كوثر العزاوي ||
إنّ ماورد عن الإمام الرضا "عليه السلام" يدعونا للتأمل وهو يقول:
{لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم من العلماء الدّاعين إليه، والدالّين عليه، والذابّين عن دينه بحجج الله، والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته، ومن فخاخ النواصب، لما بقي أحد إلا ارتدّ عن دين الله، ولكنّهم الذين يمسكون أزمّة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكانّها، أولئك هم الأفضلون عند الله عزَّ وجلَّ}
في الواقع عندما نتأمل مثل هذه النصوص على لسان المعصومين "عليهم السلام" يأخذنا الذهول إلى عكس مانشاهد اليوم من ظواهر التجرؤ على العلماء الموسومين بالورع والايمان، والإستغراق في شأنهم من غير علمٍ بل بنحو الهوى والمزاج غير النقيّ، أولئك المتجاهلون قول نبيّهم"صلى الله عليه وآله": {فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم، إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جُحرها، وحتى الحوت في الماء ليُصلّونَ على معلّمِ الناس الخير}! فهل ياترى ثمة خير أعظم من أن يجد الأنسان مَن يمسِك بأزِمّة قلبه خشية السقوط في جبّ الهوى والشبهات والانحدار إلى قعر الموبقات! أثمةَ فضلٍ إلّا لِمَن يضمن للأمة سلامة الدين والمنهج من وطأة الضلال والنكوص في زمن التقهقر وتراجع القيم والأخلاق؟!ومما لاريب فيه، كلما تجاهل الناس مقدار العلماء ومنزلتهم، وغمطوا حقوقهم وعَمَدوا إلى الاستخفاف بمَهامّهم المقدسة، كلما أدى ذلك إلى نشوء شريحة تتستّر بلباس العلماء لتفرض نفسها على الواقع بهدف إضعاف الطاقات الروحية والمعنوية باتجاه الدين وأهله، وانحسار الدور المؤثر للعلماء المشهود لهم في الاوساط الشعبية مما يعرّض المجتمع الإسلامي ومبادئه لغزو المبادئ الهدامة وخطر الزيغ والغيّ والانحراف، في الوقت الذي يتحتّم على كل مؤمن حريص على دينه أن يٌطلق مجامع قلبه للإصغاء إلى ماورد عن حجج الله المعصومين من آل"محمد عليهم" بحق علماء شيعتهم، لمثل ماورد فيهم عن الإمام الحسن المجتبى"عليه السلام" قائلا:
{يأتي علماء شيعتنا القوّامون بضعفاء محبّينا وأهل ولايتنا يوم القيامة، والأنوار تسطع من تيجانهم على رأس كل واحد منهم تاج بهاء قد انبثت تلك الأنوار في عرصات القيامة ودورها مسيرة ثلاثمائة ألف سنة، فشعاع تيجانهم ينبَثُ فيها كلها فلا يبقى هناك يتيم قد كفلوه، ومن ظلمة الجهل علموه، ومن حَيرة التيه أخرجوه، إلّا تعلق بشعبة من أنوارهم، فرفَعتهُم إلى العلّو حتى تحاذي بهم فوق الجنان}!!
فهل بعد هذا تجد من يتنكّر لجهود العلماء التي جعلت من الدنيا مزرعة صالحة لبذر ثمار الآخرة الطيبة، وعدم الاستفادة من هذه العطاءات والتخلّي عنهم وتركهم إنما هو تنكّر لما جاء على لسان المعصومين أعلاه
فضلًا عما جاء من إنذارٍ وتنبيه في رواية عن النبيّ"صلى الله عليه وآله" يجب التوقف عندها والتأمل بها مليًا، لأنها تدق ناقوس الخطر في هذا الزمان، حيث يقول:
{سيأتي زمان على أمتي يفرّون من العلماء كما يفرّ الغنم عن الذئب، فإذا كان ذلك، ابتلاهم الله تعالى بثلاثة أشياء: يرفع البركة من أموالهم.
ويسلّط الله سلطانًا جائرًا،
ويخرجون من الدنيا بلا إيمان}
أجارنا الله أن نكون مصداقا لهذا الزمان.
٧-شوال١٤٤٤هج
٢٨-نيسان٢٠٢٣م
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha