( بقلم : غالب حسن الشابندر )
ليس لأحد الحق أن يمنع الأخر من النقد ، فحق النقد مقدس ومكفول لدى أصحاب العقول الراجحة والنفوس ا لكبيرة ، ولكن شريطة أن يكون النقد موضوعيا ، بعيدا عن التحامل والتسقيط ، أقول ذلك وأنا أقرا مقال السيد رشيد ا لخيون في جريدة الشرق الاوسط عن السيد عادل عبد المهدي ، يعالج فيها زيارة وزير الخارجية الفرنسي العراق ، حيث حل ضيفا على السيد عادل عبد المهدي في قرية ( أبو هاون ) ، وليس بغداد ، مما أثار حفيظة السيد الخيون معتبرا إياها خارجة على الاعراف الدبلوماسية !!
وفيما يستهل السيد الخيون مقالته بالحكم على الزيارة بانها غير منضبطة بالمعايير الدبلوماسية يدخل مباشرة للحديث عن تاريخ السيد عادل عبد المهدي ، غامزا باستقامته السياسية والفكرية ، مسترجعا تاريخ أبيه المشرق ليجعل منه مدخلا لتوثيق تلكم الادانات المزعومة ، وهو أسلوب لا يمت بصلة إلى اللياقة الثقافية بقدر ما يمت بصلة إلى السلوك العدواني المثير للخوف على مصير الفكر والثقافة ، خاصة وإن المقالة تعرضت لشؤون شخصية وعائلية يجب أن تكون بمنأى عن كل إثارة وإشارة ، فتلك ذمم يجب علينا إحترامها وتقديسها .يبدو أن وزير الخارجية الفرنسية يحتاج إلى درس في تعلم الأعراف والقوانين الدبلوماسية على يد السيد الخيون ، وإلا لما وقع في هذا الشرك الذي نصبه له جهله بهذه الاعراف ، وبالتالي ، كان ضحية لذكاء السيد عادل عبد المهدي !
يستكثر السيد الخيون على نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي إنتقاله من مدرسة سياسية إلى أخرى ، حيث يرى في ذلك سبة وتهاويا ! مما يعني أن السيد الخيون كما يبدو يؤمن بأن العقل عبارة عن أزلية متسقة مع ذاتها ، وبالتالي ،يجب أن تخلد ا لعقول على سابق عهدها ولا تنظر إلى الأمام أبدا !
السيد الخيون ماركسيا ، ولكنه يتغنى بمدرسة الا عتزال البغدادية والبصرية وهي بالتحليل الاخير مدرسة ميتفايزية تنتمي إلى الغيب ا ولا وآخرا ، إن كان السيد الخيون حقا يفهم منطق المعتزلة وكلامهم ، على أننا لا ندري هل استمر السيد ا لخيون مخلصا لمبادئه الماركسية وهو يتقاضى مكافاة شهرية من جريدة الشرق االاوسط المحسوبة على المملكة العربية السعودية كما يقولون ؟ وهل من أدبيات الليننية أن يوظف قلمه النزيه لمدح حكاما وأمراء تحسبهم الماركسية مصاصي دماء شعوب ، وعبدة الا مبريالية الأمريكية والانكليزية؟
السيد الخيون يتجاهل بأن نائب رئيس الجمهورية السيد عادل عبد المهدي هو الذي نجح في إسقاط ديون العراق لأمريكا التي تقدر بأربعة مليارات دولار ، وهو الذي يسعى بجد واجتهاد إلى عودة العراق للصف العربي ، وكانت جهوه محل تقدير وتثمين الكثير من القادة العرب ! ثم هل يغيب عن ذهن السيد الخيون إن عادل عبد المهدي وهو يتنقل من مدرسة إلى أخرى في رحاب الفكر يغني المكتبة العربية ببحوثه وقراءاته العميقة والدقيقة، مما يعني وبكل وضوح إنها نقلة ضمير لا نقلة مصلحة كما يريد أن يصورها السيد الخيون ، فهل قام السيد الخيون بقراءة لتاريخ هذه النقلات على ضوء ماكتب ونظر السيد المهدي ، وها هو يقدم القراءت المعمقة للنهوض في العراق ، ويعد من أكثر الشخصيات العراقية تواصلا مع أهل الاختصاص والكفاءات . لست هنا في معرض الغمز بكتابات السيد الخيون عن الترا ث الاسلامي ، ولكن أ قول إن كلامنا يجب أن يكون موزونا عندما نقيم النقلات الفكرية للناس ، خاصة ذوي المستويات الراقية في الفكر والثقافة .
يطرح السيد عادل عبد المهدي مشروع الدولة المدنية ، ويستند في تصوراته إلى مدارس الفكر الاقتصادي والسياسي العلمي ، وربما طروحاته التي طالما يتقدم بها عبر وسائل الاعلام تشهد على ذلك بكل وضوح ، ولعل ممّا يشفع للسيد عادل عبد المهدي أن يكون صاحب مشروع الدولة المدنية رغم إنتمائه إلى الاسلام . فهي محاولة إذن لنقل الإسلام من مدرسة دراويش وإ رهاب وتعنت وأكليروس إلى مدرسة مجتمع متفتح نشط ، مجتمع يقوم على مشروع قيم الحداثة والتطور والتقدم ، فكان الاولى بالسيد الخيون أن يلحظ هذا الجانب المشرق ، ولا يعمِّي عليه بشكل مقصود.
ترى ما الذي نتج عن زيارة السيد وزير الخا رجية ا لفرنسي لقرية ( أبي هارون ) ؟تعهدت فرنسا بتسليح الجيش العراقي تسلحيا حديثا ، فهل إنتبه ا لسيد الخيون لهذا المكسب الكبير الذي يعد من أهم مقومات أمن قومي عراقي ؟ يعيب السيد الخيون على نائب رئيس الجمهورية اشتراكه الرمزي بعزاء سيد الشهداء الحسين ، ويصمه بالوصولية لاغراض سياسية دعائية ، ترى أي مسؤولية يتحملها الكاتب وهو يكيل مثل هذه التهم ؟ هل السيد الخيون قاض أم كاتب ؟ يبدو أن السيد الخيون قارئ جيد للسرائر فيما هي من أختصاص الله وحده كما نعلم ، ولكن هل هي جديدة على السيد عادل عبد المهدي أن يعلن عن ولائه لاهل البيت عليهم السلام ؟
ألم يتهمه السيد الخيون أنه يرأس حزبا دينيا ؟ إذن لماذا هذا الاتهام بالوصولية والرجل قد وضع روحه على كفه في شمال العراق ؟ ليس صعبا على السيد عادل عبد المهدي أن يكون أحد أزلام صدام ، ولا صعبا عليه أن ينأى بنفسه عن الاغتيال والسجن والتشريد ، حيث مصير كل من ينتمي إلى الماوية أو الاسلام !
أن يقدم السيد عادل عبد المهدي على مقارعة النظام الديكتاتوري، ويعمل على تعريف العالم بمظلومية أهل الناصرية ، ويطرح مشروع الدولة المدنية ، ويسقط ديون العراق ، ويشارك في عزاء الحسين برمزية ، ويعيش قيم العروبة ، إنما يفي بكل ذلك لشعبه أولا ، ولفكره ثانيا ، ولأبيه ثالثا ، والناس تعرف من هو عاق أ بيه.
https://telegram.me/buratha