كوثر العزاوي ||
ثمة هدوء يحصل في داخلنا اختيارًا، لتهدأ الفوضى التي تجتاح كياننا، وعندما نتخطى مرحلةً صعبة من حياتنا على نحو الرضا والتسليم فقط كي نبقى متَّزنين ضمن دائرة الاستقامة، فالهدف أسمى من أن نجعل شيئًا يُحبط ما بنيناه لأنفسنا تحت سنابك الأقدار والأهوال في عقود عجاف! وقد شاءت الأقدار لنكون في عداد الناجين من قسوة الضربات القاتلة، وعشنا متفرّدين في أوساطٍ كالغرباء، ورغم الزحام حولنا لم نقبض أيدينا ولم نغلق منافذ البذل في وجوه المعسرين، ونحن نعلم جيدًا أن طريقنا لم تزل مقفلة وبالاشواك حافلة، طالما لم يَحن بعدُ موسم قطف الرياحين، وأنّ الجميع سيهرب من حولنا حالَما تهدأ عواصف هِمَمِنا، فنصاب من هول الصدمة بنوع من تبلّد المشاعر فلم نعد مبالين لما يصيبنا، فلا شيء يحزننا ولا شيء يسعدنا، وكل الذي يلازمنا بقية حياتنا هو الخوف من اﻷيام، الخوف من ضربة جديدة تسبب انتكاسة تفقدنا الشعور باﻷمان والثقة في طريقٍ اتخذناها مطية للسموّ في زمنٍ غرَسوا فينا بذور القوة والصبر لنفقه المعاني من آيات الله"عزوجل"
{وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} آل عمران ١٤٦
ومن هنا أصبح الأمر سيان صبرنا أم جزعنا فالنتيجة هي الحقيقة
"أن لا شيء يدوم" ولابدّ من الثبات،
فلاتلوموا مَن لايستطيع الكلام ، مَن يضع حدًّا بينهُ وبين كل شيء، هو شخص مُشَتّت يحتاج السلام ، فكل الأشياء التي كانت تُفرحُه فَقدَت بريقها في زمن التخلّي وضبابية الآفاق، ضائع يبحث عن وَعدٍ في صحراء الدنيا وقد أرهقه الانتظار! لا تلوموا أحدًا لا تعرفون درجة الوجع الذي يغمر كل كيانه، وكم مرة انطفأَ ونام هربًا من واقع لم يعرف سَمْتهُ ولا التعايُش معه! كم مرة طاردتهُ الذكريات فخرّ ساجدًا يرجو الثبات، لا أحد منّا يعرف عدد المعارك المنظَمة بداخل كل منّا فجميعنا يُجاهد ليكون أفضل نسخة من نفسه، ليطوي صفحة العمر دون ترك ندبة في الآخرين، ظروفُ كلّ منّا مدفونة بداخله، ولكُل واحد فينا بئر عميق من الشعور والهواجس يصرخ فيها متى شاء دون أن يُحدثُ ضجة..!
٢-شوال١٤٤٤هج
٢٣-نيسان٢٠٢٣م
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha