فتوى الدفاع المقدس يقيناً سينجح في إمتحان يوم الظهور المقدس، والسؤال هو في أي معسكر كنت وقتئذ ؟ مع الحسين أم ابن زياد ؟ وذات الجواب يقيناً سيكون حين يأذن الله بقيام قائم آل محمد إمامنا المهدي أرواحنا لتراب مقدمه الفداء، فمن كان في الفتوى في معسكر الحسين سيكون في معسكر المهدي، ومن وقف بوجه الحشد وحاربه ونصب له العداء يقيناً سيكون في الخندق المقابل له، والمغبون فقط هو الذي حارب ولمّا يزل الفتوى ورجال الفتوى الذين هم أحفاد أصحاب الحسين عليه السلام، ويبقى سر تلك اللوحة لُغزاً مبهماً إلا على من امتحنهُ الله بتلك الفتوى ونجح في الامتحان.
أللهم نسألك نفاذ البصيرة، وثبات الإرادة، وحسن الخاتمة بين يديّ الوعد الصادق، وعدم الإستبدال …
إنهم يرونه بعيداً ونراه قريبا
والحمد لله رب العالمين…
https://telegram.me/buratha