إنتصار الماهود ||
الساعة الآن الواحدة ظهرا، المكان ساحة عدن والزحام خانق جدا في هذا الجو اللاهب، أردت العودة لمنزلي على وجه السرعة لكن لاتوجد سيارات، فقط عربات التك تك، قلت في نفسي لم لا صحيح إن المسافة كبيرة نسبيا للمنزل لكن لم لا أجرب!!.
أجرت إحدى عربات التك تك المتوقفة وركبت فيها، من يقودها فتى حدث لم يتجاوز سني مراهقته، فسألته ” خالة عليك ابو فاضل تعرف تسوق يعني نوصل بأمان لو ما تدبرها؟ گلي حتى من هسة أبطل، ترة الروح عزيزة “.
أجابني مبتسما ” لا خالة أمني ترة آني جاكي بالسياقة ومحد يلحگني “.
دمدمت في نفسي “لنصعد والاعمار والحوادث بيد الله وحسب التساهيل، أريد ان أصل للمنزل فقط قطعة واحدة “.
لم تظهر عجلات التك تك في شوارع بغداد الا بعد العام 2015،حينما بدأ العراق يستوردها من بلدها الأم الهند.
إن لإستيراد التك تك فوائد طبعا ومضار بذات الوقت.
أما بالنسبة لفوائده كيلا يتهمونني بالتشاؤم والسلبية تجاه عزيزتنا التك تك فهي أرخص ثمنا من السيارات إذ يبلغ سعر إحداها بين (2000/2500) دولار، وهي لاتتطلب رخصة قيادة لحائزها، فهي أقرب للدراجة النارية ومن السهل قيادتها حتى من قبل المراهقين والأطفال، وتدخل الى الشوارع الصغيرة والأماكن الضيقة التي لا تستطيع سيارات الأجرة دخولها، وتتخلص من الازدحامات بسهولة، وهي تعتبر حلا مثاليا لإمتصاص جزء من البطالة، فالكثير من العاطلين عن العمل إقتنوا التك تك وهم يعملون بها في شوارع العراق.
أما مضار التك تك والتي نستطيع تشخيصها بزيادة أعداد الحوادث المرورية بالذات في شوارع العاصمة بغداد، بسبب جهل من يقودها بأبسط قواعد السير،وتهورهم، فمعظمهم من المراهقين والأحداث، والتسبب بزيادة الإزدحامات الخانقة في العاصمة، حيث وصل عددها لمليون عجلة في بغداد لوحدها وأنا لا أريد أن آخذ هذا العدد على محمل الجد فالرقم لوحده كارثي جدا، إضافة لزيادة أعداد السيارات في بغداد لوحدها، والذي تجاوز 4 ملايين عجلة ومن المحتمل أن يصل الى 5 مليون بداية عام 2024 حسب تصريح ينسب الى السيد مدير المرور العامة اللواء طارق إسماعيل ، للعلم إن شوارع بغداد مهيأة فقط لاستيعاب 250_300 الف سيارة، فتصميم الشوارع والطرق لم يتم تحديثه منذ الثمانينات ، رغم ما نراه من محاولات بين الحين والآخر من توسيع للطرق في العاصمة من أجل فك الاختناقات المرورية، وهذا مما يسبب إرباكا كبيرا في عرقلة إنسيابية السير، وهذا يضعنا أمام عدد مهول من الحوادث المرورية التي تجاوزت ال 8000 حادث فقط في عام 2020، كان للتك تك حصة لا يستهان بها منه.
