خالد غانم الطائي ||
من المعلوم ان العوالم التي يمر بها الانسان هي ستة أولها عالم الذر(وهو عالم خلق الارواح )ثم يليه عالم الأجنة فعالم الدنيا فعالم البرزخ (القبر ) فعالم القيامة فعالم الجزاء (الجنة او النار ).
.ففي عالم الأجنة فإن الله سبحانه وتعالى يقذف الروح بالجنين بعد مرور أربعة أشهر وعشرة أيام ..قال تعالى(والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا )سورة البقرة الآية 234 فهنالك شراكة بين البدن والروح (او بتعبير آخر اتحاد )فأذا ما خرجت الروح من البدن انقضت تلك الشراكة أو الاتحاد ..
لذلك يعبر عن البدن الخالي من الروح ب (الجنازة )،والموت هو انتقال للروح وليس بأندثار لها فالبدن مرجعه إلى الارض(الى عالم الخلق وهو المادة )لأنه خلق منها ،قال العلي العظيم (منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة اخرى)سورة طه الايه55 اما الروح فأنها ترجع إلى عالمها وهو عالم الامر(وهو معنوي ) والموت خلق قبل الحياة ..قال- عز وجل-(..الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم ايكم احسن عملا )سورة الملك الاية2.
ويقسم الموت إلى قسمين اثنين هما:
1.الموت الحتمي:وهو ماكان مقدار من الله سبحانه كأن يمرض الله امرءا بمرض فتكون نهايته الموت.
2.الموت الخرمي:وهو ما كان بأفتعال سبب يخرج الروح من البدن كأن يقتل الانسان نفسه بعيار ناري
في رأسه اي بطريق الانتحار وهو محرم شرعا قال تعالى (ولا تقتلوا أنفسكم ان الله كان بكم رحيما )سورة النساء الآية 29 وقتل الآخرين عمدا وهو محرم ايضا (ومن قتل نفسا بغير نفس او فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا )سورة المائدة الآية 32 وقتل الاخربن بغير عمد وحكمه دفع الدية قال عز من قائل(...ومن قتل مؤمنا خطئا فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله )سورة النساء الآية 92.
ولابد من الإشارة إلى أن المرء بأمكانه الانتقال من عالم الدنيا إلى عالم البرزخ بأرادته بصورة قتل نفسه او الخروج للجهاد في سبيل الله ففي حال نيله الشهادة وقد رغب فيه الشارع المقدس بقوله(..وفضل الله المجاهدين على القاعدين اجرا عظيما )سورة النساء الآية 95 فأنه سينتقل إلى عالم البرزخ ومن الجدير بالذكر ان القبر يقسم إلى قسمين هما:
أولهما القبر المادي :وهو تلك الحفرة التي يوارى فيها الجسد ويوجه إلى القبلة.
والنوع الثاني :هو القبر المعنوي او الكلامي فالانسان الذي تأكله الوحوش او تحرقه النار او تتناثر اشلاوئه بأنفجار مثلا فلا يضمه القبر المادي بل يضمه القبر المعنوي فيشعر بالنعيم او الجحيم لقول النبي الاقدس (صلى الله عليه واله ):(القبر اما روضة من رياض الجنة واما حفرة من حفر النيران ) ايضا فأن عمل المرء يتجسد له في قبره حسب ما قدم في دنياه قال -جل شأنه-(وان ليس الانسان الا ما سعى وان سعيه سوف يرى..)سورة النجم الآية 40 ،
فالبدن مطية الروح والروح والعقل وجهان لعملة واحدة فالهناء والعذاب يكون للعقل قال البارئ سبحانه في الحديث القدسي مخاطبا العقل عندما خلقه:(قال له :اقبل ،فأقبل..ثم قال له :ادبر فأدبر،قال فوعزتي وجلالي بك اثيب وبك اعاقب ).
فالتكليف الشرعي ساقط عن فاقد الأهلية العقلية ،وهناك قبر كنائي او مجازي جاء ذكره في سياق الآية الشريفة التي خاطب بها الله- عز وجل- نبيه المصطفى (صلى الله عليه واله )..(...وما انت بمسمع من في القبور )سورة فاطر الآية 22 فهذه القبور تشمل الذين يغلب هوى انفسهم على سلطان عقولهم فالنبي لم يبعثه الله- تبارك اسمه- لنشر دعوة التوحيد في المقابر فكأن هولاء قد قبروا أنفسهم في ابدانهم فقد وظفوا عقولهم لخدمة شهواتهم ونزواتهم وملذاتهم ورغباتهم فأصبحت عقولهم خاضعة لهوى النفس فهم يتصفون بحيوانية الطباع وان كانت صورهم إنسانية وقد جاء وصفهم في القرآن المجيد(ان هم الا كالأنعام بل هم اضل سبيلا )سورة الفرقان الآية 44 ،فقد أصبحوا في رتبة اقل من البهائم لتعطيلهم وتجميدهم سلطان العقل الموصل الى مرضاة الله-جل وعلا- فهم بمثابة قبور متحركة قال تعالى(..لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين )سورة يس الاية70 فالمقصود بكلمة (حيا ) اي ان يكون الانسان حي القلب وحياته ب الايمان بالله المقتضي فعل الطاعات واداء العبادات وتحقيق القربات بأخلاص للمولى -تقدس اسمه
-يقابل ذلك الحياة الروحية الخالدة للذين بذلوا النفس والنفيس لله فقد وهبهم الله ذلك الخلود المعنوي، قال تعالى (..ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون )سورة آل عمران الاية169 وقد قال الامام الحسين )عليه السلام ):(اني لا أرى الموت الا سعادة ولا أرى الحياة مع الظالمين الا برما )
وبأستشهاده (سلام الله عليه ) فأنه نال الحياة الروحية بجوار الله (المعنوي ) لانه اعطى كل شئ لله فأعطاه الله كل شئ. .وكما قال الزعيم الهندي الراحل الهندوسي المعتقد غاندي :(مات الحسين ليعيش ).
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha