بقلم : سامي جواد كاظم
هذه منقبة من مناقب أهل بيت النبوة عليهم السلام فحواها في نص هذه الرواية :بحار الأنوار للمجلسي : عن أبي سلمة ، قال : حججت مع عمر بن الخطاب ، فلما صرنا بالأبطح فإذا بأعرابي قد أقبل علينا فقال : يا أمير المؤمنين ! إني خرجت وأنا حاج محرم فأصبت بيض النعام ، فاجتنيت وشويت وأكلت ، فما يجب علي ؟ قال : ما يحضرني في ذلك شيء ! فاجلس لعل الله يفرج عنك ببعض أصحاب محمد . فإذا أمير المؤمنين قد أقبل والحسين يتلوه .فقال عمر: يا أعرابي هذا علي بن أبي طالب فدونك ومسألتك، فقام الأعرابي وسأله، فقال علي: يا أعرابي ! سل هذا الغلام عندك - يعني الحسين - فقال الأعرابي : إنما يحيلني كل واحد منكم على الآخر ! فأشار الناس إليه : ويحك هذا ابن رسول الله فاسأله ! فقال الأعرابي : يا ابن رسول الله ! إني خرجت من بيتي حاجا محرما ، - وقص عليه القصة - . فقال له الحسين : ألك إبل ؟ قال : نعم ، قال : خذ بعدد البيض الذي أصبت نوقا ، فاضربها بالفحولة فما فصلت فأهدها إلى بيت الله الحرام . قال عمر : يا حسين ! النوق يزلقن . فقال الحسين : يا عمر ! إن البيض يمرقن . فقال: صدقت وبررت، فقام علي وضمه إلى صدره وقال: ( ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ).لا اعلم من أين ابتدأ هل من قلة إدراك خليفة المسلمين بالأحكام الفقهية أم بالعقلية الرائعة للإمام الحسين (ع) لا هذا ولا ذاك ابتدأ به ، فهذا امر ظاهر للعيان ولكن أود الكتابة والتعليق عن ابعد من ذلك .
إن ما يستحق التنويه إليه إن الخلافة في الإسلام والتي تعني اليوم الرئاسة والمملكة والإمارة فهي تعني الإلمام بكل أمور المسلمين او من يكون في معيته هي المتصدية لإصدار الأحكام والتشريعات وفي كل المجالات لا ان تفصل السياسية عن الدينية حيث هذا أمر غير معتاد عند المسلمين بدليل الإعرابي الذي حصل له إشكال شرعي فانه لاذ بخليفة المسلمين وإذا يفاجأ بان الخليفة لا دراية له بأمر الدين ، تخيلوا لو لم يقدم علي (ع) فماذا كان يعمل الخليفة إما يترك الإعرابي في حيرته من غير جواب وهذه الفوضى والتخبط بالدين بعينه أو يستنبط حكم جديد حاله حال غيره من الأحكام التي ارتجلها على حساب النص مثل المرأة التي اتهمت بالزنا فأمر برجمها من غير تفقه ولولا استجارتها بعلي بن أبي طالب (ع) لقتلت .
الأمر الأخر وهو يعطينا بعدين أخلاقي وتنظيمي الأخلاقي هو عدم استعجال او تدخل الإمام الحسين (ع) في إجابة الإعرابي إلا بعد الإذن له من قبل أمير المؤمنين (ع) وهذا أمر كثير ما يحصل حيث هنالك بعض المسائل التي تعرض على أمير المؤمنين (ع) كان يكلف الحسن او الحسين عليهما السلام في الإجابة عليها لأبعاد معينة لدى أمير المؤمنين (ع) لا اعتقد انها تغرب عن عقل اللبيب .
والأمر الأخر ان الترخيص الذي منحه أمير المؤمنين (ع) للحسين بالإجابة هو بعينه عملية منح الاجتهاد من المجتهد إلى من وصل درجتها . الرائع في هذه الرواية هو إجابة الإمام الحسين (ع) والتي لو تمعنا جيدا لعرفنا العلم اللدني الذي يتمتع به الإمام الحسين (ع) والذي استقاه من جده وأبيه وأمه.
فهل تعلم عزيزي القارئ إن النعامة لا تختلف في شيء عن الجمل باستثناء الريش وعدد الأرجل اما العنق الطويل والأرجل الطويلة والسنام والحجم هي بعينها لكلا الحيوانين ، وهذا جعل الحكم الذي أصدره الحسين (ع) بمساواة النعامة بالناقة ، كما وان إجابة عمر عن احتمال البيض لا يفقس تدل على قصر وجهل هذا الرجل فلم ينتبه إلى إن كثير من النوق لا تلد ، وهنا تتدخل القدرة الإلهية لأمر غيبي علينا الا وهو العدل الإلهي ، حيث ان عملية ولادة الإبل التي هي بعدد البيض عملية يجعلها الله عز وجل تتساوى النتائج فيها إذا ما فقس البيض او ولدت الإبل .هل التفتم الى الجهة التي تصرف فيها الابل حال ولادتها انها تهدى للكعبة أي توزيعها للفقراء الذين لا يجدون قوت يومهم ، من هذا يتضح ان اكثر الاحكام الالهية التي تخص الله عز وجل من عبادات يامر بها البشر اذا ما اخل فيها تكون عقوبتها اطعام مسكين فالمفطر عمدا في شهر رمضان عقوبتها اطعام مساكين والذي يقسم باطل عقوبته اطعام مسكين والخمس موارد صرفه للفقراء ابتداءا كما هو الحال للزكاة ، والهدي الذي يذبح في موسم الحج يتم صرفه للفقراء ، اما الاخلال بالاحكام الشرعية التي تخص المسلمين فيما بينهم نجد ان العقوبة من دية وغير ذلك تخص المتخاصمين دون غيرهم .
واخر ركن يجب الارتكان اليه ان عمر عندما قال للحسين (ع) ان النوق يزلقن فعندما اجابه الحسين (ع) قال له ياعمر ولم يقل له يا خليفة المسلمين او ياامير المؤمنين لانه يعلم ان هذه الامتيازات محصورة في ابيه بوصية من جده عليهم السلام ، بل حتى لم يقل له يا ابا حفص او ابن الخطاب وهذا دلالة واضحة على مكانة عمر عند الحسين (ع) ولعل حادثة توبيخ الحسين (ع) لعمر عندما كان الاخير يجلس على منبر رسول الله (ص) تؤكد ذلك . واخيرا رائعة الامام علي (ع) بذكر اية تنطبق عليهم والتي يعد تفسيرها تفاصيل الرواية والترخيص العلوي للحسيني بالاجابة فاكدت حقا انها ( ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ) فكم من اية نزلت في حق اهل البيت حاول المرجفون تحريفها ؟ ولكن هيهات لهم ذلك .
https://telegram.me/buratha