رسول حسن نجم ||
رحم الله بدر شاكر السياب، فمازالت انشودته في المطر لم يأتي دورها بعد الذي حلم بتحقيقه يوماً ما، ففي العراق لسنا بحاجة إلى لجان تحققية او هيئات رقابية او ضجيج اعلامي يسلط الاضواء على حالة معينة لكي تُكشف أمام الرأي العام ومن ثَمّ يذهب كل شيء أدراج الرياح، وسرعان ماتعود الامور الى طبيعتها بعد كل أزمة طبيعية او مصطنعة وينتهي كل شيء، بعد أن تمر على المسؤولين مرور الكرام وهم يحتسون فنجان القهوة مستمتعين بالمنظر الخلاب للعراقيين في موسم يُعشوشبونَ به هم وبيوتهم وسياراتهم وأطفالهم وممتلكاتهم في كل عام منذ عشرات السنين.
لسنا بحاجة إلى محققين حاذقين او إعلاميين بارعين أو مسؤول شريف يكشف لنا قضية غرق القرن، فتكفي دقائق من السماء أو ساعة من صيف العراق اللاهب لنكتشف التخطيط العمراني والحضاري ومنظومة تصريف مياه الأمطار الحديثة وصيانتها المستمرة وكيف ان الدولة بما تملكه من ميزانيات ضخمة وطاقات هائلة لاسيما في تطويرها للسدود وبناء محطات الكهرباء العملاقة!! لقد وصل المسؤولون العراقيون الى درجة الموت السريري، فلم يعد بمقدورهم أن يستشعروا الألم والمعاناة والضياع الذي يمر به أبناء شعبهم.
كما لم يعد بمقدورهم أن يبنوا(گنطرة) فضلاً عن بناء جسور الثقة بينهم وبين جماهيرهم التي ذاقت ماذاقت وعانت ماعانت من شظف العيش والرقص على جراحهم وجرعات التخدير التي أدمنت أجسامهم وعقولهم عليها فلم تعد فعّالة.
لقد رأينا وسمعنا الكثير عن غرق المدن والبيوت والمساجد والسيارات، لكن غرق مطار بكامله فاق كل التصورات! وأضاف الى السجل الحكومي بنداً جديداً في ملف الخدمات يستحق الدخول إلى موسوعة غينيس للأرقام القياسية في دولة ميزانيتها لعدة سنوات مئات المليارات من الدولار.
https://telegram.me/buratha