حليمة الساعدي ||
القاسم عليه السلام ذلك الشاب الوسيم المفعم بالشباب وصاحب الطلعة البهية وهو سليل الاوصياء من آل الرسول يتوسل الحسين ان ينال الشهادة بين يديه، وعمه الحسين عليه السلام يأبى ان يزج به في ميدان غير متكافئ، رأفة بشبابه وصغر سنه وهو تالي الحسن وبقيته.
ذكرتني هذه القصة بأحد اتباع ال البيت الذين تاجروا بهم وارتقوا المناصب السيادية فسرقوا اموال الناس وعاثوا فسادا في الارض وعندما تم القبض عليه بالجرم المشهود وتقدم للمحاكمة تم الحكم علية بخمس سنوات مع ايقاف التنفيذ رأفة بشبابه.
نعود لحكاية نجل الحسن الطاهر بن الطاهرين عندما منعه عمه من النزول لميدان القتال رأفة بشبابه توسل عمه بالحاح ثم عاد الى خيمة امه وهو يرتدي لامة حربه وكان منزعجا مهموما غضبانا وسألته امه عن سبب ذلك اجابها ان عمه الحسين لم يأذن له بالنزول لمقاتلة الاعداء فما كان من امه الطاهرة الشريفة الابية الا ان اخرجت له وصية ابيه الحسن من صندوقها فقالت له اذهب بها لعمك الحسين واعطها له فأخذها لعمه الحسين عليه السلام وقرأها وقد كتب الحسن عليه السلام لولده القاسم.
يا ولديقاسم:
أوصيك: أنّك إذا رأيت عمّك الحسين في كربلاء، وقد أحاطتْ به الأعداء، فلا تترك البراز والجهاد، لأعداء الله وأعداء رسوله، ولا تبخلْ عليه بروحك، وكلّما نهاك عن البراز، عاوِده ليأذن لك في البراز، لتَحظى في السعادة الأبدية».
ما اعظم ال بيت رسول الله وما اصدق نفوسهم وما اعظم يقينهم.
ماذا نتعلم من القاسم عليه السلام الذي لم تغريه الدنيا ولم تخدعه ببريقها الزائل ولم ينثني امام منع عمه له في كل مرة واستمر بكل ادب واحترام يتوسله ان يأذن له بالنزول للقتال ونيل الشهادة وبعد ان اذن له فقد سطر القاسم اروع صور البطولة والشجاعة وفنون القتال وقد قتل من الاعداء مقتلة عظيمة حتى انهم احتاروا فيه واخذوا يتسائلون من هذا الذي خاط ساحة الميدان وجابها وطبق الميمنة على الميسرة وذكرهم بجده الكرار اسد الميدان واسطورة كل الدهور والعصور في فنون القتال علي بن ابي طالب عليه السلام.
وبعد ان اخذ منه العطش ماخذة عظيمة وانهكه عاد الى عمه يطلب الماء فلم يجده ثم رجع الى الميدان كرار غير فرار كمن له الاعداء واحتوشوه واصابوه في مقتل وسقط شهيدا بين يدي عمه.
اتسائل اليوم كيف اصبح السواد الاعظم من الشباب المسلم بهذه المياعة والتفاهة والالتصاق الكبيرة بالشهوات والملذات والانحدار والتدني الاخلاقي والديني.
وكيف اصبحت مواقفهم مخجلة وغير مشرفة امام كثير من الاحداث التي فيها مساس بالثوابت الدينية والاخلاقية.
ان الطف مدرسة كبيرة يجب ان ندخلها ونتعلم منها الدروس والعبر ونقرأ دروسها بشكل صحيح ونتدبر معانيها فلكل فرد فيها رسالة وقضية حتى تلك الطفلة التي تحملت مصاعب الاسر والسبي والامتهان وما همها كل ذلك بقدر ما قتلها شوقها لأبيها الحسين فماتت على رأسه الشريف حزنا وحسرة فاصبحت شهيدة العشق والشوق، شوق الابنة لأبيها.
ان عظمة الحسين تكمن في الاهداف والمعاني التي سطرتها ملحمته الخالدة ملحمة طف كربلاء
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha