محمّد صادق الهاشميّ ||
الدّرس الأوّل
المقدّمة:
.........
لا يوجد كائنٌ حيٌّ على الأرض إلّا وقد أودع الله فيه وسائلَ دفاعيةً بما يحفظ له وجوده في مواجهة الأخطار والتحديات التي تعرض له، وهي تارة تتأتى من عوامل خارجيّة، وأخرى من قدرات ذاتية مودعةٍ فيه.
وبما أنّنا هنا نتحدّث عن المقاومة الإسلاميّة في واقعِنا فإنّها تعني توفير القوّة والآليات لدى الأمّة الإسلاميّة لمواجهة الأخطار والتحديات والمخططات التي يقوم بها الاستكبار عبر القرون والتاريخ الطويل؛ لنهب الخيرات وقتل الطاقات، وتعطيل التنمية، وسحق السيادة والكرامة .
ولو راجعنا تاريخ أمّتنا الإسلاميّة لوجدنا أنّ الغرب والقوى الصهيونية وأمريكا قد مارست الظلم والتعسّف بحقّ المسلمين، من خلال شنّ الحروب عليهم، وغزو بلدانهم، ونهب ثرواتهم، ومن يراجع التاريخ المعاصر يجد أنّ بلدان العالم الإسلاميّ كانت نهباً للأعداء من بريطانيين وفرنسيين وأمريكان وهولنديين واسرائيليين وغيرهم.
ولا يفوتنا أنْ نشير إلى أنّ الإسلام جعل الجهاد الفريضة الخامسة؛ كونه الآلية التي تحمي وتصون العباد والبلاد، فقد أوجب على المسلمين تلك الفريضة لأنّ الله تعالى يعلم أنّ عزَّة الإسلام والمسلمين بالتمسّك بتلك الفريضة، ورفض الركون إلى الظالمين، وأنّ القران يتوفّر على آياتٍ واضحةٍ توجب الجهاد، وتربط مصير الإسلام به ، ومنها قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة : 190] ، ومنها قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [الأنفال : 60] .
وفي عالمنا الراهن ومنذ مطلع القرن العشرين توالت الأحداث، وكثرت المؤامرات على الأمّة الإسلاميّة، من غزوٍ واحتلالٍ وطرد للمسلمين من أرضهم وتهجيرهم، ومصادرة أموالهم، وإعدام شبابهم، ثمّ حروب مباشرة وأخرى بالوكالة، وكُلّ تلكم التداعيات توجب على المسلمين المقاومة .
أوّلاً : جغرافية المقاومة :
إنّنا هنا نتحدّثُ عن نهضة المسلمين التي انطلقت لمواجهة المشروع الأمريكيّ الخطير ضدّ أمّتنا .
بعد انتصار الثورة الإسلاميّة في إيران أخذت تتضح وتتبلور فكرةُ ظهور قطب إسلاميٍّ بارزٍ ( محور إقليميّ )، وأنّ العالم الإسلاميّ اليوم يمثّلُ محوراً جغرافياً مقاوِماً، يتكوّن من فلسطين وإيران واليمن والعراق والبحرين والعراق ولبنان وسورية ( دول المقاومة والممانعة )، وأنّ موقع هذه الدول الجغرافيّ يوفّر لها القوّة الكبيرة لمواجهة الأعداء من حيث العددُ السكانيّ، وما تملكه من مواقع وأنهار وبحار وثروات، ولأجل بيان هذا الأمر نستعرض المعلومات التالية:
1. العراق :
يبلغ عدد سكانه 43 مليون، والطول الكُلي للحدود مع الدول المجاورة 3631 كم، وطول الحدود مع إيران 1458 كم، ومع الأردن 181 كم، ومع الكويت 242كم، ومع السعودية 814كم، ومع تركيا 331كم ، وطول السواحل البحرية 58 كم .
وتبلغ مساحة العراق 438,446 كم مربع .
وأبرز أنهاره دجلة والفرات .
وأبرز ممراته المائية شطّ البصرة، والخليج .
قومياته: العرب، والكرد، والتركمان، والمسيح، والشبك، والإيزيديين .
وأهمّ ثرواته: النفط والغاز.
2. إيران :
إجمالي طول الحدود البرية هي 5440 كم، وطول الحدود مع أفغانستان 636كم، ومع أرمينيا 35كم، ومع أذربيجان 432كم ، ومع العراق 1458 كم .
الدول المجاورة: أفغانستان وباكستان وتركيا وتركمانستان وروسيا والسعودية والكويت والبحرين وعمان وقطر والإمارات .
يبلغ عدد سكان إيران 87 مليون نسمة .
وتبلغ المساحة الجغرافية لها 164,192 كم مربع .
وهي البلد السادس عشر في العالم من حيث السكان .
وأهمّ الأنهار : نهر الكرخة، ونهر تيري، ونهر دز، ونهر هلمند .
وأهمّ البحار: بحيرة أوان، وبحر قزوين، والخليج .
أهمّ الممرات فيها: مضيق هرمز .
أهمّ القوميات: الفرس، والكرد، والترك، واللُر، والعرب .
أهمّ الثروات: الزراعة، والنفط، والغاز، والصناعة، كتصنيع السيارات وتطوّر تقنيّ، ونووي لأغراض سلميّة ، ومشارع الطاقة وغيرها .
3 . اليمن :
الحدود :يحدّه من الشمال السعودية بشريط حدودي طوله 1,458كم، ومع عمان من جهة الشرق. المساحة الجغرافية له: تبلغ 555.000 كم مربع ، يبلغ عدد سكانها 32مليون تقريباً، يشكّل الحوثيون منهم 9% ، ويقع اليمن في جنوب غرب آسيا بين سلطنة عمان والسعودية .
أهمّ المنافذ والممرات فيه : يُشرفُ اليمنُ على باب المندب الذي يربط البحر الأحمر بالمحيط الهنديّ عن طريق خليج عدن .
أهمّ الممرات فيه: مضيق باب المندب .
أهمّ البحار : البحر الأحمر والبحر العربيّ .
أهمّ قومياته: تمتاز اليمن بوجود القبائل العربية الأصيلة ، وتعتبر قبيلة الحوثيين أهمّ القبائل، ويتواجدون في : صعدة، وصنعاء، وذمار، وعمران، وتعز .
أهمّ الثروات فيه : النفط، وكان اليمن يصدّر ( 259) برميل يوميا. مضافاً إلى ذلك: الثروة السمكية والزراعة والسياحة .
4. البحرين :
عدد السكان 1,504.365 مليون نسمة، نصفهم أجانب . طول الحدود البرية 161 كم مربع . والدول المجاورة: قطر من الجنوب، والسعودية من الغرب. ومساحة البحرين 779/ كم مربع .
أهمّ الثروات : النفط، والغاز، والثروة السمكية .
5. فلسطين ( غزّة ): خامسا / غزة
عدد السكان: 2 مليون نسمة . طول الحدود مع مصر 12 كيلو متر، ويجاورها الكيان الصهيونيّ المحتلّ شمالا ومصر من الجنوب الغربي . مساحتها : 360 كم مربع، الطول 41 كم والعرض 15 كم .
أهمّ الانهار: وادي غزّة، ويعتبر ميناء غزّة على البحر المتوسط أهمّ الموانئ في المنطقة.
أهمّ الثروات : النفط، والغاز .
6 . لبنان :
طول الحدود البرية 454 كم، وطول الحدود مع فلسطين 79 كم، ومع سوريا 375 كم ، تقع على البحر المتوسّط بطول 225 كم ،ومساحته الكلية 10452كم مربع .
أهمّ الأنهار : نهر الليطاني، ونهر العاصي، ونهر الحاصباني .
أهمّ ثرواته : المياه الجوفية، والنفط، والغاز، والأسماك.
أهمّ قومياته : العرب، والمسيح، والدروز، والكرد .
