محمد علي السلطاني ||
مع بدايات القرن العشرين ، بدأت طلائع الصهاينة تزحف بهدوء نحو فلسطين ، مستغلين دعم وتعاطف البروتستانت المنقطع النظير ، والحماية العسكرية التي وفرتها بريطانيا حينما كانت فلسطين تحت الانتداب البريطاني وبصمت وتواطئ عربي وعالمي ، وتحت ذرائع واهداف دينية وتأريخية مزعومة أخذت أعداد الصهاينة تتكاثر يوم بعد يوم ، وأخذ زحفهم نحو القدس الشريف يتقدم خطوة بعد أخرى ، وما ان تشكلت أول نواة بؤرة الاستيطان ، حتى شرعت هذه البؤرة بالنمو والتمدد على باقي الأراضي الفسطينية ، مستعينة بكل أساليب المضايقة والعنف والترغيب والترهيب ، وعاماً بعد عام استفحلت هذه الغدة وخرجت عن السيطرة وصار أهل الأرض محاصرين في وطن مقطع الأوصال ، ولاجئين يستجدون ما يروي عطشهم ويسد جوعهم ويستر حالهم! ولو اجتث الفلسطينييون من أرضهم تلك النواة الاستيطانية الأولى وطردوا الصهاينة قبل استفحالهم واستكمال قوتهم لما حلت المأساة بهم ولما خسر العرب والمسلمين أرضهم ومقدساتهم.
وفي ظل ظروف وأجواء تناظر تلك الاجواء التي ضاعت فيها فلسطين ، تشهد مدينة أور العراقية في محافظة ذي قار جنوب العراق ، تقدم مسيحي غربي ممنهج بهدوء وبعيد عن أضواء الإعلام والفضائيات ، وبذات الذرائع الدينية المزعومة التي أغتُصبت فيها فلسطين يدعي المسيح ومن يقف خلف هذا المشروع من القوى الغربية ان ثمة بيت مزعوم لنبي الله ابراهيم عليه السلام في أور ...! وذلك مايذكرنا بأدعاء اليهود بوجود هيكل سليمان تحت مسجد قبة الصخرة ، وفي ظل صمت وتواطئ محلي وإرادة خارجية دق الغرب والمسيحييون بعد زيارة بابا الفاتكان اللبنة الاستيطانية الأولى في قلب الجنوب الشيعي المسلم حيث خصصت مساحة عشرة آلاف متر مربع لبناء كنيسة أور ، في بقعة روج لها زوراً ، واوهمت العقول فيها كذباً ، لتسوق أنها أرض دينية ذات جذور تأريخية مسيحية موغلة في القدم...!
وبذلك اقتطعت أول بقعة بصمت من أرض الوطن ، وهنا لابد ان نضع مخاوفنا وشكوكنا أمام الرأي العام :
١.لا نستبعد ان تنتقل هذه البقعة تدريجياً لتصبح تحت الحماية الدولية، بحجة ان مدن الجنوب تعاني بين الفينة والأخرى من الانفلاتات الأمنية مما يهدد سلامة الحجاج والوافدين إليها.
٢. بناء الكنيسة بتصميم يحاكي آثار مدينة أور وبابل وبغداد يستبطن إشارات بعيدة المدى توهم و ترسخ في ذاكرة المجتمع ان هذه الأرض أرضاً مسيحية منذ آلاف السنين وهذا عين ما فعله الصهاينة في فلسطين.
٣.لا شك ان إدارة مثل هكذا صرح ديني ثقافي كبير يستوجب استيطان عدد غير قليل من الاجانب لأجل إدارة مثل هكذا مرفق حساس .
٤.ستكون هذه الكنيسة مركزاً ومنطلقاً للتبشير سواء للديانة الآبراهيمية أو الديانات والبدع الأخرى.
٥.تحتوي هذه الكنيسة اكبر مرفق ترفيهي في ذي قار وسيكون مفتوحاً أمام الأهالي ، وما يترتب عليه من خطورة ثقافية مباشرة سيتعرض لها السكان.
٦.تحت ظل قانون السياحة الدينية من المقرر ان يفد المدينة ألف سائح اسبوعياً ولا شك سيكون للصهاينة والموساد النصيب الأوفر منهم وسيشكل ذلك أخطر ضربة للنسيج الإجتماعي في مدن الوسط والجنوب.
٧.مع مواقف الكنيسة المؤيدة والمناصرة للشذوذ والمثلية والجندر سيفد آلاف المثليين والشاذين الى المنطقة بحجة الحج ولغرض التبرك المزعوم ولا شك سيعقد قران الذكر على الذكر والأنثى على الانثى في هذا المكان باعتباره من أقدس الأمكنة.
٨.سوف تتمدد هذه الكنيسة على أرض ذي قار وستقضمها شبراً شبراً بحجة البحث والتنقيب عن بيت إبراهيم المزعوم وسيدخل العراق مستقبلاً في دوامة المفاوضات الدولية لاستعادة أراضيه مثلما يحدث في فلسطين اليوم.
هذه بعض من المخاوف والشكوك المشروعة ، سيما ونحن نواجه عدو ماكر وخداع ، يمتلك إمكانيات اقتصادية وعسكرية وتكنلوجية وسياية متطورة، أمام شعب أنهكته الحروب، ومزقته المؤامرات، وعصفت به الفتن الأمريكية والغربية لأجل انتزاع دينه وعقيدته ، فهو لا زال ذلك الشعب الأبي، الذي يعشق الشهادة والحسين والذي يقف حجر عثرة بوجه المخططات الصهيونية التي تستهدف العراق والمنطقة ، فحري بنا اليوم وبكل العراقيين الشرفاء، بحوزاتهم ورجال دينهم وسياسييهم وشيوخهم وساداتهم ووجهائهم ومثقفيهم وأهل الحل والعقد فيهم ، ان يعوا جيداً ، وينظروا بعين البصيرة، ويقرأوا ما وراء السطور، لما يحمله هذا المشروع الذي غزاهم في عقر دارهم من مخاطر مستقبلية لا يحمد عقباها.
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha