( بقلم : سيد صباح بهبهاني )
بسم الله الرحمن الرحيم(لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) البقرة /177 .(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) البقرة / 220 .(وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) الإنسان/8 .(يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ ) البلد/15 .(وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء) النساء /3 .(وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ) النساء /36 .(وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا) النساء /8 .( أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ) الماعون /1 . (فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ) الماعون/2 .(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ) البقرة /220 .وقال تعالى : (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا) النساء36 .ونعم ما قيل في هذا الصدد :وحسبك عارأ أن تبيت ببطنة وحولك أكباد تحن إلى القدوفي الحديث : [ أحب البيوت إلى الله تعالى بيت فيه يتيم مكرم] .قال الرسول صلى الله عليه وسلم من عال ثلاثة من الأيتام كمن قام ليله وصام نهاره وغدا وراح شاهراً سيفه في سبيل الله ، وكنت أنا وهو في الجنة أخوين كهاتين أختان وألصق إصبعيه السبابة والوسطى ) رواه أبن ماجة قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (من مسح رأس يتيم لم يمسحها إلا الله كان له بكل شعرةَ مرت عليها يده حسنات ومن أحسن إلي يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين وفرق بين إصبعيه السبابة والوسطى ) رواهوأعلم عزيزي رحمك الله أن لله عليك حقوقاً محيطة لك في كل حركة تحرّكتها ، أوسكنة سكنتها أو منزلة نزلتها ، أو جارحة قلبتها وآلة تصرفت بها :: بعضها أكبر من بعض وأكبر حقوق الله عليك ما أوجبه لنفسه تبارك وتعالى من حقه الذي هو أصل الحقوق ومنه تفرع ثم أوجبه عليك لنفسك من قرنك إلى قدمك على اختلاف جوارحك ، وهي كثيرة والحقوق الجارية كما ذكرت كثيرة ومتنوعة بقدر علل الأحوال وتصرف الأسباب ، فطوبى لمن أعانه الله على قضاء ما أوجب عليه من حقوقه ووفقه وسدده ، واليوم وقد قرب شهر رجب المرجب وهو من أشهر الحرم وعلينا جميعا أن نكرم اليتيم الذي أصبح من المنسين اليوم وللأسف الشديد ونرى أن الشارع الحكيم سبحانه و تعالى قد أكد وشدد في موضوع كفالة اليتيم ورعايته أعلاه والآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة تؤكد لناأن إكرام اليتيم والمحافظة على أمواله وتنميتها والأنفاق عليه واجب على كل مسلم مستطيع، فمن كان كافلا لليتيم قائماً على رعايته بتقوى الله فليستبشر، ومن كان مقصراً فليستغفر.، فإن ظلم اليتامى وإيذاءهم وأكل أموالهم بالباطل حرام وظلم وسحت، نسأل الله أن يجيرنا من ذلك ، وقال تعالى في الآيتين الكريمتين مرة يصف أمره في حق ذي القربى ومرة اليتيم ..: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) النحل/ 90 .(وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) النور /22 .ومن هنا ين ينظر التشريع الإسلامي إلى أن المال هو ملك لله عز وجل ، والناس مستخلفونفيه ، وقد دعا الإسلام إلى العدالة الاجتماعية ، ووضع منهجاً متوازناً في التوزيع الاقتصادي لحل مشاكل المجتمع . ومن الجدير ذكره أن التفاوت المعاشي بين أفراد المجتمع ، ولا سيما ذوي القربى يحرك نار الحقد والكراهية ، ويؤجج روح الصراع ، ويقود إلى مشاكل النفسية والتخلف والأجرام في أحيان كثيرة . لذا دعا الإسلام إلى حلّ مشكلة الفقر والتغلب عليها . وبالإضافة إلى دعوته إلى العمل والمثابرةولبناء الروابط والعلائق الاجتماعية المتماسكة بين ذوي الرحم والقربى ..مساعد اليتيم و دعا الإسلام الإنسان إلى صلة الرحم بكل ما يعزّز العلاقة ، ويعمق الرابطة النفسية والوجدانية مع رحمه وذوي قرباه ..نظر يا أخي إذن التربية تلعب دورا أساسياً في هذه المجالات وهنا الواجبات والاهتمام بشؤون الأرحام والأيتام من ذي القربى خاصة ،حل مشاكلهم ومثلا تقديم الهدية والتهنئة بما يرهم ، والتعزية بما يؤلمهم وعيادة مريضهم والتواصل كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وعلى أصحابه السلام : [ صلوا أرحامكم ولو بالسلام ] .وفي الآية 215 سورة البقرة تؤكد النفقة على اليتيم إذا لم يكن لليتيم مال فإن النفقة عليه تكون واجبة شرعا على قريبه الغني - من باب صلة الرحم - وقد اعتبر الله تعالى النفقة على اليتيم الفقير من أقرب القربات اليه، ومن أعظم وجوه الخير التي ينبغي على المسلم أن ينفق أمواله فيها.ومن نفس السورة آية 177 أعلاه يؤكد إذا لم يكن لليتيم قريب غني فكفالته والنفقة عليه واجب شرعي واجتماعي يقع على جميع أغنياء المسلمين وحق في عنق كل مسلم .وأما هدي المصطفى في التحذير من أكل مال اليتيم فقوله عليه الصلاة والسلام: (اجتنبوا السبع الموبقات: قالوا يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله - والسحر - وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق - وأكل الربا - وأكل مال اليتيم - والتولي يوم الزحف - وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات) متفق عليه. وفي سورة النساء الآية /6 يطلب الله تعالى من الأوصياء على أموال اليتامى أن يتعففوا عن الأكل من هذه الأموال إن كانوا من الأغنياء، ويقنعوا بما رزقهم الغني الحميد، وإن كان الوصي فقيرا فله أن يأخذ اجرة ادارته لأموال اليتامى حسب العمل الذي يقوم به.وكما يؤكد ويحذر سبحانه وتعالى في سورة النساء الآية /3 . الوصي على أموال اليتيمة من التعسف واستغلال وصايته وولايته عليها وعلى أموالها، فيكرهها على أن تتزوج بأحد أبنائه طمعا في استبقائها هي ومالها تحت سيطرته.وكما يؤكد لنا وجود نفوس قاسية قلوبهم فلم يعاملوا اليتيم معاملة حسنة ولم يعطفوا عليه بل ولم يكرموه أو ينفقوا عليه من مال الله الذي بسطه عليهم ،بل دعوه دعا عنيفا بجفوة وغلظة الفت نظرك يا عزيزي أن مثلهؤلاء لا يوجد في نفوسهم إيمان حقيقي، فلو تأكد لهؤلاء الإيمان بالله واليوم الآخر والجزاء والحساب لما أقدموا على - دع اليتيم وظلمه وقهره، بأكل ماله، وعدم الإحسان إليه وعدم العناية به والرعاية لشؤونه، ومن رحمة الله تعالى باليتيم أمره جل جلاله بالمحافظة على أموال اليتيم وتنميتها واستثمارها بأمانة بالغة ورعاية حازمة دون المغامرة فيها، قال تعالى أعلاه مؤكداً من سورة البقرة /220 . عزيزي أستمع إلى قول الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه حين جعل منزلة ومقام كافل اليتيم عند رب العالمين كمنزلة النبيين، قال عليه الصلاة والسلام: (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما) رواه البخاري وأبو داود والترمذي. وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى أصحابه السلام يمسح على رؤوس اليتامى رأفة بهم وشفقة عليهم ، امتثالا لأمر الله تعالى : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ) في سورة الضحى آية 9 . أي لا تقهره، ولا تذله بقول أو فعل أو نظر، حتى لا يشعر وكأنه منبوذ أو كالخادم في بيت كافله، فيراعي حالته النفسية، حتى ينشأ اليتيم سوي السلوك، مستقيم الأخلاق، حكيم التصرفات، محبا للخيرات والطاعات، غير معقد في سلوكه أو منطو على نفسه، أو حاقد على أهله ومجتمعه، أو جانح للشرور والآثام، فعلى كافل اليتيم أن يكون له كالأب الرحيم، يعامله كما يعامل أولاده ويساويه بهم في المأكل والملبس والمشرب والعمل. ويذكر الله جل جلاله الرسول محمداً صلى الله عليه وآله وعلى أصحابه السلام لقوله تعالى : (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى ) الضحى/6 يذكره أن اليتيم ضعيف يستدر رحمة الرحماء ، ويستجلب حنان ذوي الشفقة الأتقياء ..يذكره كيف ولد يتيما بمكة المكرمة ، وكيف كفله جده عبد المطلب ، ثم توفى الله أمه آمنة وهو في السنة السادسة من عمره ،ثم توفى جده عبد المطلب وهو في السنة الثامنة من عمره ، فتعهده عمه أبو طالب رغم فقره وكثرة عياله وهكذا سخر الله له قلب جده وعمه ، فلم يشعر بفقدان الحنان ، وألم الحرمان ، لأنه كان محل عناية الله . نعم إن نبينا صلى الله عليه وآله وعلى أصحابه السلام ، عرف ما يهز مشاعر اليتامى ، ومايواسيهم، وما يفرح قلوبهم، وما يكدر خواطرهم، وما يؤلمهم، وما يسعدهم، فأمر بإكرامهم، وأوصى بهم خيرا، وحث على إيوائهم وحسن معاملتهم، قال الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم: (خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه، وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه) رواه ابن ماجة. وللأسف اليوم من لليتامى في مثل هذه الظروف ... يتغافل كثير من الناس ، شغلتهم أموالهم وبنوهم ، في الوقت الذي أمر به القرآن الكريم بإكرامهم وتخفيف معاناتهم وتعريف الناس بمصيبتهم وبالظروف العابسة التي أحاطت بهم وأطفأت الابتسامة من على هذه الوجوه الصغيرة. وفي القرن الماضي كانوا الناس ارحم وأن أيمانهم كان أكثر استحكاماً من اليوم الذي نعيشه ولكن يوجد من هذا الصنف المؤمن أيضا كما قيل لو خليت قلبت ..!وعلى الرغم أن الإسلام والقرآن والسنة النبوية تكرم اليتيم وأن نظرة الإسلام إلى مجتمع اليتامى نظرة إيجابية واقعية فاعلة ، لعب فيها عنصر الأيمان وحافز الثواب دوراً أساسياً . فهم في المجتمع المسلم ليسوا عالة على المجتمع ولا عبئا على أفراده ، وإنما هم من المنظور الشرعي حسنات . حافز الأجر هذا هو الذي جعل الأم الصابرة تتعلق بأطفالها بعد وفاة زوجها في صورة مشرقة من عطف الأمومة على الطفولة . فهجرت الزينة والتبرج ، ونزعت الراحة من نهارها والنوم من ليلها تحوطهم بأنفاسها وتغذيهم بدمها قبل حليبها حتى ذهبت نضارتها لم يهزمها الموت بل اعتبرته جزءا من استمرار الحياة ، فالآن يبدأ دورها . لم تكتف هذه الأم الطيبة بدور الأمومة ، وقرنت إليه كفالة الأيتام أيضا ، فمنحت ليتاماها بصمودها هذا أمتن عروة يستمسكون بها تغنيهم عن البحث خارجا عمن يأويهم ، ثم شكر النبي لها ومدحها فجاءت جائزتها مجزية وثوابها مضاعفا . مشهد بليغ يصوره هذا الحديث الشريف ، في رسالة واضحة إلى المجتمع مضمونها : أن الأم أولى باليتامى من أنفسهمأن الأمومة هي الملاذ الثاني لليتيم بعد الأبوة . فليس بعدها إلا الضياع أو يد محسن . ( أمومة بديلة) إن كان هذا ممكنا في أم مع أولادها لأنهم قطعة منها ، فهو ممكن أيضا مع كل امرأة صالحة تريد القيام بهذه المهمة الشريفة مع أطفال ليسوا منها . مع أجر أكبر وثواب مضاعف حتما.ويا عزيزي أن كنت تؤد الفوز بجوار الرسول محمداً صلى الله عليه وآله وعلى أصحابه السلام ساهم في مشاركة بناء الأخلاق الاجتماعية الأصلية وشد وحدة روابط الوطن (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) المطففين /26 .المحب المربي
https://telegram.me/buratha