الشيخ محمدعلي الدليمي ||
من اعظم النعم واكبرها ان هدانا للاسلام وعرفنا نبيه محمد صلوات ربي عليه واله وجعلنا ممن يتمسك بولاية امير المؤمنين عليه السلام
وهديّ ائمة الهدى من ال محمد
أشهد أنكم معدن التنزيل وأصحاب التأويل وحاملين التوراة والإنجيل.
والأعياد تنقسم الى قسمين: تشريعية وتكوينية، الأعياد التشريعية هي التي أقرّها الله عزّ وجلّ وتكون مقرونة بالنصر، والنصر تارة يكون على هوى النفس كما هو حال الصائم في شهر رمضان فيظهر فرحة النصر على أهوائه في عيد الفطر السعيد، وأخرى بحصول التوفيق في أداء مناسك الحج كعيد الاضحى المبارك، وثالثة بتنصيب الإمام الحق والإعلان عن ولايته وامامته كعيد الغدير الأغر الذي نحن بصدد الكلام عنه.
فهذا اليوم هو أهم أعظم عيد في الكون والدليل على أهميته عدَّة أحاديث، منها:
عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن الإمام جعفر الصادق: «قلت: جعلت فداك للمسلمين عيد غير العيدين؟
قال: نعم يا حسن أعظمهما وأشرفهما، قلت: وأي يوم هو؟ قال: هو يوم نصب أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه فيه علما للناس، قلت: جعلت فداك وما ينبغي لنا أن نصنع فيه؟
قال: تصومه يا حسن وتكثر الصلاة على محمد وآله وتبرء إلى الله ممن ظلمهم فإن الانبياء صلوات الله عليهم كانت تأمر الاوصياء باليوم الذي كان يقام فيه الوصي أن يتخذ عيدا، قال: قلت: فما لمن صامه ؟
قال: صيام ستين شهرا... ».
وعن المفضل بن عمر قال: قلت للأمام جعفر الصادق: «كم للمسلمين من عيد؟
فقال: أربعة أعياد. قال: قلت: قد عرفت العيدين والجمعة. فقال لي: أعظمها وأشرفها يوم الثامن عشر من ذي الحجة، وهو اليوم الذي أقام فيه رسول الله أمير المؤمنين ونصبه للناس عَلَما. قال: قلت: ما يجب علينا في ذلك اليوم؟
قال: يجب عليكم صيامه شكرا لله وحمدا له، مع أنه أهل أن يشكر كل ساعة، كذلك أمرت الأنبياء أوصياءها أن يصوموا اليوم الذي يقام فيه الوصي ويتخذونه عيدا».
وورد لهذا اليوم العديد من الأعمال التي يحرص كل مؤمن على عدم فواتها: كالصوم, والغسل, وزيارة أمير المؤمنين(عليه السلام), وقراءة دعاء الندبة, وتهنئة المؤمنون لبعضهم البعض و ذلك بقول: ( الحمد لله الذي جعلنا من المتمسكين بولاية أمير المؤمنين و الأئمة عليهم السلام), ومؤاخاة المؤمن لأخيه المؤمن بقوله: ( وآخيتك في الله و صافيتك في الله و صافحتك في الله و عاهدت الله و ملائكته و رسله و أنبياءهُ و الأئمة المعصومين عليهم السلام على أني إن كنت من أهل الجنة و الشفاعة و أُذِن لي بأن أدخُل الجنة لا أدخُلُها إلاّ و أنت معي), ثم يقول أخوه المؤمن: قَبِلتُ ، ثم يقول: (أسقطتُ عنك جميع حقوق الأخوةِ ما خلا الشفاعة والدعاء والزيارة). [راجع مفاتيح الجنان].
فأقول: أما وصفه بيوم الغدير الأغر؛ فذلك لأنه أشهر من أن يذكر، واعرف من أن ينكر, حيث سارت حادثته بين الناس مسير الشمس في الأقطار، فهو اليوم الذي امتن الله عز وجل فيه على الناس وأغدق عليهم بأفضل النعم وأعظمها وهي نعمة الولاية والامامة الكبرى والخلافة العظمى التي قلدها رسول الله (صلى الله عليه واله) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ممتثلا بذلك أمر ربه في قوله عز وجل : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ} يعني في استخلاف عليّ (عليه السلام) والنص بالإمامة عليه, {وَإِن لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} فأكد الفرض عليه بذلك بأنّه إن لم يُنفِّذ إرادة الله ، ذهبتْ أتعابه ، وضاعت جهوده ، وتبدَّدَ ما لاقَاهُ من العناء في سبيل هذا الدين.
وأما نعته بانه عيد الله الاكبر، فذلك مستوحى من روايات وأحاديث أشارت الى شأن هذا العيد ومنزلته عند الله تعالى وأهل السماء والأرض، فقد نقل الشيخ الطوسي رواية ينتهي سندها الى محمد بن ابي نصير، قوله: " دخلت على عليّ ابن موسى الرضا (عليهم السلام) والمجلس غاص باهله، فتذاكروا يوم الغدير، فأنكره بعض الناس! فقال الرضا (عليه السلام): حدثني أبي عن أبيه (عليهما السلام) قال: إنّ يوم الغدير في السماء أشهر منه في الارض.
أن الله بنى في الفردوس الأعلى قصراً لبنة من فضة و لبنة من ذهب ، فيه مائة ألف قبّة من ياقوتة حمراء ومائة ألف خيمة من ياقوت أخضر ، ترابه المسك والعنبر ، فيه أربعة أنهار, نهر من خمر ، ونهر من ماء ، ونهر من لبن ، ونهر من عسل ، وحواليه أشجار جميع الفواكه ، عليه طيور أبدانها من لؤلؤ ، واجنحتها من ياقوت ، تصوّت بالوان الاصوات ، إذا كان يوم الغدير ورد إلى ذلك القصر أهل السماوات يسبّحون الله ويقدّسونه و يهلّلونه ، فتتطاير تلك الطيور فتقع في ذلك الماء وتتمرغ على ذلك المسك والعنبر فإذا اجتمعت الملائكة طارت فتنفض ذلك عليهم و أنهم في ذلك اليوم ليتهادون نثار فاطمة (عليها السلام) فاذا كان اخر ذلك اليوم نودوا انصرفوا إلى مراتبكم فقد أمنتم من الخطأ والزلل الى قابل في مثل هذا اليوم تكرمة لمحمد (صلى الله عليه واله ) و عليّ (عليه السلام) .
متباركين بعيد الله الاكبر والثبات على ولاية امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام)
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha