جمعة العطواني ||
مركز افق للدراسات والتحليل السياسي
الخميس 7/ 9/ 2023
انتهى الجدل الدائر منذ سنين على شكل ومضمون الهوية العراقية، هل هي اسلامية،ام عربية، ام ليبرالية.... الخ.
والهوية كما يعرفها اهل الاختصاص هي مركب من مجموعة عوامل اذا اجتمعت تمظهر شكل هذه الهوية واتنماؤها.
رجحان كفة اي جزء من اجزاء ذلك المركب يعني بروز هذه الهوية وانتمائها الى ذلك الاتجاه.
زيارة الاربعين لسيد الشهداء حسمت الجدل خلال العقدين الماضيين، واثبتت تلك الزيارة ان هوية العراق اسلامية – حسينية بامتياز.
القومية ليست جامعة للعراقيين كما هو معلوم، بل انها تمثل تهديدا وجوديا لوحدة العراق واستقلاله واستقراره، والوطنية العراقية بمفردها ليست (جامعة مانعة) لكل العراقيين كما هو معلوم، فهناك شرائح مهمة واساسية في العراق لا تؤمن بالعراق كدولة وطنية تصلح للعيش على المدى الطويل، والاخوة الكورد ( سياسيون وحتى شرائح اجتماعية ) تذهب بهذا الاتجاه.
لم يبق للعراق الا الاسلام الاصيل، ومنبعه سيد الشهداء الذي يمثل امتدادا حقيقيا وواقعيا للاسلام المحمدي الاصيل الذي جاء به الرسول الاعظم صلى الله عليه واله وسلم هو الذي يمثل هوية العراقيين كل العراقيين .
فالحسين ضحى باغلى وجوده من اجل الانسان، واي تضحية اغلى من الروح والنفس وفلذات الكبد من اجل الانسانية ؟ وهو الهدف السامي للاسلام الاصيل.
الكثير ممن تاجروا بالاسلام من اجل نزوات شخصية ونزوات اجتماعية حتى في صدر الاسلام والى يومنا هذا، وتصدوا للمسؤولية في قيادة الامة ليس ايمانا منهم بقيم الاسلام ومبادئه، بل وجدوا ان تلك الشعارات يمكن ان تكون سبيلا لتحقيق اهدافهم الشخصية والمصاديق كثيرة في هذا المجال.
اما الحسين فقد ضحى بكل وجوده من اجل الانسان وقيمه الاسلامية .
الوطنية بمعيارها السياسي لم تعد جامعة لكل المكونات العراقية كما هو معلوم، فهي وكما يقول اهل المنطق ( مفهوم مشكك) له اكثر من مصداق متفاوت في الخارج.
الا الحسين بن علي عليهما السلام فهو الجامع لكل العراقيين، بل لكل الاحرار في الدنيا.
وهذه زيارة الاربعين التي تعد بكل حق معجزة القرن العشرين في كثافتها وتنوعها العرقي والقومي والديني والمذهبي، تجمعهم كلمة واحدة وهوية واحدة، والجميع يسترخص كل شيء من اجل الحسين، ماله وجهده وعرقه المتصبب من جبينه احياءا لثورة المعصوم العظيم .
في هذه الشعيرة المليونية، بل هي قليلة النظير في مليونيتها حسمت الصراع على الهوية العراقية، فالعراق بملايينه الزاحفة صوب كربلا حسيني الهوية اسلامي الوجود.
معجزة زيارة الاربعين وقضية الحسين هي احد اكبر معاجز الاسلام، وهذا الكلام ليس عاطفيا كما يتصوره البعض، بل انه الحقيقة الانصع لمن لديه ادنى اطلاع على تاريخ الاسلام منذ وفاة رسول الله الاعظم الى يومنا هذا.
لا نتصور ان هناك دينا او مذهبا او شخصية ثائرة تتعرض الى ما تعرض له سيد الشهداء واهل بيته، فضلا عن الاسلام من التشويه والتغييب والحرب المعلنة بالسلاح احيانا والقلم والفكر احيانا اخرى ويكتب له البقاء والخلود كما كتب لسيد الشهداء عليه السلام .
فمنذ ان اغمض رسول الله عيناه بدا التامر على الاسلام واهل بيته من الخارج المتمثل باليهود، او الدخل المتمثل بشلة المنافقين والمتربصين بالاسلام واهله.
حاربوا الاسام بشتى الحروب العسكرية والفكرية، حتى وصل الحال ان يتسيد الاسلامَ اعداءُ الاسلام، وبخاصة في حقبة بني امية وبني العباس، فكان اغلب الامراء ما بين منكر لوجود الله او فاسق مستهتر بقيم الاسلام، وبامكانك ان تقرا تاريخ يزيد بن معاوية والوليد والامين ابن هارون العباسي وغيرهم كثير، اذ تجد الانحطاط والزنا بالامهات والعمات، واللواط في ابشع صوره، فهم نسخة قديمة لمحاربة الاسلام في عصرنا الراهن، والمتمثل بالمثلية الجنسية التي يدافع عنها اليوم العديد من الليبرالين العراقيين تحت مسميات لا تختلف كثيرا عن المسميات في ذلك العصر.
اكثرمن ذلك فان التاريخ الاسلامي قد كُتِبَ بايدي اعداء اهل البيت في (الاعم الاغلب)، فعليك ان تتصور اي تشويه لصورة اهل البيت في صراعهم مع اعداء الاسلام قد وصل الينا من ذلك التاريخ الزائف؟.
تعاقب الحكام العرب والمسملون خلال قرون طوال على نفس النهج السياسي والثقافي الذي اختطه بنو امية والعباس، المبني على اساس الازدراء بتاريخ اهل البيت، بل وبالاسلام واحكامه وقيمه تحت شعارات التحرر والتقدم ورفض الرجعية والتخلف.
قرون وقرون يتعرض الاسلام واهل بيته الى طمس الهوية والغاء تاريخهم المشروق الخالد، لكن بالمقابل نجد ان هذا الوجود الاسلامي الحسيني يتجدد في كل عام، ويتحدى كل المستكبرين والمستكبرين والمجرمين، فضلا عن المتهتكين والمؤرخين المزيفين.
تندثر كل المأثر الزائفة التي كتبها وعاظ السلاطين واقلام البلاطات الاموية والعباسية ومن تلاهم من انظمة عربية مستهترة وفاسقة ويبقى تاريخ الحسين واهل بيته، ويبقى الاسلام خالدا بخلود الحسين عليه السلام .
فاي معجزة في الوجود اكثر من هذه ؟
هل تريدون دليلا عقلائيا اكثر من هذا على معجزة الحسين وثورته ؟ وعلى الاسلام وخلوده؟ وعلى الباطل المتمثل بكل من وقف بوجه الاسلام وثورة الحسين بالسيف او الاقلم او الفكر اكثر من هذا؟.
الا يشرفنا كعراقيين ان يكون هذا الرجل الخالد المعصوم والقيم الاسلامية التي يحملها هوية لنا؟ فاي شرف اعظم من هذا ؟ واي هوية اطهر من هذه؟ واي جامع لنا اكبر من هذا؟
https://telegram.me/buratha