خالد غانم الطائي ||
من جملة العواصف التي تعصف بالاسرة هي العنف والذي يعني استعمال المرء للقدرة المادية او المعنوية او كليهما اللحاق الاذى بأخر او ممتلكاته استعمالا غير مشروع ويتضمن عنف الزوج تجاه زوجته وبالعكس وعنف الوالدين تجاه الأولاد وبالعكس ايضا وله الوان متعددة منها العنف البدني واللفظي والفكري والتهديد ،
وله مسببات تتمثل في ضعف الدافع والواعز الديني وسوء وقلة الفهم وافتقاد ثقافة الحوار والتواصل والمشورة ضمن اطار الأسرة و كذلك رداءة التربية والنشوء في بيئة تتميز بالعنف ،والاختيار السيء لشريك العمر وعدم الانسجام بين الزوجين في معظم الجوانب او جميعها احيانا بما فيها الفكرية.
والاسرة هي اللبنة التي تساهم في بناء المجتمع اذ تمثل مؤسسة اجتماعية تنشا من اقتران رجل وامراة واركانها المهمة ثلاثة،الزوج والزوجة والاولاد.. ويعد العنف الاسري احد انواع العنف واهمها واخطرها فالاسرة هي ركيزة المجتمع واهم بنية فيه ولايمكن حصر ممارسة العنف والعدوانية باحد الأبوين وإنما الممارس له هو الاقوى في الأسرة اذا وصل احد الوالدين لمرحلة العجز وكبر السن ومن الجدير بالذكر ان الأسرة غلى نوعين الاول الأسرة المركبة او الممتدة وتضم الأولاد والاباء والاجداد وتكون السلطة فيها للاكبر سنا من الذكور والنوع الآخر هي الأسرة الصغيرة وتضم الأبوين ومن يعولون من الأولاد وتكون مستقلة بذاتها اقتصاديا واجتماعيا وتشرف على تربية اولادها من دون تدخل من اطراف او اشخاص من العائلة المركبة او الكبيرة.
ويتفرع العنف الى العنف المادي ويشمل الايذاء البدني (وهو كل مايؤذي البدن نتيجة تعرضه للعنف مهما كانت درجته )والقتل (وهو من ابشع الانواع واشدها قسوة ولعل اكبر المسببات هو الدفاع عن الشرف)..ايضا الاعتداءات الجنسية المتمثلة بالاغتصاب فقياسا بالقتل تنتهي حياة الضحية بعد تجرع الآلآم والمعافاة لمدة محدودة اما في الاغتصاب فتعاني الضحية من الآلآم النفسية وتلازمها الاضطرابات الانفعالية ما امتد عمر الضحية.
والفرع الآخر من العنف هو العنف المعنوي والحسي ويشمل الايذاء اللفظي وهو كل ما يؤذي مشاعر الضحية من شتم وسب وكل لفظ يحمل التجريح وفيه وصف للضحية بصفات مزرية مما يشعرها بالامتهان والانتقاص من شأنها وكذلك يشمل الحبس المنزلي او انتقاص الحرية وهذا الامر مرفوض لكونه يمثل لونا من الوان الاستعباد وربما يمارس ضد النساء والفتيات...ايضا الطرد من المنزل وهذا يمارس ضد الذكور لاعتبارات اجتماعية تميز المجتمعات العربية عن غيرها وهو اخر اجراء يستخدمه الأبوان عند عدم تمكنها من تهذيب سلوك الابن الضحية.
ولابد من المرور على دوافع العنف الاسري فمنها الدوافع الذاتية النابعة من ذات الانسان ونفسه فمنها ما تكون نتيجة ظروف خارجية من قبيل الاهمال وسوء المعاملة (والعنف الذي تعرض له الانسان منذ طفولته) وبالتالي تراكمت نوازع نفسية ادت الى التعويض عن الظروف السابقة الذكر باللجوء الى العنف داخل الاسرة.
وهنالك دوافع يكنها الانسان منذ تكوينه فتنبت فيه سلوكيات متقاطعة مع الشرع المقدس كان الاباء قد اقترفوها وانعكست تكوينا على الطفل فيتحقق العامل الوراثي هنا.
ناهيك عن الدوافع الاقتصادية فالاب لايبتغي الحصول على مكاسب اقتصادية من استخدام العنف إزاء اسرته بل لتفريغ شحنات الخيبة والفقر الذي تنعكس آثاره بعنف الاب تجاه اسرته،وكذلك الدوافع الاجتماعية المتمثلة بالاعراف والتقاليد السائدة والتي تفرض على الرجل قدرا من الرجولة اذ لا يلجأ في قيادة اسرته الا الى العنف والقسوة فهما بنظرهم مقاسات لمعرفة رجولة الرجل والا فهو ليس من عداد الرجال وهذا النوع يتناسب طرديا مع الثقافة التي يحملها المجتمع وبالذات الثقافة الاسرية علما ان بعض افراد هذه المجتمعات قد لا يؤمنون بهذه العادات والتقاليد ولكنهم يتجهون اليها بدافع الضغط الاجتماعي.
ان الدين الاسلامي ينبذ العنف بكافة انواعه وخصوصا على مستوى الأسرة وما دعا اليه الاسلام من التنبيه لا يعد في واقعه عنفا بقدر ما هو اسلوب علاجي للحفاظ على كيان الأسرة وتحصينها من الانهيار ولم يترك تقدير هذا التنبيه الى الاب بحيث يكون عقابه وفق ما يراه ومن دون ظوابط وشروط اذ ان الهدف من التنبيه والذي اقره الاسلام هو لايقاف المخطيء عن خطئه لينزجر وليس للوصول للانتقام والتشفي..
وضرورة تناسب التنبيه مع الخطأ المرتكب فمن غير المقبول حرمان طفل من الطعام طيلة يوم كامل لمجرد مشيه حافيا مثلا...وان يكون التنبيه هو الخطوة الأولى التي يلجأ اليها في علاج الخطأ بل لابد من ان تسبقه مرحلة النصح ولفت النظر كلاميا ..ايضا ان لا يقود التنبيه الى المساس بكرامة من يعاقب كأن يعاقب على مرأى ومسمع من الآخرين وإنما تراعى السرية قدر المستطاع ومن المهم جدا تعريف الخطأ من الصواب وتنوع طبيعة التنبيه وعدم التركيز على نوع واحد منه مما قد يألفه فلا يعد يؤثر فيه مع ضرورة نسيان الأخطاء السابقة المعاقب عليها وعدم التذكير بها.
وختامه مسك قوله تعالى(ومن آياته ان خلق لكم من أنفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة..)سورة الروم الاية21.
ــــــــ
https://telegram.me/buratha