كوثر العزاوي ||
من لايعرف ماذا يعني لنا القرآن الكريم كمسلمين، فليعلم انه الحياة بتفاصيلها، فهو كتاب الله الحاضر في عقولنا وقلوبنا وعلى ألسنتنا،
نتطهّر في بحار معانيه، ونرتشف من رحيقه المختوم ، فضلًا عن كونه الدستور الذي ناخذ منه الأحكام في تنظيم معاملاتنا وعباداتنا، وهو سائقنا إلى كل خير، كما هو الرمز والهوية ومدار استقامتنا ونظام حياتنا، حيث يجسّده ذلك الواقع العملي الملازم الذي يجعل القرآن حاضرًا متجلّيًا في كثير من العادات والثقافات ما يشكّل عندنا عقيدة لا نحيد عنها، فمذ فتحنا عيوننا على الدنيا ونحن نرى القرآن تحت وسادة الطفل في اول ساعات ولادته، ونرى القرآن أمام المقود لسائق السيارة، ونراه في البيت الجديد أثناء البناء وقبل أن يسكنه أهله، كما يُرفع فوق رأس العروسين ومرورهما من تحته عند زفافهما، وأيضا ذات الفعل يُطبَّق عند ذهاب المجاهدين إلى جبهات القتال تفاؤلًا بالنصر او الشهادة، ونرى أمهاتنا في اول يوم لنا في المدرسة بعد انتهاء العطلة، إذ ترفع القرآن لنمرّ من تحته فردًا فردا، وهكذا عند السفر أو الذهاب إلى الحج، ولايفوتني أن أذكر كيف اعتاد بعضنا صياغة سلسلة ذهبية تحمل القرآن تتقلدها الفتاة في رقبتها كأثمن هدية،كل ذلك وأكثر!! ثم لاأدري متى يفهم القوم إن كتاب الله هو العشق الحاضر في حياتنا وأماننا، والجناح الذي يكمّل جناح العترة الطاهرة لنحلّق خلالهما في سماء الطهر والفضائل! فلاغرو إن تجرأ أحد النكرات على انتهاك حرمة القرآن فقد فعلها قبله الكثير ممن لاحَظّ لهم من النور، ففي زمن النبي تعرض القرآن للاهانة عندما ظنّ الكافرون أنهم سيغلبون إذ قالوا لا تسمَعوا لهذا القرآن والغَوا فيه لعلّكم تَغلِبون، وآخر قد رماه بالسهام، وفي زمن لاحق قد لوثه احد طواغيت العصر بالدم ، وها قد خسر المبطلون وانتهى عهدهم واندثرت صورهم، والقرآن خالد العهد، باقٍ محفوظًا في الصدور وعلى الأيدي والقلوب مابقي الليل والنهار، كما سيبقى عنوان كرامتنا والدستور، والنور الذي يسعى بين أيدينا وبأَيْماننا والله تعالى متمُّ نوره رغم أنوف الكافرين، وهو القائل سبحانه:
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} الحجر ٩.
٤- محرم- ١٤٤٥هج
٢٣-تموز-٢٠٢٣م
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha