إيمان عبد الرحمن الدشتي ||
منذ أدركنا الوجود وحياة المجتمعات نراها بين شد وجذب وعلى مرّ الأزمان، خاضعة لقيادات وضعية استعلت وتنصبت أما بالوراثةِ أو بإنقلابٍ أو بانتخابٍ أو بالصدفةِ حتى! وفي كل الحالات يسود هذه القيادات القصور أو التقصير أو كلاهما "إلا من رحم ربي" حتى صارت الأرض عطشى لفيوضات قائد من جود السماء.
عند تحليل سبب القصور أو التقصير لدى القيادات؛ نستنتج أن قصورها ناتج عن عدم دراية ومكنة وحنكة واستنباط وتحليل لمجمل أساليب القيادة، وأن الفرصة التي أتت بهذا القائد أو الحاكم هي الجاني الأول بحق ذلك المجتمع الذي يحكمه، أما حالة التقصير ففي معظمها أسبابها الإستفراد المقصود والطغيان والتجبّر وحب الذات عند ذلك القائد، فيحكم وهو غير مكترث بمعاناة رعيته بل شاغلاً أفكارهم بهمومٍ يوميةٍ ليحافظ على ديمومة حكمه وسلطانه، وفي كِلتا الحالتين فإن الرعية هي من تدفع الثمن فقراً وقتلاً وتنكيلاً وسلباً لحقوقها وإجحافاً وإقصاء، وهذا ما لاحظناه في كل الحكومات الهزيلة والطاغوتية على مرِّ التاريخ وإلى يومنا هذا، حتى باتت المجتمعات تئن من تراكم معاناة إقتصادية وسياسية وسلوكية وأخلاقية وصحية وغيرها، وهي غير قادرة على الخلاص والنهوض من إحداها إلا وتسقط بما هو أدهى وأمر.
كل ما حصل ويحصل هو نتيجة التجاوز على إرادة السماء، وتخطي الحدود التي رسمها الله تعالى لاستخلاف الأرض، والتحايل على الصفوة التي اختارها سبحانه للخلافة، قال الله تعالى (إني جاعل في الأرض خليفة) فهل يعقل أن يكون خليفة الله غير مؤهل لاستخلاف الأرض؟! أم هل من الممكن أن يحكم وفق رغباته ونزواته ولا يحكم بحكم الله؟! قطعاً لا يكون أهلاً للخلافة بمعناها الأشمل والأعم إلا المعصوم، وما قيادة النبي الخاتم وسيد الأوصياء (عليهما وآلهما الصلاة والسلام) للأمة، ورغم كل ما مرّا به من تحديات إلا أنموذجا لتلك القيادة الربانية.
لنتأمل حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم (إني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما فلن تضلوا بعدي ابدا) "لن تضلوا بعدي أبدا" ما أعمقه من توكيد وأجلاه من بيانٍ على لسان الصادق الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فلو أن الأمة وحدت كلمتها، وحفظت الأمانة وطبقت الوصية، واستثمرت الأرضية الخصبة التي أحياها نبينا الأكرم صلى الله عليه وآله لكان حال البشرية بأجمعهم مختلفاً تماماً عما هو عليه الآن، ولأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم، ولما رأينا للظلم مشهداً، ولا للجور دعامة، ولكن مهلاً مهلا! يأبى الله إلا أن يتمَّ نوره ولو كره الكافرون.
أنَّتْ الأرض من ظلم العباد، وحنَّت لمخلصها من الجور والفساد، وستدرك ظهوره بكل استعداد، وإنّا وإياها للمهدي (عجل الله فرجه) لمنتظرون.
https://telegram.me/buratha