( بقلم : الدكتور عبد الله صباح )
انطلق عرض الفلم المصري ليلة البيبي دول في صالات العرض السينمائي والذي يشارك فيه كبار النجوم في مصر من نور الشريف وليلى علوي ومحمود عبدالعزيز ونجوم اخرين،الفلم باختصار يمجد الارهابيين في العراق ويمجد صدام حسين وكذلك يتعاطف ويمجد اليهود في حدود بالغة وواضحة وصريحة جدا، حيث ان الفيلم كثيرا مايستعرض احداث درامية ممتزجة بفبركة سياسية لايفهمها الا المتخصص بالاعلام او السينما، بل لايشعر بها المشاهد العادي رغم انها مدسوسة بقصد ودراية واضحة، فعلى سبيل المثال يستعرض الفلم بان الارهابي شخص واعي ومثقف وله عاطفة كبيرة وان له الحق في القتال والتفجير،بل ان الفيلم يريد ان يقول ان الارهابيين هم يقوموا بعمليات شريفة اثر الاغتصاب واثر الضلم الذي وقع عليهم جراء التعسف من الحكومات، وكانه يخلق تبريرات للارهابيين كي يقوموا بعملهم الارهابي، فهذه التبريرات واضحة من خلال ما قام به نور الشريف في الفيلم الذي يجسد دور الصحفي البريء الذي اعتقلته القوات الامريكية وعذبته في سجن ابو غريب بالعراق بعد ان كان يعمل صحفي في فندق فلسطين مرديان بالعراق وبعد ان قرر ان يتزوج صحفية فلسطينة، ومن ثم قام القوات الامريكية باعتقاله اثر عمله الصحفي في العراق، ومن ثم قامت القوات الامريكية بقطع قضيبه الجنسي، وبعد ان يخرج من المعتقلات الامريكية يحاول نور الشريف ان يثار لحبيبته ونفسه بان يفجر فندق بكامله او مبنى، وبالواقع ان هذا الامر انما هو تعاطف مع الارهابيين فالمشاهد سوف يتحفز لان يقوم بما قام به الممثل الجماهيري نور الشريف من قتل وتفجير.
كذلك الفلم يعلن بصراحة من خلال الممثل محمود الجندي الذي يعمل سائق تكسي عراقي على طريق الدولي وهو ينقل نور الشريف ليعلن وبصراحة بان فترة حكم صدام كانت امنة جدا وخالية من اي قتل ودمار بل ولم يكن طائفي فلم يكن صدام يفرق بين سني وشيعي لكن الان الحكومة تفرق بين السني والشيعي، وكانه يعلن رسميا بان الحكومة العراقية الان حكومة طائفية ولابد من مقاومتها، بل انه يؤكد ان اعدام صدام جريمة ارتكبته الحكومة العراقية، كذلك الفيلم يستعرض قضية اليهود في معسكرات الهولوكوست وبطريقة تخلق تعاطف مع اليهود بشكل صارخ جدا، فالنجمة السينمائية الكبيرة ليلى علوي التي ناخذ دور يهودية مسكينة وجميلة وفاتنة تحمل الانسانية والحنان والسلام، فهي تسرد قصتها وكيف ان ابوها البريء وامها المسكينة قتلت في معسكرات الهولكوست وبينما هي هربت عندما كانت طفلة، بل ان الفيلم يستعرض الضابط الاسرائيلي وهو يتعاطف مع العرب، وكان الضباط الاسرائيليين اصحاب رحمة وشفقة، وذلك من خلال مشهد غادة عبدالرازق التي كانت تقف امام الجيش الاسرائيلي في غزة وانها كانت تحاور الضابط الذي عاملها بانسانية وشفقة، بل ان الفيلم استعرض ان الاسرائيلين رغم احتلالهم وقسوتهم الا انهم قتلو غادة عبدالرازق بالصدفة ودون تقصد، وذلك عندما دهست الدبابة بالصدفة غادة عبدالرازق، ناهيك ان الفيلم يستعرض الحكومة الامريكية قوية جدا، وان الامن المصري يحمي اي امريكي يدخل الاراضي المصرية، بل انه قتل نور الشريف من اجل حماية القائد الامريكي الذي جسد دوره الممثل القدير جميل راتب والذي راح يشتم العرب علنا ويقول ان العرب اغبياء.
الواقع ان الفيلم اثبت حقيقة من خلال جمع هذه الاشكال الارهابية والاسرائيلية والصدامية ووضعها في بودقة واحدة، وهو ما يؤكد بان هناك علاقة تربط الارهابيين والاسرائيليين وصدام حسين، كون ان الفيلم يدافع عنهم كثيرا، والغريب ان مشاهد معسكر الهولوكوست فخمة للغاية لدرجة ان هناك تفاوت كبير مابينديكور المعسكر وما بين ديكورات المشاهد الاخرى، فهناك مشاهد فقيرة بالديكور، بينما نجد ان هناك بذخ واضح جدا في مشاهد الاسرائيليين والهولوكوست وهو ما يدلل على ان تمويل هذا الفيلم من اسرائيل، خصوصا وان مخرج الفيلم ومنتج الفلم وكاتب الفلم اخوة او من عائلة واحدة كثيرا ما كانت لها علاقة باليهود، فالمخرج عادل الاديب والمنتج عمرو الاديب والمؤلف عبدالحي الاديب وهما من عائلة مشهورة جدا في مجال الصحافة والاعلام، بل ان لقاء مع الرئيس جورج بوش كان اجرى من قبل افراد هذه العائلة المليونيرة، ولاغريب ان ينتج مثل هذا الفيلم بعد تطبيع العلاقات مع اسرئيل، الا ان الغريب ان الفيلم دمج اوجه الشر وبدء بالدفاع عنهم، وهو ما يصنع بذلك وثيقة تاريخية على ارتباط الاسرائيليين بالارهابيين في العراق وارتباطهم بصدام.
الفيلم تدخل بشكل صريح بالقضية العراقية بل وجعل من المصريين اوصياء على العراق في ان يفاوضوا الامريكان على حقوق الانسان بالعراق او ان يقرروا مصير العراق ان كان افضل مع صدام ام مع الحكومة الحالية، وهنا تحتم ان يكون تدخل من الحكومة العراقية، واعتقد ان الاعلام العراقي يجب ان ياخذ دوره الان وان يتصدى بشكل كبير لهذا الفلم المسموم، كما وارى ان تحتج الحكومة العراقية على هذا الفيلم وان تطالب بتعويض من منتج الفيلم لكل ضحايا صدام الذين قتلهم واغتصب حقوقهم، وهذا الامر ليس بالمعجزة ان فكر وزير خارجيتنا هوشيار زيباري بان يقدم مذكرة احتجاج وحذف كل المشاهد التي تمجد صدام وتؤكد الطائفية مابين الشيعة والسنة في العراق، وكذلك امل ان يفكر الاعلام العراقي قليلا بان ينتج فيلم مماثل لهذا الفيلم وبممثلين عالميين يستعرض جرائم صدام واعتقالاته واساليبه في خلق الطائفية بالعراق من خلال عبارته المشهورة(وين اهلك) بمعنى انت سني ام شيعي وهذا ما كان يقوم به في كل تقليد لانواط الشجاعة التي كانت تعرض من على شاشة التلفزيون، واعتقد ان انفاق 200مليون دولار على انتاج مثل هذا الفيلم في هوليود بامريكا سوف لايكلف الحكومة العراقية كثيرا، سيما وان الفيلم سيعود بارباح كبيرة ان وزعته شركة من شركات هوليود وان اخرجه مخرج امريكي عالمي وان يكتبه سينارست امريكي محترف ومتخصص، وذلك كي نقطع دابر الامور والقال والقيل على ان صدام كان بطلا وكان نزيها وقوميا فالكثير ممن هم بالخارج يعتقدون ان صدام انموذج فريد من نوعه في الشجاعة والبطوله وانه كان عادل وجامع شمل العراقيين، من هنا اجدا ان الحكومة العراقية ستواجه مشاكل كبيرة جدا ان لم تتعامل مع هذه المسائل بحسم، بل ستظهر تيارات واحزاب صدامية تربك وتدمر الصفوة العراقية، كون ان اعلام صدامي كبير متواجد على الساحة الان، واعلامنا لايزال يصرح ويعلن باساليب ساذجة بل وتافهة في بعض الاحيان كاعلانه ان الارهاب لادين له.
https://telegram.me/buratha