علي هاشم الركابي ||
برير بن خضير رضوان الله عليه، من أصحاب أمير المؤمنين المقربين منه وحوارييه، وكان برير عابداً قارئاً للقران بل كان شيخ القراء، وكان يصلي المغرب والصبح بوضوء واحد، لكثرة ملازمته للعبادة وتهجده وقيامه الليل.
عندما سمع برير بقيام الإمام الحسين، لحقه وهو في مكة، وسار معه الى كربلاء ورافقه في كل خطواته حتى أستشهد معه في كربلاء.
وقد قام برير بنصح القوم عدة مرات، بنصائح تدل على علو بصيرته ومعرفته بأهل البيت، أبرزها ليلة العاشر، حيث ذهب الى عمر بن سعد وجلس بقربه من دون أن يسلم عليه، فأستغرب عمر بن سعد وقال: يا أخا همدان لم لا تسلم علي! ألست عبداً مسلماً يشهد أن لا اله الا الله وأن محمداً رسول الله؟
فأجابه برير:
لو كنت عرفت الله ورسوله كما تقول لما خرجت إلى عترة رسول الله تريد قتلهم، وبعد فهذا الفرات يلوح بصفائه ويلج كأنه بطون الحيات تشرب منه كلاب السواد وخنازيرها..!
لكن ابن سعد لم يتعض بالطبع، لأن ملك الري أعماه.
ومن مواقفه المميزة في يوم عاشوراء ان أحد أنصار عمر بن سعد يدعى يزيد بن معقل كان عثمانياً، فخرج يزيد لبرير وقال له:
كيف رأيت صنع الله بك يا برير؟
فقال برير: والله ما رأيت الا خيراً !
فقال يزيد: ألست تزعم أن علي إمام هدى وعثمان إمام ضلال ؟
فأجابه برير: نعم وهذه عقيدتي الى الآن.
فقال له يزيد: كذبت وما كنت قبل اليوم كاذباً (لاحظوا حتى عدوه والذي سيتقاتل معه بعد دقائق يقر بأن برير صادقاً دائماً ولم يكذب أبداً).
فأتفقا على أن يتباهلا ويقتل الله الكاذب، فتباهلا وتقاتلا وقتل بريرُ يزيدَ وأرسله الى جهنم، وبقي برير يقاتل حتى تكاثروا عليه وأستشهد، فرحمة الله عليه.
وهكذا لو تأملنا سيرة برير لوجدنا العديد من المواقف العظيمة له التي ينبغي التأسي والإقتداء بها، لكننا نود التركيز على أحد المواقف، وهو:
في صباح يوم العاشر، كان برير يتمازح ويضحك مع بعض الأنصار!
فقال له حبيب رضوان الله عليه: هذه ليست ساعة مزاح يا أخي!
فأجابه برير: وأي موضع أحق من هذا بالسرور!
أرجو من الجميع التأمل في هذا الموقف، رجل يعلم ومتيقن تماماً أنه بعد ساعات قليلة سيقتل ويذبح ويقطع أرباً أرباً ويقطع رأسه ويحمل على الرمح ويطاف به في البلدان، وهو في قمة السعادة والسرور والإرتياح والثبات النفسي لدرجة أنه يمزح ويضحك لشدة إطمئنانه !
هل تتخيلون شدة اليقين والاطمئنان الذي يمتلكه هذا الرجل!
إن برير يعلم جميع المنتظرين للإمام الحجة عجل الله فرجه درساً في غاية الأهمية وهو:
ما دمتم مع إمام زمانكم فيجب عليكم أن لا تخافوا ولا تقلقوا ولا تضطربوا أبداً!
ولو قاطعكم جميع الناس ولو هجركم جميع الناس ولو طردتم وشردتم ولو قتلتم وذبحتم ولو جرى لكم ما جرى، ما دمتم مع إمام زمانكم يجب أن تكونوا مثل برير ثابتين مطمئنين نفسياً وعقلياً وروحياً، لا يهزكم شيء في الدنيا !
ففي كل موقف إن أحرزتم أنكم مع إمام زمانكم فيجب عليكم أن لا تكترثوا ولا تبالوا بما يحصل وما يجري لكم وبما يقول ويفعل الناس عنكم وبكم!
وما أعظمه من درس لو عملنا به !
https://telegram.me/buratha