سامي التميمي |
هذه العبارة كنا ولازلنا نرددها في مجالس العزاء التي نقيمها في ذكرى أستشهاده الأمام الحسين ع وأهل بيته ع ، ومن ذرية الرسول الأكرم محمد ص خاتم الأنبياء والرسل .
في كل عام نقيم المجالس وننصب العزاء ونلبس السواد ونبذل الطعام وكل مامن شأنه أن يخفف العناء على الزائر لمرقد الحسين ع ، وبعضنا يمشي مسافات طويلة
وأخرى قصيرة .
ياترى هل كلنا سائرون بنفس الأتجاه الصحيح ، بنفس القلوب المؤمنة المطمئنة ، بنفس العزيمة والأرادة والثبات ، أم هناك أخطاء بعضنا يدركها ويتجاهلها ، ولايعمل على تصحيحها ، وغير مستعد لتغيير نهجه ومسار خطه وسلوكه .
كان الرسول محمد ص ، دائما مايختبر أصحابه وقادة جيشه والعاملين تحت حكمه ورعايته ، وكان الأمام علي ع ، قد تعلم وسار على نفس نهج الرسول محمد ص ، في أختبار أصحابه وقادة جيشه والعاملين تحت حكمه ووصايته ، فكان لايخوض حرباً إلا عندما يتم التأكد من صدق النوايا والعزيمة والثبات والأيمان الحقيقي ، فكثيراً ماكان يؤجل الحروب والعمل ، عندما تكثر شكوكه ، وكان يكثر من أستبدال القادة والعاملين في أدارة دولة الأسلام ، التي كان يقودها ، وكان حريصاً على تولية المناصب للأفضل بكل المقاييس .
وكذلك كانت مسيرة ونهج الأمام الحسين ع في أتباع خطى جده الرسول محمد ص وأبوه علي المرتضى ع .
لم يبايع ولم يهادن ولم يرضخ للضغوطات والأغراءات من أجل الدين والعقيدة والمبادئ .
فقد سار متوجهاً الى كربلاء بأهل بيته وأصحابه وثلة من المؤمنين ، لتصحيح مسار دولة الأسلام التي أغتصبها معاوية بن أبي سفيان وأبنه يزيد بن معاوية ، وجيروها لصالح أقربائهم وأصحابهم وملذاتهم وشهواتهم .
فلذلك كان أختبارات عديدة سبقت أختبار العاشر من محرم ، وضح بهالأمام الحسين ع ، بأنه لامفر من الموت والشهادة فأن جيش اللعين يزيد بن معاوية وأمواله وأعوانه وحصاره كثيرة ، فمن أراد البقاء ونصرة الأسلام والرسول محمد ص وآل بيته ع ، فاهلا وسهلاً به ومن يريد الذهاب فهو حل من أمره ، ففعلا غادر ممن في قلبه طمع وخوف ، ولم يبقى سوى أنصار قلة ثبتوا على النصرة والأيمان فكانت تسميتهم (بأنصار الحسين ع)
وجاءت خطبة الأمام الحسين ع في ليلة العاشر من محرم المحطة الأخيرة وهي أختبار كبير وحكمة ورسالة لأصحابه وللمؤمنين وللأنسانية جميعاً .
يقول فيها :
أما بعد ! فإني لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي، فجزاكم الله عنّي جميعا خيرا .
ألا وإنّي أظنّ يومنا من هؤلاء الأعداء غداً، ألا وإنّي قد أذنت لكم فانطلقوا جميعاً في حلّ ليس عليكم مني ذمام، وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً .
فقام إليه ( مسلم بن عوسجة ) فقال: أنحن نخلّي عنك ولمّا نعذر إلى الله في أداء حقك؟؟ لا والله حتى أكسر في صدورهم رمحي وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي. ولا أفارقك ولو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة دونك حتى أموت معك !! وقال سعيد بن عبد الله الحنفي: والله لا نخليك حتى يعلم الله أنا قد حفظنا غيبة رسول الله صلى الله عليه وآله فيك.
والله لو علمت أني أُقتل ثم أحيا ثم أُحرق حياً ثم أُذرّ، يُفعل ذلك بي سبعين مرة، ما فارقتك حتى ألقى حمامي دونك، فكيف لا أفعل ذلك وإنما هي قتلة واحدة ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً؟ وقال زهير بن القين: والله لوددت أني قُتلت ثم نُشرت ثم قُتلت حتى أُقتل كذا ألف قتلة وأن الله يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتية من أهل بيتك .
* والله لا نفارقك"
فهكذا أستشهد الجميع ولم يبقى إلا النساء والأطفال ، وكانوا أول الناس السائرون في طريق كربلاء ، طريق الحرية ، طريق الأباء ، بعد أن عبده الأمام الحسين ع وأهل بيته وأصحابه بدمائهم الطاهرة الزكية . وبالمناسبة لم يكن ذلك الطريق سهلاً ، فكان الأمام علي بن الحسين ع وهو عليل يصارع من أجل نصرة القيم والمبادئ ، وكثيراً ماتعرض للتعذيب والضرب والسب والشتم ، وكذلك كان دور بطلة كربلاء هو الآخر صعب وشاق للغاية ، لأنها كانت تدافع عن الأطفال والنساء
المسبيات تحت وظأة سياط جند عبيدالله بن زياد .
فلذلك علينا أن نختبر دائماً أهلنا وأصحابنا وقادتنا في الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى والعاملين في أدارة دولتنا ومؤسساتنا وأحزابنا هل هم سائرون في طريق كربلاء الصحيح ، أم مجرد ( حشر مع الناس ) .
https://telegram.me/buratha