لنعد لصديقي أحمد الفتى الذي يقلني، لا أعرف أكلما يقل أحد معه يتفاخر بتكتكه الذي شارك بثورة تشرين كما يدعي، وكأنها حرب تشرين التي خاضها العرب ضد اليهود وانتصروا عليهم في عام 1973، أم أنه لمس في نفسي حبي للحشد، وأراد ان يغيضني بكلماته ”خالة تعرفين هذا التكتك شارك بثورة تشرين العظيمة ونقلنا جرحى بيه هواي مو مثل ذول الذيول الحشد الي يحبون ايران وما يحبون العراق، إحنا نحب الوطن وطلعنا للوطن “
لم أتمالك نفسي فقصفته بفراستي المعتادة ”بعد خالتك اولآ إسمها مو ثورة، هاي تظاهرات، تعريف الثورة يختلف حبوبة ، وثانيا الجرحى الي نقلتوهم شكد قابل بالالاف؟؟، مثلا وثالثا الحشد مو ذيل، الحشد حمانا وحمى عرضنا ووكف ع الساتر، وشال سلاحه ودافع عنا، بوكت كومة زلم عدهم شوارب ومحد يحب الوطن مثلهم طفروا لتركيا، ثم تعال أكلك أنت شكد عمرك وشاركت بتشرين بلة انت يا مواليد؟؟ “.
أجابني أحمد والكلام بعصبية يخرج منه ” خالة شبيج هاي ثورتنا ضد ظلم الطبقة الشيعية السياسية الفاسدة الي دمرت البلد ونهبته، خالة شعليج بمواليدي، ترة اني جبير 2007 مواليدي مو طفل، بس ملحك عليهم “.
أجبته ضاحكة “خاب خالة حتى شهادتي الجامعية أكبر منك ب 5 سنوات، وانت يعني بحساب العرب جان عمرك كله 12لو 13 سنة، يمته ولك لحكت تصير ثوري وعندك راي؟، إبني أكبر منك و إذا سولف بالسياسة بالچفچير وعلى صماخه، واجبه اله دراسته وبس، وأنتم لوما دعم البزاز وحق الله لا توصلون للتحرير ولا تهتمون لأحد، خاب خالة احد كلك اني جاية من المريخ وما أعرف شيصير؟؟، ما علينا گول لأخوك الكبير الي انطاك التكتك بعد لا تسولف بطولاته، وآخر شي قبل لا أنزل حبوبة الطبقة السياسية بيها سنة وشيعة و كورد، بيهم الفاسد وبيهم الخوش آدمي ويخدم بلده، بلا سموم لعقولكم بعدكم صغار، خالة نزلني أكمل لبيتي مشي ما لازم ساعة السودة الصعدت بيها وياك “.
ترجلت من التك تك وأنا أتأمل كلام هذا الحدث و أحلله كعادتي، إن دور الإعلام كسلاح ذو حدين، في تمرير الافكار، فإما ان يكون دوره إيجابيا ومفيدا، وإما يكون ساما ويكون كخنجر مغروز في ظهر أهله ويؤذيهم ، أنا لا اقصد ذلك الخنجر الذي تعرفونه لا سامح الله ههههه، فالتغطية على فساد الساسة السنة والكورد مقصود و مؤدلج، وإظهار الشيعة و سياسييهم كأنهم هم سبب الفساد فقط، أمر مرتب له أكيد وجملة ” الشيعة مو مال حكم “، قد ترسخت مع الأسف في عقول جيل كامل من أولادنا يحارب نفسه بنفسه، لا أعلم كيف السبيل لتوعيتهم، فالجهود الفردية وحدها لا تكفي، بل نحتاج لجهد كبير حكومي ومجتمعي من أجل إصلاح وترميم الكثير من الأفكار الخاطئة و إنقاذ شبابنا، علينا أولا مراقبة الأعلام بكل فروعه( مسموع، مرئي، مقروء، تواصل إجتماعي) ، وتحييد دوره وتنقيته من الشوائب، وذلك بمراقبة ما تبثه الفضائيات من تلك الأفكار الهدامة والبرامج التافهة التي أحدثت فجوة كبيرة وإختلالا في عقول الشباب وعلاقاتهم مع أسرهم وعلاقتهم بالمجتمع ، هي ليست مهمة مستحيلة لكنها مهمة صعبة تحتاج تظافر للجهود كي نحقق الهدف المنشود.
وبقت يم الله حبوبة
https://telegram.me/buratha