زمزم العمران ||
"إنَّ الصَّبْرَ لَجَمِيلَ إِلا عَنكَ، وَإِنَّ الْجَزَعَ لَقَبِيحُ إِلا عَلَيْكَ، وَإِنَّ الْمُصَابَ بِكَ لَجَلِيلٌ، وَإِنَّهُ قَبْلَكَ وَبَعْدَكَ لَجَلَلٌ"
- الإمام علي عليه السلام عَلى قَبرِ رسول الله صل الله عليه وآله ساعة دفنه
كانت السيدة فاطمة عليها السلام من اشد الناس حباً لرسول الله صل الله عليه وآله وسلم ، وقد حزنت حزن كبير من فراق ابيها فكتبت السيدة فاطمة عليها السلام، في رثاء ابيها رسول الله صل الله عليه وآله وسلم قائلة : اغبرَّ آفاق السماء وكورت ، شمس النهار واظلم العصران ، والأرض من بعد النبي كئيبة ، اسفاً عليه كثيرة الرجفان ، فليبكه شرق البلاد وغربها ، ولتبكه مضر وكل يماني ، وليبكه الطود المعظم جدُّه ، واليت ذو الاستار والاركان ، ياخاتم الرسل المبارك صنوه ، صلى عليك مُنَزِّل الفرقان ، نفسي فداؤك مالرأسك مائلاً ، ماوسدوك وسادة الوسنان .
في وصف بليغ لمقام النبي الاعظم للسيد الخامنئي (دام ظله الوارف)، ان رسول الله الاعظم، هو مجموعة متكاملة من فضائل كافة الأنبياء والأولياء على مر التاريخ، فعندما نذكر اسم النبي الاعظم فكأنه تتبلور وتتجسد في هذا الوجود المقدس، شخصية إبراهيم ونوح وموسى وعيسى ولقمان وجميع عباد الله الصالحين وشخصية أمير المؤمنين وأئمة الهدى (عليهم السلام ).
النبي الاعظم هو انصع مجرّة في الكون، بحيث يضم الالاف المنظومات والشموس الساطعة للفضيلة والكرامة ؛ ففيه العلم المقرون بالأخلاق، والحكومة المقرونة بالحكمة ، والعبادة المقرونة بخدمة الناس، والجهاد المقرون بالرحمة ، والعشق الالهي المقرون بعشق خلق الله، والعزة المقرونة بالتواضع، والحداثة المقرونة ببعد النظر، والصدق مع الناس رغم التعقيدات السياسة، وذوبان الروح في ذكر الله المقرون بسلامة الجسم، وفيه الدنيا مقرونة بالآخرة، والأهداف الإلهية السامية المقرونة بالأهداف الإنسانية الجذابة، انه النموذج الاكمل لخلق الله الذي لم ياتِ من هو اكمل منه، انه المبشر والنذير والشاهد والناظر، والداعي للبشرية إلى الله ، والسراج المنير في طريق الإنسانية، قال تعالى : ( انا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولاتسأل عن أصحاب الجحيم ).
يوافق الثامن والعشرين من صفر ، ذكرى وفاة النبي الأعظم ، سيد الكائنات ، هذا اليوم الذي شهد أعظم مصيبة في تاريخ البشرية ، في موسم الحج السنة العاشرة للهجرة اجتمع رسول الله صل الله عليه واله وسلم خطيباً فحمد الله واثنى عليه تعالى " أمابعد أيها الناس ..لاأدري لعلي لا. القاكم بعد عامي هذا ، ان دماءكم واعراضكم واموالكم ، حرام عليكم كحرمة يومكم هذا ، ألا هل بلغت ؟ اللهم فأشهد ، أيها الناس أنما المؤمنون أخوة ، ولايحل لأمرئٍ مال اخيه ، الا عن طيب خاطر ، فلاترجعوا بعدي كفاراً ، يضرب بعظكم رقاب بعض ، فأني تركت فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فأنه نبهني اللطيف الخبير ، أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض .. أيها الناس أن ربكم واحد ، وأباكم واحد ، كلكم لآدم وآدم من تراب " .
وهكذا خسرت الانسانية بوفاة حبيب الله شخصية ملأت الدنيا نوراً وعطاء ، فسلام على خاتم الانبياء حبيب الله محمد وعلى آله الطاهرين ، وماتزال الدنيا تعاني من مصيبة فقدانه حتى يظهر أبنه ووصيه الثاني عشر ، الأمام القائم المهدي المنتظر ، والذي بُشر به في احاديث كثيرة وكذلك الكتب السماوية الأخرى ، والذي سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً ، وهو من ولد فاطمة ومن ولد الحسين عليهم السلام ، فسلام على رسول الله محمد صل الله عليه وآله وسلم ، يوم ولد ويوم بُعث لهداية البشرية ويوم توفي ويوم يُبعث حيا .
https://telegram.me/buratha