( بقلم : باسم العوادي )
طالعت الكثير من المقالات التي كتبت خلال اليومين الماضيين عن ربطة عنق المالكي التي تحولت الى ـ قميص عثمان ـ واستخدمها الكثير من الحمير وعديمي الأدب والثقافة وسأثبت لكم صحة كلامي هذا بالدليل العقلي من موقفهم الناقد لرئيس الوزراء العراقي الذي لم يرتدِ ربطة العنق خلال لقاءة بالمرشد الأيراني الأعلى السيد على الخامنئي.
قد يتسأل قارئ ولماذا هذا السب والشتم ، أقول له هذا سياسة ومنهجية ـ كلموا الناس على قدر عقولهم ـ فهناك من لايستطيع ان يفهم غير هذه اللغة التي تناسبة وإلا ما رأيكم بمن يرفض التأدب والأخلاق وحسن معاملة الناس وخفض الجناج والتواضع في اظهار صورة العراقي امام الدول و القيادات ؟؟؟؟ ستقولون كيف وما علاقة ذلك بربطة عنق المالكي ؟؟؟ أقول يحتل الخامنئي منصبين مهمين في ايران الأول هو منصب ولاية الفقية الذي وصل اليه بالانتخاب والثاني هو منصب المرجعية الدينية فهو واحد من اكبر مراجع ايران من حيث نسبة التقليد حاليا وبالتالي فاظهار الاحترام له مع مراعاة كبر سنة وموقعة الريادي في الخارطة السياسية الشرق اوسطية اليوم تجعل اي شخص يبادر لاحترامه ذاتا ولاظهار حسن تفهم العراق و العراقيين وان كانوا من اصحاب المسؤولية الكبيرة لمشاعر الشعوب و القيادات إسلاميا وعربيا برز لدى العرب أدب خاص الفت فيه العديد من الكتب سمي بأدب ـ مخابطة الملوك ـ احتوى على المئات من القصص التأريخية التي تحدثت عن ملوك وامراء استخدموا سياسية حسن التصرف وحسن الخطاب لكي يتنزعوا من مقابليهم الاحترام والتقدير وما يريدون من مطاليب بدون عناء ونصب
صدام وحسني وسيادة الرئيس :يقول الرئيس المصري في لقاء صحفي طالعته في منتصب التسعينات بعد حرب احتلال الكويت ومذكراته عن صدام حسين ان واحده من اشد القضايا التي جلبت انتباه لمرات عديده إنه لاحظ صدام حسين يخاطبه ياحسني ، فيقول صمتت على ان اخطابه ياسيادة الرئيس وهكذا كلما قال ياحسني قلت نعم ياسيادة الرئيس وعلل ذلك بانه كان باستطاعته ان يبادل صدام نفس العبارة بدون اللقاب ومشيئا على عادة صدام برفع الكلفة وعدم التأدب لكنه يؤكد انني حاولت ان أشعره بمخاطبتي له يا سيادة الرئيس بان احسسه قيمته نفسه ومكانته كرئيس جمهورية وليس شيء آخر وعليه احترام مكانته ومراعاة لسانه وطريقة مخاطبته للزعماء الآخرين ، في التفاته تظهر مدى تأدب الرئيس المصري حسني مبارك واحترامه لمشاعر صدام وان حاول صدام فعل عكس ذلك فالرئيس يبقى رئيس بتصرفاته واحترامه للمقامات العليا التي تقابله .
فيصل الأول وعبد العزيز والتدخين : واحدة من قصص التأدب التي كتب عنها التاريخ الحديث ، ان في اول لقاء جمع بين الملك فيصل الأول ملك العراق والملك عبد العزيز آل سعود ملك العربية السعودية قد حصل بعد منتصف العشرينات ورغم حالة العداء التي كانت ولا تزال مستمره داخليا بين العائلتين عائلة آل سعود والعائلة الهاشمية لاسباب سياسية ، فالهاشميون يقولون ان السعوديين اقصونا من حكم الحجاز ، والسعوديون يؤكدون ان الهاشميين يريدون العودة لحكم الحجاز باي وسيلة وهكذا ورغم الخلافات الحادة بين العراق والسعودية آنذاك وتعرض الحدود العراقية للحملات العشائرية والوهابية جمع لقاء مهم بين الملكين فيصل وعبد العزيز في منتصف اللقاء فاجئ فيصل الأول جميع الحضور معتذرا للخروخ لدقائق ثم العودة الى الاجتماع سمح له الملك عبد العزيز وانتظره الى ان عاد واكملا اللقاء تؤكد القصة ومن رواها من المؤرخين السعوديين ان الملك عبد العزيز سئل الخدم والحراس في القصر ماذا فعل فيصل الأول خارجا ثم عاد ، فقالوا له ان دخن سيكارة وعندما انتهى منهى اطفئ عقبها واستعد ثم عاد الى القاعة ليكمل الاجتماع ، أما لماذا فعل ذلك الملك فيصل الأول فقد كان رحمه الله محبا للتدخين لكنه يعلم ان الوهابية تحرم التدخين وان الملك الذي يقابله لايدخن ، وان كان من حقه ومن حق كل ملك كضيف ان يدخن بدون ادنى ضرر او مانع لكن اخلاق العالية ورغم اختلافه السياسي مع الملك عبد العزيز واحترامه للمشاعر الدينية والمذهبية والدولة التي يتواجد فيها يحتم عليه ان يتصرف بأدب ولياقة عالية تجعله محط احترام وتقدير عند مضيفية ، وبالعفل تؤكد القصة ان تلك الحادثة قد كسرت كل جسور عدم الثقة بين عبد العزيز وفيصل الأول وبقى عبد العزيز يجل فيصل ويحترمه حتى وفاته .
ان الأدب والاخلاق التي يجب ان يتأدب بها اي زعيم في مقابلة اي زعيم آخر هي نصف الطريق الذين يربط بين الأثين وما يمثلانه من حضارة وتاريخ وعادات وتقاليد وبالخصوص اذا كان أحدهم أكبر سنا او اكبر تجربة سياسية او اعلى مرتبة دينية او عليمة . مئات الرؤساء والملوك والأمراء والوزراء عندما يذهبون الى اوربا ينزعون ملابسهم التقليديه ويرتدون البدلة الحديثة وربطة العنق ليس تنكرا لأصولهم وازيائهم بل لمحاولة ايصال رسائل الى العقل المضيف تساعد على هدم الهوة والفواصل وكسب التعاطف واظهار التأدب والتأثير على نفسية المضيف مع الاحتفاظ طبعا بالخصوصية.
أدب الراعي من ادب الرعية : عندما خلق رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ربطة عنقه فهو دليل الأدب والاحترام وهي التفاته تشرف العراق والعراقيين بان يكون لهم رئيس وزراء يحترم الأخرين ويحاول من خلال تصرفاته ان يظهر احترامه لمضيفه والدولة والعادات والتقاليد التي يسير عليها فهي ربطة عنق لا تقدم ولاتأخر ، واذا توقف الأمر على كسب ود وتعاطف قيادة ايران ووقوفها مع العراق على خلع ربطة عنق اذن فلتذهب ربطة العنق الى الجحيم لكي يقول الآخر ان العراقيين مؤدبين ، اضف الى ذلك ان المكان الذي يتواجد فيه الخامنئي يدخل بدون الاحذية فهل هناك من سيتعرض ويقول يجب على الوفد العراقي ان لايخلع احذيته لان ذلك اهانة للعراق فتصبح مكانة العراق مربوطة بخلع حذاء او لبس ربطة عنق ، اي دولة تافهة تلك و ان شعب مسكين ذلك الذي يقيم بربطة عنق او حذاء ياحمير !!!!!
عديموا الادب والثقافة هم من اعترض على خطوة المالكي المؤدبة والتي كانت لتحسين صورة تفهم العراقيون للآخرين وعاداتهم وتقاليدهم ، حتما انه سيصعب على قليل الأدب ان يفهم مداليل نموذج الرئيس حسني ومبارك ومداليل موقف الملك فيصل الأول ومداليل كذلك تصرف المالكي لانها خطوات تحتاج الى مستوى كبير من الاستعداد النفسي الذي يفتقد اليه عديمي الأدب والثقافة .
المهزومون دائما واصحاب النفوس الضعيفة هم من يتصورون دائما ان كل خطوة هي تنازل ، أما الحمير الذين اعتبروا في الخطوة اهانة للعراق فأنا أقول لهم يا حمير ان الدولة التي تكون قيمتها ربطة عنق هي دولتكم وليست عراقنا ، العراق قيمته التاريخ والحضارة المليئة بقصص الأدب والتأدب وحسن الخلق ، وطبعا سوف لن تفهموا كلامي فشتان بين من تربى على الخلق وفهمه ومن تربى على عكسه .
باسم العوادي
https://telegram.me/buratha