كوثر العزاوي ||
الموت حقّ وهو أجلٌ حتميّ لبني البشر لامفرّ منه اذا قضى الله أمرًا كان مفعولا، فأنا لله وإنا إليه راجعون،
أمَا وأن الحديث عن موت بعض الأشخاص فقد يكون مختلفا، سيما وان الميت "سجين" ومعنى ذلك، أن الميت الذي قضى عقدا من حياته في سجون البعث السفاح فذلك يعني انه قد مات من قبل ١٠٠ مرة فأحياه الله ليُكمل الوطر الأخير من عمره وعلى كل جارحة له نياشين تحمل بصمات جرائم النظام المباد الذي حكم الشعب العراقي ٤٠ سنة بفنون التعذيب واسأليبَ احترافية لم تخطر على بال كبار فراعنة التاريخ!! نعم.. لقد رحل أمس الأخ السجين السياسي"حكيم عبد الزهرة" رحل إلى بارئه صابرا محتسبا يحمل معه جراحات الزمن الغابر على أثر جلطة دماغية ختم فيها حياته التي شهد له مَن عرفهُ انها حياة الأحرار الأوفياء لقضيتهم التي لم تكن قضية السجين السياسيّ الإسلاميّ، الّا قضية الشرف المعلّى،قضية العقيدة والرأي ليصبح السجين-رجلًا كان أو أمرأة- بعد أعتقال وتغييب وتعذيب سجينا بسبب معتقداتهِ الدينية النابعة من اصل دينه الحنيف، دون أن يكونوا أولئك السجناء قد استخدموا العنف أو المواجهة المسلّحة! فصدر بحقهم قرار قضائيّ بالسجن الذي أقلّهُ سبع سنوات واكثره المؤبد، لتعدّه السلطات القمعية آنذاك بوصفه مجرمًا في غاية الخطورة فضلًا عن كونه خائنًا لوطنه ليتم لهم شرعنة أساليب التعاطي التعسفية مع السجين السياسي عن طريق قوانين العقوبات الوضعية التي تخالف كل معايير الإنسانية والشرعية، بل الادهى من ذلك مايجري على السجين بعد إطلاق سراحه من معاناةٍ لا تتوقف بمجرد الإفراج عنه، بل تمتد لتطال حياته ومستقبله وعمله ما بعد فترة السجن وماتسمى بالحرية ولاحرية في البين إلّا بزوال ذلك الكابوس المظلم!!
فكان الأخ المرحوم "حكيم عبد الزهرة" من أولئك الذين حكمَ عليه بالسجن المؤبد بعد أن ذاق الأمرّين في سجون البعث السفاح، وواصل أخلاصه وثباته على دينه وعقيدته، فلم تغيره التيارات المتعددة حتى توفاه الله، وكانت له "رحمه الله" كرامة من مولانا موسى بن جعفر "عليه السلام" وهو قابع في دهاليز دائرة أمن الكرخ المظلمة حيث يقول رحمه الله: مارأيت طيلة فترات اعتقالي وتعذيبي جلادًا متوحشا مجرما مثلما رأيت على يد ذلك الجلاد الحاقد المتوحش"كريم الياسري" فلقد ذقت على يديه مرارة الموت مرات ومرات إذ عذبني بأبشع وسائل التعذيب ولم ينقذني منه إلا مولاي موسى بن جعفر يوم توجهت له بصدق توجّهي وجراحة جسدي بعد أن انهارت قوايَ ولم يبق مني جزء لم تنلْهُ سياط الياسري المحمومة، وماأن هوّمت عيناي النازفتين حتى ادركني في منامي "سلام الله عليه" وطمأنني بالخلاص منه، وماهي الا ساعات حتى جاءتني البشارة حينما علمنا أن هذا المجرم قد صدر أمر بنقله إلى مديرية أمن الناصرية لاسباب نجهلها، وسألت الله أن لايسلط حمَمهُ وأفعاله الخسيسة على احد من الصالحين، إذ كان بحق مسخًا يتقمص أفعال الوحوش الضارية وهي تنقض على فريستها!!
فسلام لروحك "ابا أحمد" بعد معاناة واضطهاد. اسأل الله تعالى أن يعوضك الجنان وأن يحشرك مع الشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
٢٠-شوال١٤٤٤هج
١٠-ايار٢٠٢٣م