7. سورية :
المساحة 185180 كم مربع .
أهمّ الأنهار: نهر الأردن، ونهر الحاصبانيّ، ونهر الفرات، وتطل على البحر المتوسّط .
أهمّ قومياته : العرب، والكرد، والأرمن، والشركس .
أهمّ ثرواته : النفط ، والغاز ، والزراعة .
ثانياً : أهمّية الموقع الجغرافي للمقاومة :
بما أنّ هذه الدول تشكّلُ محوراً جغرافياً واحداً يتوزّع على غرب آسيا، ويحتوي على مقوّماتٍ كبيرةٍ، فإنّ النقاط المهمّة لبيان موقعها المؤثّر في المقاومة هي :
1. الموقع الجغرافيّ، ووجود الممرّات المائية، والثروات النفطية، والغاز، والمساحات الجغرافية، وعدد السكان، كُلّ هذه العوامل تعتبر نقاطاً مهمّة جدّاً في بيان موقع المحور المقاوم؛ كونه يطلّ على كُلّ الممرّات التي تتشكّلُ منها حركة التجارة العالمية .
2. إنّ العالم سيعتمد مستقبلا على الطاقة النظيفة وهي الغاز، ومن هنا يبرز دور بعض دول المحور المقاوم، ومنها سوريا وإيران والعراق ولبنان؛ لأنها تعتبر مصدراً مهمّاً للغاز، لذلك يعتبر عنصر توفّر الغاز عاملاً مهمّاً في قوّة محور المقاومة.
3. إنّ أُوريا الآن وأمريكا تعاني من النقص الشديد في الطاقة، خصوصا بعد الحرب الأوكرانية الروسية، وهذا الأمر جعل من أُوربا تُدرك أهمّية الاعتماد على بلدان المحور المقاوم بما تمتلكه من طاقاتٍ وثرواتٍ، ممّا يعزز موقف وقيمة وأهمّية هذه الدول، ويجعل بيدها خياراتٍ مهمّةً في تحديد مستقبلها ضدّ الأخطار الخارجية .
4. الانتصارات التي حققها محور المقاومة بقيادة الشهيد سليمانيّ والمقاومين في غزّة والعراق ولبنان واليمن، وقدرة إيران على دعم المقاومة كُلّ ذلك عزز من موقعها ورصيدها وقدرتها وقوّتها العسكرية وحماية مصالحها، وجعل الأعداء يدركون كما يدرك الأصدقاء مدى وعي وثقافة ومعنويات وقدرات وتجارب المسلمين في المحور المقاوم، أكثر من أيّ وقت مضي، وهم لديهم الاستعداد العالي لردع الأعداء وإلحاق الهزيمة بهم، والشواهد على ذلك الانتصارات المتعددة التي قد تحققت .
5. تمكّن هذا المحورُ من أنْ يُشرّك علاقته بما يملك من قدرات مالية واقتصادية وممرات وثروات مع المحور الروسي والصين والهند .
6. سعي الصين إلى أنْ تكون الدولة المؤثّرة في اقتصاد العالم، وأهمّية موقع المحور المقاوم في مرور خطّ الحرير عبر إيران والعراق وسورية جعل لهذا المحور المقاوم أهمّية لدى الصين والروس والهند .
7. التواصل الجغرافيّ في أغلب دول المقاومة من إيران إلى العراق ولبنان وسورية وغزّة، وفي الجهة الأخرى الشعب اليمنيّ فقد منح خطّ المقاومة القدرات المؤثّرة في القرار الدوليّ، وتحقيق الانتصارات .
8. هذا المحور المقاوِم قد مارس الجهاد عملاً، وحقق الانتصارات ومنح نفسه وشعوبه ثقافة المقاومة والتحدي للغرب والحدّ من المؤامرات، ممّا يجعل هذه الثقافة والخبرة والسّلاح الذي يمتلكه والقوّة الشعبية المستعدة للمقاومة عاملاً حاسماً في تحقيق وجوده.
11 / 4 / 2023 م
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha