جمعة العطواني ||
مركز افق للدراسات والتحليل السياسي
الاثنين 12/ 6/ 2023
اكتب لك هذه الرسالة المفتوحة بقلب يحمل كل التقدير لجهاد وتضحيات المكون الاجتماعي الكوردي المظلوم، وحجم التضحيات التي قدمها ابان الدكتاتورية البعثية، رغم ثناء بعض قياداتكم على نظام البعث حتى بعد سقوطه الى مزبلة التاريخ السياسي الاسود.
اقول لك بصراحة تامة ان الاطار الشيعي بتمريره لفقرات الموازنة وفق تعديلات اللجنة المالية اصبح يمثل ضمانة حقيقية لاستقرار الاقليم سياسيا وجغرافيا واداريا.
وانت ايها الزعيم الكوردي وحزبك السياسي تمثلون تهديدا حقيقيا لاستقرار الاقليم، سياسيا واداريا وجغرافيا، اما لماذا ؟.
السبب واضح وهو: ان سياسة الاقصاء والتهميش والتعالي التي تتعامون بها مع اخوانكم الكورد في السليمانية ستؤدي الى انفصال السليمانية وحلبجة وباقي المناطق الادارية التي تقع تحت سيطرة الاحزاب الكوردية في السليمانية، ستؤدي الى انفصالها عن الاقليم( كأمر واقع)، ويرتبطون في الحكومة الاتحادية، او يعلنون عن انفسهم اقليما مستقلا وفق السياقات الدستورية.
فاقتطاعكم من رواتب الموظفين وما يصطلح عليه( الادخار الاجباري)، وهيمنتكم على المطارات والمنافذ الحدودية، وما ينسب الى (تهريبكم) للنفط امام انظار شركائكم في السليمانية، وتحويل ثروات الاقليم الرسمية وغير الرسمية الى ملك عضوض للعائلة البارزانية هي بمثابة اعلان حرب على السليمانية واهلها، وعلى شركائكم في ادارة الاقليم.
ان اصرار الاطار الشيعي على تمرير الموازنة بما يضمن حقوق كل مكونات الكورد يمثل ضمانة لاستقرار الاقليم، اما لماذا؟
السبب واضح ايضا، فمع اجباركم على توزيع استحقاقات الموظفين والمتقاعدين فضلا عن المشاريع هناك يجعلكم مضطرين ان تتعاملوا مع شركائكم هناك بواقعية، وسيضطركم الى الحوار المتكافي وغير المتعالي مع اخوانكم، لانكم تشعرون ان هناك دولة عراقية اتحادية عندما تتعرض اية محافظة غير منتظمة باقليم،او محافظة مرتبطة باقليم سيكون للدولة بمؤسساتها التشريعية والتنفيذية كلمة في رفع الحيف والظلم عنها.
من هنا ستقراون المشهد جيدا عندما تعلمون ان التعامل مع السليمانية لن يكون تعامل ارقام برلمانية او استئثار بالسلطة، بل انه تعامل حزب في اربيل مع احزاب في السليمانية ظهيرهم دستور ومؤسسة تشريعية اتحادية.
عندها ستكونون واقعيين وغير حالمين.
قرات رسالتك التي كتبتها بعد التصويت على الموازنة وحديثك عن الاتفاقات السياسية وجحود بعض الاطراف السياسية ومحاولتها تقويض اقليم كوردستان، وقولك ان اقليم كوردستان ليس خطا احمر فحسب، بل خط موت ايضا، فاما اقليم كوردستان واما الفناء.
ففي الوقت الذي اقدر انفعالك نتيجة اقرار الموازنة، لكني اشير اليك بجملة نقاط وهي.
1- ان الازمة في الموازنة في هذا العام ليست ازمة بين بغداد واربيل، اوبين الكورد من جهة والشيعة من جهة اخرى( كما كان يحصل في السنوات الماضية )، بل ان الازمة هذه المرة بين الكورد انفسهم، او بتعبير ادق بين الاجماع الوطني من جهة وبين حزب في اربيل من جهة اخرى، فلا تكن كورديا اكثر من اخوانك الكورد الذين يعانون الامرين من سياستكم وتفردكم .
2- اذا كنت حريصا على وحدة الاقليم واستقراره، وان مسالة كردستان مسالة حياة او موت فعليك ان تنزل من قمة جبلك الى ساحل اخوانك في الاقليم، لتكون اخا كبيرا وزعيما كرديا لا يحدّه حزب، ولا يؤطره كيان سياسي يقزّم من دوره.
3- الزعيم السياسي هو ذلك الرجل الذي ينظر بعين التسامح والتساهل والتنازل، بل والابوة من اجل مصلحة شعبه وامته بعيدا عن اية امتيازات حزبية او عائلية او شخصية.
ايها الزعيم الكوردي العزيز، عندما فكر المجرم صدام بحزبه على حساب شعب بكل مكوناته، ومن ثم فكر بعشيرته وبطانته على حساب مكونات حزبه، لم يبق من شعاراته(قائد امة عربية ) الا كلمات جوفاء، فكانت نهايته حفرة نتنة، وقبر مجهول، ويلعنه التاريخ والشعب.
في الختام على الشعب الكوردي والزعامات الكوردية ان تقدم الشكر العرفان الى الزعامات الشيعية التي استطاعت ان تحافظ على وحدة الكورد واستقرارهم، واستقرار الاقليم ووحدته الادارية، بعد ان يتعامل قادة الحزب الديموقراطي بواقعية بوصفهم ( احد احزاب الاقليم وليس الحزب الاوحد).
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha