المقالات

تقديس الاشخاص، تقييم لنتاجهم الاعجازي. !


د. محمد ابو النواعير ||

 

من اكثر الامور التي ابتليت بها الامة الاسلامية، وبمختلف وصنوف مذاهبها وتياراتها، هي مشكلة الافتقار لآليات التقييم الصحيحة، ما بين الذات، والآخر، والتي نتج عنها مفهوم : (التقديس)، هذا النمط من التعاطي الذي انهك المنظومة العقدية للمسلمين بشكل كبير.

بمعنى، ان ذات الفرد، التي تميل لتقديس شخص غير ذاتها، تكون معتمدة في اغلب الاحيان، على تواطئ سلبي يحصل عندها ما بين العاطفة والعقل، فنجد ان الانجذاب للآخر (المقدس) يكون ابتداءا من منطلق وقناعة عاطفية انفعالية، والتي بعدها مباشرة، تبدأ بتجنيد العقل، ليبدع في ايجاد وصياغة المبررات الوجودية التي تسوّر وتحصن هذه القناعة العاطفية، ضد اي اي شكل من اشكال النفي الوجودي الواقعي، او المنطقي الموضوعي.

وتأتي عملية التبرير العقلي هنا (وهو الاسير للانطلاقة العاطفية الاولى)، كبداية، في مواقف كبيرة ل(المقدس)، تنطلق منها في تثبيت اساسته الوجودية، ومنها تنطلق في اقناع الآخرين به.

السلبية الصارخة في هذه العملية التبريرية، هي عندما يتدنى مستوى العقل (المُقَدِّس- بكسر وتشديد الدال) للحضيض، وذلك عندما يصل لتلك المرحلة التي يحاول من خلالها تعظيم وتفخيم الاقوال العادية، والسلوكيات الشعبوية البسيطة، للمقدس، فيصنع منها ادوات لعظمة اعجازية، بينما هي في حقيقتها نتاج سلوكي ولفظي وفكري عادي وطبيعي، يصدر من الاشخاص العاديين في الحياة اليومية العادية.

في هذا المفصل، في هذه المنطقة، يتم كشف زيف القداسة للشخص. !

اي ان تبجيل الافعال والاقوال العادية جدا، التي تصدر من الشخص الذي يصفونه بالمقدس، تعتبر بمثابة جرس الانذار لعقول المتلقين، كي يعيدوا تقييم عملية التقديس هذه. !

التقديس يجب ان يكون للافعال والاعمال والافكار والمواقف الكبيرة جدا، والتي تقترب من حدود الاعجاز، اي التي لا يستطيع الانسان العادي، بل حتى الانسان الذكي، ان يقوم بها، وهذا ما نجده في بعض سلوكيات واقوال وافكار وعلوم الانبياء والأئمة عليهم السلام، لذا نجد ان الله تعالى قد اعطاهم حيزا معينا من التقديس، لتكون ترجمة عملية لأوامر الطاعة والإتّباع التي تفرض على اتباعهم، لتحقيق النجاح المطلوب في هذه المشاريع السماوية.

اما ان تتحول السلوكيات والافكار والمواقف العادية، الى حالة من الضخامة المفرطة، فهذه دلالة على ان عملية التقديس في هذا الموقف هي ضحك على ذقون السذج.

وهنا تبدأ السخرية. !

 

 

ــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك