سعد الزبيدي ||
يمر الكاتب بظروف نفسية تجعله في حيرة من أمره فيجلس ممسكا بقلمه تبرق الأفكار ولكن تخونه الحروف والكلمات فلا يعرف كيف يلج ليلجم تلك الصور المتناثرة ولكنه يفشل مرة إثر أخرى فيغمض عينيه ويغوص في الظلام يبحث عن بصيص أمل فيفتح عينيه ويعود بخفي حنين ويمرر القلم بين أصابعه ويحك رأسه وينظر في الأفق لعل الفكرة تسامت مع الغيوم ويظل يلف ويدور حول نفسه بلا جدوى. يمزق الورقة وينثرها مع الريح ويرفع الراية البيضاء ليعلن استسلامه وعجزه عن كتابة كلمة واحدة.
لعن الله السياسة سأكتب عن شيء آخر عن المجتمع وماذا في المجتمع غير السياسة فكل حياتنا له علاقة بالسياسة الملعونة.
سأكتب عن الماضي، الحاضر، بل المستقبل وهل لنا مستقبل في بلد تقوده الفوضى منذ عقود وكل شيء يبدو ضبابي وغير مرئي فلا أمل في الغد الذي انتظرناه طويلا ولكنه عصي ولن يأتي أبدا.
كم من ورقت بيضاء وصلت حدود الوطن لكنها تأبى أن تهاجر وتعود أدراجها تحمل سطورا من هموم البؤساء.
كأيامنا الماضية التي حملت آمالنا وأحلامنا تساقطت من شجرة الحياة مثقلة بالجراح نمني النفس ونسقيها كؤوس الصبر حد الثمالة.
ككل المحاربين الذين عجزوا عن حمل السلاح فأحتضنوا بندقيتهم القديمة وراحوا يقلبون ألبوم صور قديمة وهم يبحثون عن آثار الحروب في خارطة إجسادهم. من هذا الذي يقيد روحي المفعمة الهمة والنشاط لماذا لم أعد كما كنت أهكذا هي النهاية مرة بائسة ليس كما في الروايات التي ادمنا قراءتها في عهد الصبا؟!
يتلفت يمينا شمالا يبحث عن شيء لا يعرفه ماهيته يعود مطأطأ الرأس إلى قلمه ليستله ويكتب جملة أخيرة :- يوما ما كنت هنا.
يا لها من جملة تختصر قرونا ماضيات من سنرحل ذات يوم ويطوينا الزمن كما ضم هذا الترتب رفات الكثير ما بين أمير وفقير.
ماجدوى الغيمة التي تسافر فوق صحراء جدباء لا روح فيها ولا حياة؟!
هكذا تتشابه كل النهايات فلا شيء يستحق أن نتألم في رحلة سنودعها يوما ما.
بكى القلم وتمسك بالاصابع وعانقت الحروف السطور وصرخت الورقة لا تمزقني أبدا فأنا بدونك لا إكون...
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha