كوثر العزاوي ||
طرق ومنحنَيات، وقِبال ذلك، ثمة قواعـد تتيح للإنسان تحديد بوصلته بالاتجاه الصحيح، إذ علينا أنْ نؤمن بِأننا أصبحنا فِي زمانٍ يكثر فيه تَبَدُّل المواقف وتغَيُر النفوس، وتقلّب الأمزجة، وحلحلة الثوابت، مايجعلنا على حذر من الخوض في النوايا وَكثرة الظنُون، سيما وأنّ الله تعالى يقول: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَىٰ سَبِيلًا}الاسراء ٨٤
"والشاكلة" كما ذكر العلماء بمعنی البناء والنسيج الروحي للإنسان والذي يتكون من خلال الوراثة والتربية والثقافة الاجتماعية، كما ذهب بعضهم إلی القول، إنّ الشاكلة بمعنی"الفطرة" مع أن الفطرة واحدة وثابتة،وأما ماعند الإنسان فمتفاوت ومتغيَّر، والقلوب تتقلّب! لذا يسأل الإنسان ربهُ ثبات القلب على دينه، فإنّ الدوافع والأخلاق والطباع والعادات والمزاج والفكر والأعمال مختلفة بين إنسان وآخر، ومن هنا نرى سلوك كل إنسان نابع من قناعاته الشخصيته، ومنظومته الفكرية والروحية والأخلاقيّة، ثم "كل إناء ينضح بما فيه" وهذا النمط والسلوك يتأثر من حيث السلب والايجاب فيظهر في حالات الإنسان وتعاملاته اليومية،لذا ينبغي على كل طامحٍ للوصول أن يبتعد عن البواعث والطبائع غير الملائمة، لئلا تتأثر حركته الانسانية في المجتمع وتتحول الأعمال غير الملائمة إلی مَلَكة ثابتة فيه، مما يؤدي الى خسران المكاسب الثمينة، وبما أن الله "عزوجل"قد جعل طرق الهداية علی درجاتٍ وسلسلة من المراتب المتفاوتة، فهو الأعلم بمَن حسُنت نيّتهُ أكثر من غيره، فإنه سيكون أقرب إلی الهداية في قطع طرق الحركة للوصول التكاملي، لأنّ الهداية نتاج النيّة الحسنة، وثمرة الأخلاص التي تؤتي أُكلها طيّبًا بإذن ربها، ولكن هذا لايعني بالضرورة أن تكون الحياة بلا منغصات وعقبات، وقد ثبت بالتَّجربة العملية أنّ الامور والأشياء تأتي بأسبابها المعقودَة على المفاجآت، وأنَّ العقبات والتعب والوجع والإخفاق والقلق جزءٌ مِن مُرَكّبات "تجربة الإنسان" فهنا تخسر وهنا تربح، كلُّ شيء في هذا الدهر مجبول على الضدّ، وليس ثمة مايوحي بأنّ هذا الوجود جنّة مِن راحة وانسجام، ولا بمنأى عن كمائِن الدنيا وشِراك الشيطان، وقد لا تُبقي من الإنسان سوى أطلال من خيبات وآمال معلقة وذكريات إنسان يعيش الدنيا طموحًا، والآخرة مآلاً، مايعني بأن هناك تقاطعات ومعرقِلات لاشك أنها تعترِض الإنسان لتحبِطهُ وقد تسقِطه عند غياب المناعة والبصيرة!
وتبقى الحياة هي ذلك المتاع الزائل
كما صوره الباري"عزوجل" في قوله:
{إِنَّمَا مَثَلُ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنزَلْنَٰهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخْتَلَطَ بِهِۦ نَبَاتُ ٱلْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ ٱلنَّاسُ وَٱلْأَنْعَٰمُ حَتَّىٰٓ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَٱزَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَآ أَنَّهُمْ قَٰدِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَآ أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَٰهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِٱلْأَمْسِ ۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلأيَٰاتِ لِقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ} يونس٢٤
١-ربيع الاول-١٤٤٥هج
١٧-٩-٢٠٢٣م
https://telegram.me/buratha