سعيد البدري ||
كشفت المواقف الواضحة لشعب وحكومة العراق وبقية المؤسسات المرتبطة بالدولة خلال التعاطي مع حادثة الاساءة للقرأن الكريم ،والتي وقعت بترخيص وحماية الحكومة السويدية ،عن تماسك حقيقي وهوية حضارية اسلامية ناصعة للعراق كبلد ذي قيم اصيلة ورؤية متأصلة ،دوافعها ومحركها الانتماء الوجداني الواقعي لا البعد العاطفي العشوائي ،كما روج بعض المفلسين ممن اغاضهم وحدة هذه المواقف ونجاحها في الفات نظر الرأي العام الاقليمي والدولي ،لخطورة التمادي بمثل هذه الافعال كما بين جليا هشاشة الانظمة والقوانين الاوربية وعجزها فيما يتعلق بمعالجتها لملف الحريات ، وسهولة استغلاله من قبل افراد مأزومين ومجاميع متطرفة تسيء لقيم التعايش الانساني وقبول الاخر ،قبل اساءتها لكتاب الله بوصفه مقدساً اسلامياً وكتاباً الهياً ناطقا بالحق ،غير قابل للمساس والتشكيك بالنسبة للمسلمين ..
لا شك ان هذه المواقف التي بدأت بثورة غضب شعبي عارم لم تكن مجرد فورة عاطفية ،بل تعدت ذلك لتأخذ اشكالاً عدة ،انتهت لاعلان عراقي بمقاطعة السويد دبلوماسياً ،فالحكومة السويدية رغم اعتذارها الشكلي بعد حادثة الاساءة الاولى ،لم تفِ بمتطلبات هذا الاعتراف وتشخيص الخطأ الذي صدر عن مؤسسة رسمية كجهاز الشرطة ،والذي سمح مرة اخرى بتكرار ذات الفعل مع اصرار على توسيع دائرة الاساءة لتشمل العلم العراقي وصورا لرموز دينية ووطنية ،تصر الجهات المعادية للعراق والاسلام على الاساءة لها ،في سلوك مدروس على الحكومة السويدية ان تفكك رموزه وتمنع مروجيه من تسويقه بأسمها لأنه قد يكون مرتبطا باجندات عابرة للحدود ، ومن ينفذونه ويظهرونه للعيان ويستفزون من خلاله المسلمين كافة انما يمثلون الاداة لا غير ،وهذا من صميم عمل ومتطلبات الدول للحفاظ على مصالحها ،وأمنها القومي بلا ادنى شك .
لقد كشف الموقف الشعبي واجراءات النخب الوطنية العراقية عن نضج واكد جليا حقيقة انتصار هذا الشعب لمقدساته ،دون الالتفات للمواقف الاخرى وبمعزل عنها فيما يتعلق بهذه الحادثة ، وهذا ما عبرت عنه الشعوب الاسلامية وهي ترى كل تلك البيانات والفعاليات والاجراءات العراقية التي ما زالت تتصدر المشهد الاسلامي المدافع عن القرآن العظيم ،ولعلها تمنت لو ان لها ذات الموقف الحازم والفعل المؤثر ،ولعل ما اشار اليه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يختصر ما يتمناه ومعه ملايين المسلمين ممن يتابعون ملف و تطورات حادثة الاساءة الغربية للمقدسات الاسلامية وفي مقدمتها القرأن الكريم ، فما عناه هو عين ما يتمناه كل مسلم غيور " موضوع حرق القرآن الكريم سيتكرر إذا لم تفعل كل الدول العربية مثل ما فعل العراق " .
اذن نحن كشعب عراقي موال لله ولدينه مع مواقف واضحة الغايات ،وهدفنا من ذلك يتجاوز حالة التباهي فما بذلناه دفاعا عن قيمنا وديننا واوطاننا كبير ،فمن هزيمة عصابات التطرف المسيئة للاسلام والتصدي بحزم لترويج مفاهيم الاساءة للبشرية برفضنا شعارات الشذوذ والانحراف ورفضنا الاستسلام امام محاولات جر بلادنا وشعبنا بأتجاهات التصالح والتطبيع مع الصهيونية ،وحتى هذا اليوم حيث نقف بوجه المسيئيين لمقدساتنا نثبت جليا اننا ورثة مدرسة الدفاع عن الاسلام والصلاح ،وان كل تلك الهجمات التي تستهدف مجتمعنا وتحاول ضرب قيمه الحقة والاساءة اليه ،تندرج ضمن مسلسل مدروس يسعى لتدجين هذا الشعب وسلب ارادته وممانعته التي قلبت كل المعادلات ، واثبتت ولاء العراقي لله وغيرته على رسوله وكتابه المجيد.
نعم ان بالمواقف وحدها نصنع الفارق ،ونثبت الحقوق ونستعيدها ،فطوبى للعراق واهله وطوبى لكل صوت حر صدح بعزة القرآن العظيم مدافعا ،ولكل من كان بالحق ناطقا ،فالمبادئ لا تجزأ وكذلك المواقف الحقة ،اما اولئك الظلاميين التافهين من مطايا الشيطان وادواته ،فقد خاب سعيهم ،وانكشفت وضاعتهم وعمالتهم وتبعيتهم ،وسيعيشون كابوس الرفض والنبذ ليس اسلاميا فقط بل وانسانيا ايضا ، لأن الشعب السويدي والاوربي الذي يدين مثل هذه السلوكيات الوقحة ،يفهم جيدا غاياتها ،ويعلم ان حكومته وبعض المتطرفين المتصهينين يجرون بلادهم صوب معاداة الشعوب الاسلامية التي يعرفون حقيقتها ،فمجتمعات الجاليات و اللاجئين المسلمين في اوربا ،كشفت بدورها عن مئات الالاف من المسلمين الرساليين ،ممن ضربوا اروع الامثلة في الامانة والمثابرة وحسن الخلق المستمد من تعاليم شريعتهم السمحاء ،فكانوا رسل سلام و حق ومحبة والحق اولى بالاتباع ، بعكس تلك الاصوات النشاز ،المروجة لخطابات الكراهية وعقد النقص والدونية والانحطاط الاخلاقي والقيمي المتسافل
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha