سعيد البدري ||
خطوات الرد العراقي على الاساءات المتكررة للمقدسات الاسلامية سواء الرسمية او الشعبية ،كانت واضحة وقد أتسمت بالقوة والحزم ، وأفضت لبيان الموقف العراقي بجلاء ووضوح ، كما أسهمت في التعريف بهذه الجريمة النكراء ،رغم وصف البعض لها بالمتسرعة وجاء النقد للشق الحكومي منها بأنه كان استجابة لموقف شعبي واعلامي ضاغط فرضته معادلة التماهي مع رغبة الجمهور ،دون حساب لعواقب ما يمكن ان يترتب من مواقف على هذه الاستجابة ، وهو امر يمكن ان ينسحب على علاقات العراق المستقبلية مع بلدان اوربا التي ترى ان قوانينها ليست محل نقاش او تعديل على المدى المنظور ،لانها بلدان تعتمد مؤسساتية والحكومات تحتاج لنقض مثل هذه القوانين الى تشريعات ،وسلسلة قرارات قبل الوصول لما يدعو اليه العراقيين والمسلمين شعوبا وحكومات على حد وصف من تبنوا وجهة النظر المشككة بجدوى اجراءات الحكومة العراقية .
ربما يكون الامر كما وصفوا ، لو لم يحدث شيء غير عادي ،ولا يهدد هذا التصرف علاقات المملكة السويدية واقتصادها ،وحتى لو سلمنا ان حجم التبادلات التجارية ( العراقية - السويدية ) لا يرقى لان يستخدم كورقة ضغط لأجبار الحكومة هناك على مراجعة مواقفها من هذه الاساءات والمتسببين بها ،لكن ذلك لا يمنع ان اقرار الحكومة السويدية بخطأ من قام بهذا الفعل ،وقياس ردة الفعل الشعبي في غير بلد مسلم ستكون له حساباته ،كما ان الأمن القومي لا يحتمل مغامرات صبيانية يقوم بها موتور او مجموعة متطرفين ، فالمؤسساتية تستلزم حرص القائمين عليها وحسابهم حجم الخسائر بمعاداتهم المسلمين لان الاساءة لاتختص بالعراقيين وحدهم ،وابرز ما يمكن الخوض به عميقا هو تصريحات رئيس وزراء بريطانيا الاسبق ديفيد كاميرون " عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي لبريطانيا لا تسألوني عن حقوق الإنسان" وهو تصريح شهير ، لا أعتقد أنه يحتاج إلى مزيد من التوضيح، فالأمن القومي لأي دولة هو أولوية قصوى لا تضاهيها أولوية، وسعي الدول إلى الحفاظ على أمنها يتيح لها اتخاذ ما تشاء من تدابير، بغض النظر عن اي موقف اخر كان معها أو ضدها بشأن هذه التدابير !!
الحكومة العراقية قامت بما ينبغي عليها القيام به ،ولم تدخر جهدا في توضيح وجهة النظر العراقية والاسلامية بشكل عام ، وهي بذلك قد اوفت بالتزاماتها تجاه من تمثلهم ،وما رافق ردة الفعل الشعبية ،وحدوث بعض الخروقات امر يتفهمه الجميع ،وعلى مستوى المعالجات فقد كانت حازمة وحاسمة لا يمكن لأحد لومها عليه ،بسبب كم المخاطر التي يمكن ان تعرض سمعة العراق وعلاقاته الدولية للمخاطر ،والتي يجب حسابها جيدا ،بعيدا عن اي حسابات وشغب سياسي لهذا الطرف او ذاك ،لان حسابات مصلحة العراق كبلد يجب ان تقدم وفي اطار القوانين النافذة والاعراف الدبلوماسية لمعالجة مثل هذه المواقف ، وهو ما اكدته حكومة السوداني عملت عليه ونفذته بشجاعة .
ان الاجراءات والخطوات التي تلت الموقف الحكومي ،والمتمثلة بلقاء رئيس الجمهورية و رئيس الحكومة للسفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية في بغداد ، تعد خطوة مكملة لايضاح وجهة النظر العراقية ،وهي ايضا رسالة تطمين لهذه البلدان تشير ، لضرورة ان يتفهم العالم حساسية هذه القضايا ،ولمنع حالات الاساءة التي قد تقود لتنامي حالات التطرف و ترويج خطاب الكراهية بين الشعوب ،ولعلنا ونحن نستعرض هذه الخطوات الجادة المسؤولة لابد من الاشادة بها ،كونها عبرت عن حكمة سبقها حزم تتطلبه مثل هذه المواقف وما ينطوي عليها من تداعيات .
كما يمكن الاشادة ايضا بخطوات الجانب العراقي التي تمثلت بالدعوة لأجتماع لمنظمة المؤتمر الاسلامي ،ليكون بمثابة رسالة اسلامية للعالم يمكنها ان تبين مدى الاستياء ،من هذه الاساءات وامكانية استفحالها وتحولها لظاهرة ،وهو امر لا يتمناه اي طرف بطبيعة الحال ، كما ينبغي ان نثمن التفهم الشعبي لهذه الاجراءات ،والتي اثبتت ان التوازن في المواقف هو ما ينتج الحلول ويثري المعالجات ،ويقود ايضا لأدانة تلك السلوكيات المنحطة ويعري من يتسترون خلف ادعاءات الحرية وحقوق الانسان بالتعبير ،لأن هذه الحريات لا ينبغي استخدامها وتوظيفها بالاساءة لمشاعر الشعوب واتباع الديانات ،لأن ذلك عبث يستدعي وقفه ومعاقبة القائمين به ومنعهم من اثارة المشاكل ،وافتعال الازمات التي تعمق الخلافات بين الشعوب والامم على اختلاف ثقافاتها ومشاربها ..
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha