احلام الخفاجي ||
منذ نعومة اضفاري وانأ أطارد الكلمات كسرب فراشات أتتبع خطواته, اراقبها وهي ترقد في كهف الأبجدية, وحين تزاورها شمس الحروف, فتارة تقرضها ذات اليمين, واخرى ذات الشمال, وقلمي باسط ذراعيه بالوصيد.
أقولها وانأ خجلة, لطالما التهمت عيوني سطور رواية لأجاثا كريستي, وهي تقتفي اثر القاتل, وفي كل مرة ترتدي أفكاري معطفا جديدا لمخبر سري, تلهث خطواته لفك شفرات جريمة, ليصطاد القاتل بشباك الحقيقة, ولطالما سرحت بخيالي وانأ اقرأ (أنشودة المطر) ياترى كيف هي جيكور, تلك القرية الجنوبية التي أنجبت السياب هل مازالت تحتضن القمر؟
لطالما غصت في بحور تاريخ المقاومين كما وصفتهم الكتب, حتى أصيبت ذاكرتي بالتخمة, وحروفي بالغثيان من دخان الرصاص الهارب من نافذة الكلمات, لكن عذرا يا يوسف الزهراء لم اقتف إثرك يوما, لأعلم أين استقرت بك النوى؟ ولطالما ذرفت دموعا أواسي بها طفلا يتيما عابر سبيل, لكن لم يخبرن احد إن هناك طفلا صغيرا من إل محمد ذو خمس سنوات سكن ألبراري وهو يحمل على كتفه الغض أعباء الإمامة!
سنون قضيتها وانأ أ أتفحص المصادر الواحد تلو الأخر, لأحصل على شهادتي الجامعية, لكني لم اقرأ يوما كتاب فيه اسمك حفظت السيرة الذاتية لكثير من الشعراء والأدباء, لكني لم اطلع على سيرتك الذاتية! ولطالما حلقت بجناحي الطفولة بين سطور المنهاج المدرسي ألذي حفظناه عن ظهر غيب, لكني لم أقرا بين سطوره ولو سطرا واحدا يخبرني إن هناك قائدا عالميا سينجلي الليل ما إن يسفر صبحه!
فعذرا ياصاحب الحنان, مع كل العقوق الذي حملته لسنين طوال, لكنك لم تغفل عني ولم تنسانٍ, وها انت ذا تقف على عتبة الانتظار تلوح بيد العطف, وكان لسان حالك يقول لطالما فتشت عنك في قوافل الوافدين إلي, سيدي, إني خجلة أنت تبحث عني وانأ أهرول مبتعدة عنك حيث متاهات الحياة, كطائرة ورقية فلت خيطها من يد طفل صغير, ومازلتُ أتسول على أرصفتها رغيف توبة, وغاب عني إن كل الطرق تؤدي اليك.
إني ممتنة لتلك اليد التي طالما تدخلت في تشكيل قدري, لامهالي الوقت الكافي, لارى حقيقة الاشياء بعين البصيرة, لطالما شعرت بتلك اليد تربت على كتف احزاني وكان لسان حالها يقول انخ برحل تعبكٍ, لتقبل إلي الطمانينة ولتهمس في اذني لاتخافي, فقط اخلعي نعلي قدم فؤادك, فانك في وادي يوسف فاطمة فلاتحزني.
سيدي ياصاحب الزمان باي لغة اعتذر منك, وكل اللغات وقفت خجلة تلوذ وراء حجاب عفوك وعطفك؟ اخبرني يامهجة القلب والروح, هل لي إن اهز جذع نخلة عطفك ليتساقط علي رطب عفوك جنيا؟
بأي لغة اعتذر منك على أيامي, ألتي عاشت مواسم الشتات والتي لم تهتد لنورك؟ اقبلني مولاي, فلأبرح مكاني هذا حتى ترضى, أو ابلغ من أمري نصبا.
يا من ملئت الكون وجودا وحضورا وأنت غائبا, ها نحن نتكئ على كتف لطفك, كلما داهمتنا فتن الحياة, سيدي أنت من تسمع أنيننا وشكوانا, وتبصر غفلتنا, لترمي قميص وجدك على عيون قلوبنا لترتد بصيرة.
سيدي مازالت الحياة ترمي بإثقالها على كاهلنا فيميل جدار الروح, فتقيمه بيدك كلما اراد إن ينقض, اقبل يامولاي وفي كفك الغوث والرحمة, فمازال ايتامك في غياهب الجب, ومازالو يُمنونٓ انفسهم بسيارة عطفك, لُترسل واردها ولتدلي بدلُوها, لتخرجهم من بئر الغياب و لتردد ارواحنا يابشرانا.
ـــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha