( بقلم : د. خزعل فارس الجابري )
بعد العمليات العسكرية و الأمنية التي شهدتها أكثر من محافظة و انهيار الوحش الكارتوني للمليشيات و فرض هيبة الدولة و سلطة القانون تشرذم عناصر هذه المليشيات فمنها من تم اعتقاله و منها من لاذ بالهرب إلى مناطق آمنة في داخل العراق و تحديدا محافظة ميسان التي أصبحت معقلا كبيرا للمليشيا أو تم تهريب هذه العناصر إلى خارج البلد ، أقول بعد كل هذا لم تعد ثمة قدرة لهذه العصابات في التحرك السهل ضد القوى الأمنية و المؤسسات و القواعد العسكرية و أصبحت عملية زرع العبوات ليست كما كانت سابقا رغم أنها السلاح المفضل لهذه العصابات كلما شعرت بالانهيار و عدم القدرة على المواجهة لرفع معنويات عناصرها و لإثبات وجودها . و مثلها عملية إطلاق الصواريخ التي تراجعت بنسبة الثمانين بالمائة في المحافظات الجنوبية للسبب المذكور أولا و بسبب المراقبة على المنافذ الحدودية و بالتالي الحد من تهريب هذه الصواريخ إضافة إلى عمليات الكشف المستمر على مخابئ الأسلحة في أكثر من مكان كان حتى وقت قريب تحت سيطرة جيش المهدي . و يبدو أن أصحاب القرار الفعليين و الذين يخططون و يدعمون و يزودون بالأسلحة المختلفة هؤلاء القتلة و المجرمين أدركوا صعوبة الوضع و عسر التحرك للمليشيات بناء على معطيات الواقع الذي تغير كثيرا خلال الأشهر الأخيرة . الأمر الذي أضطرهم إلى اللجوء إلى أساليب أخرى جديدة و تكتيكات تتلاءم مع المتغيرات و التي يمكن من خلالها إشغال الوقت بما هو مجدي بالنسبة لهم و عدم تضييعه سيما و أن المؤشرات تدل على أن التحسن الأمني في العراق هو تحسن حقيقي بالفعل و ليس مجرد تحسن مرحلي و مؤقت . لهذا صدرت تعليمات جديدة للمليشيات و كتائبها الخاصة تطلب التركيز على موضوع تجريب بعض الأسلحة التي تصلهم ، و أوضحت بعض المصادر أن المطلوب الآن هو معرفة فاعلية بعض الأسلحة و القنابل و العبوات التي تصل بأعداد قليلة و محدودة جدا و لا يهم مدى ما تلحقه من أضرار بشرية و إصابات مباشرة فالمقصود هو تقييم تلك الفاعلية على عدة مستويات ليتم تثبيتها مفصلا في تقارير و أشرطة يتم جمعها و إرسالها خارج العراق . و لكي يتضح مفهوم التجربة المطلوبة فإن نموذج " العبوة الناسفة " يوفر تبسيطا لماهية الهدف من وراء عمليات زرعها في مناطق عشوائية .
من بين ذلك على سبيل المثال معرفة فيما إذا كان خبير المتفجرات العراقي أو الأمريكي قادر على التعامل مع العبوة و طريقة التخلص منها و هل تكون بالتفكيك أم بتفجيرها تحت السيطرة ؟ لهذا تم خلال الأسبوعين الماضيين تفكيك أو تفجير عدد من العبوات الذكية يعثر عليها لأول مرة و قد زرعت في أماكن غير مؤثرة و تم التبليغ عنها من قبل أناس مجهولين رغم أنها دفنت بدقة و بعيدا عن الأنظار . حدث ذلك مؤخرا في مدينة البصرة و في بعض مناطق بغداد و أخيرا تم العثور لأول مرة على عبوة متطورة جدا في مدينة الناصرية . وقد أشارت لنا نفس المصادر إلى أن ثمة صواريخ جديدة دخلت الأراضي العراقية و هي جيل متطور من الصواريخ يصعب على أجهزة الرصد الحراري تتبع مسار إطلاقها والمطلوب وفقا للتعليمات الواردة هو إطلاق هذه الصواريخ و لا يهم دقة إصابتها للهدف قدر ما يمكن معرفته فيما إذا تمكنت أجهزة الرصد الرادارية المتوفرة في القواعد العسكرية تحديد مواقع إطلاقها .
و بهذا يثبت أن هذه المليشيات إنما تنفذ أجندة خارجية و تمتثل لتعليمات أجهزة المخابرات الخارجية و ما شعاراتها من مقاومة المحتل و المطالبة بالحقوق و الشعارات الوطنية إلا تزييف و خداع للعراقيين و لبعض أتباع تلك المليشيات و بلا شك فإن ما تلتحف به هذه العصابات التخريبية التي لا يهمها مصلحة الوطن و المواطنين سيسقط نهائيا مع الوقت و سينكشف دورها التخريبي و اللا وطني للجميع .
https://telegram.me/buratha