محمد حسن الساعدي ||
منذ العاشر من المحرم الحرام سنة 61 هـ، وما زال الإعلام الأموي يصوب سهامه، نحو استهداف الثورة الحسينية، التي بشهادة سبط النبي، ولدت الأمة الإسلامية من جديد،واستيقظت من سباتها،..
الدولة الأموية كانت تعتقد أنها ستبني مجدها يوم العاشر ، وان رجال يزيد سيكتبهم التاريخ أبطالا، نعم كتبهم ولكن في صفحاته السوداء.. بالمقابل كتب التاريخ الحسين وأهل بيته، عليهم وألهم أفضل الصلوات، وأصحابه الأخيار النجباء، بأحرف من ذهب وظلت قبته تناطح السحاب وتعانقها ملائكة السماء.
يصف الإمام الحسين حال المجتمع في زمانه؛ فيعتبر أن أهله باتوا عبيدًا لدنياهم، وأن انتمائهم للدين، وحديثهم في أمور الدين، صار سلعة تلوك الألسن الترويج لها، بغية استدراج العطايا من سلطان المال والسياسة، ولا يخفى أن من استخدم الدين لغاية ما، فهو أقرب ما يكون لبيعه وتركه، عندما لا يوصله الدين إلى غاياته المصلحيّة والشخصيّة.
يقول سيّد الشهداء عليه “الناس عبيد الدنيا، والدين لعق على ألسنتهم، يحوطونه ما درّت به معائشهم فإذا مُحِّصوا بالبلاء قلّ الديّانون”.
ما زالت ذكرى عاشوراء وأحداث الطف، حية باقية في ضمائر الأحرار،فمهما حاولت ألآت الظلم أن تشوه أو تمحو تلك"الحرارة" في قلوب المؤمنين،او تطمس معالم تلك الثورة لن تستطيع،كونها خارطة ألهية خطت بأمر الخالق،لتكون مستقبل الأجيال القادمة .
الثورة الحسينية ليست طقوساً مذهبية أو شعيرة أسلامية،بقدر ما هي موقف وذكرى إنسانية،أحيت قلوب الشعوب جميعاً بغض النظر عن اللون والدين والمذهب،وبدأت تتذوق تلك المعاني الحقة لثورة الإمام الحسين،لأنها "الدرة" التي أضاءت في ضمائر الأحرار،وتنادت بها شعوب الأرض، لأنها تلامس مطالبهم في الحرية والكرامة ورفض الظلم .
التطور والوعي لدى الشعوب أستطاع أن يفتح الأذهان وينير القلوب حول ماهية هذه الثورة، وأهدافها التي ضحى من أجلها سيد الشهداء، بنفسه وأهل بيته وعياله وأصحابه، وأرتضى سبي نساءه،ما لم يكن هناك هدف كبير يسمو بتحرير الناس من العبودية وإنهاء الظلم الأموي في كل مكان وزمان،لتثير الأسئلة وتلفت الانتباه وتشكل نقطة جذب فطرية جديدة للإنسانية التي أذلوها..
هذا يشكل خطراً على الظالمين في هذه الشعائر، وهي شعاراتها الثورية التي توقض الضمائر(هيهات منا الذلة، لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، إنما خرجت لطلب الإصلاح في امة جدي، أن كان دين محمد لا يستقم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني).
زيارة مليونية عالمية يشترك فيها من كل لون ودين وعقيدة،وهم يقبلون أعتاب العشق الحسيني، ويعيدون هذا العشق متجددا كل عام ، بكاء ودموع ورثاء، عطاء وضيافة فريدة لا تصدق تذهل القريب والبعيد، مدينة صغيرة أسمها كربلاء تحمل بين شوارعها الملايين من المحبين، لذة نفسية وهيام وحنين متجدد، دواء لكل مرض وانس لكل وحشة، أنها نافذة سحرية إلى الله، يدركها ويتذوق معانيها كل موحد ومن كل دين..
هذه الشعائر هي الجبهة الوحيدة المتبقية، لمواجهة الانحطاط والبهيمية العالمية.
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha