مانع الزاملي ||
في كل عام يعود شهر رمضان على الاحياء منا ، بحكم الدورة الزمنية التي ليس لنا اي تحكم فيها ، وتعود علينا كل الاحاديث المأثورة عن فضل هذه الايام المباركة ( ايام معدودات ) ( كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم )واحاديث وروايات موثوقة عن الرسول ص وعن طريق أئمة الهدى صلوات الله وسلامه. عليهم وكلها احاديث نور في فضل هذه الليالي والايام ،واصبح اغلب المؤمنين يعلمونها ويتبارى الكتاب والمثقفون الاسلاميون وحتى الذين لايتخذون من الاسلام منهجا في الحياة العامة ، ايضا يكتبون ويسهبون في شرح فضائل هذا الزائر الحبيب !
ولست محتجا على الذين يرحبون بشهر الطاعة كما يحلو للبعض ان يسميه ، وصيامنا وقيامنا نحن هو ممارسات شكلية وهي مطلوبة وضرورية ، واعني الامتناع عن الاكل والشرب وكل ما من شأنه ان يخرج المسلم الصائم من كرامة الطاعة الى العصيان ، كما ذكرها العلماء حفظهم الله ، والحكمة من الصوم هي الاصلاح والتغيير نحو الاحسن وبمقدارالاستطاعة ، اي تبديل كل امر سيءبحسن ، هذه الكلمة التي لاكتها الالسن ، وتغنى بها اشد الناس فسادا وتجاوزو على الحرمات لدرجةً الاعتداء على الحياة ! والفرض يقتضي ان نتغير اولا ثم نغير حتى لاتنطبق علينا نظرية ( فاقد الشيء لايعطيه ) وعملية تغيرنا نحو الافضل لاتزال مورد شك واخذ ورد ، فمنهم من يدعي ان هناك تغيير واصلاح وتقدم الى الامام ، والحقيقة الواقعية تحكي غير ذلك ، فكلامنا ندعي به الاصلاح لكن صمت السكون والمراوحة في حالنا لم يسجل اي انجاز يمكن ان نسوقه لغرض التشجيع على الاقل ، ولاني منذ زمن ارفع شعار ( انا مع الحقيقة ) لم ارى او اتلمس او اتوقع اننا استفدنا من صيامنا وعباداتنا شيء عملي ، ربما هناك مكسب للذات ، والفرد ، لكن موضوعي هو ماذا حققت العبادة بهذه الشعيرة على الحياة العامة ، باعتبار اننا نرفع شعار ( ديننا سياسة وسياستنا دين ) ومن حقنا ان نسال ؛ ماذا تحقق ! وهل الوقت الذي استهلكناه بالتسويف والتمني كان قليلا مثلا ؟ ام اننا نطلب العافية لذلك لم نمسك بيدالسارق والخائن والمتسلق على موقع غيره ! صيامنا سيكون بناءا للذات ونحن صادقون في التمسك به متى ما غيرنا بجد وشعر المحرومون ان الميسورون الصائمون احسوا بألم الجوع والعري ، والعري بمعناه العام ، فالذي لايملك بيتا عاريا ، والذي لايملك قوت يومه عاريا، والذي يسكن في بيوت الصفيح عاريا ، والذي لايملك اجور الكهرباء عاريا ، والذي خذله الذين اعطاهم صوته في الانتخابات عاريا ، والذي اكمل دراسته الجامعية ويمارس مهنة ( عامل بناء يحمل الطابوق على ظهره ) عاريا مركبا، وقس على ذلك كل الامور ، فمتى نصوم ونتغير وننتج ونغير اوضاعنا ، عندها سنقول نحن ابناء شهر رمضان وان لم نفعل فرمضاننا السنة لايختلف عن رمضانات خلت على عدد السنين التي صمناها ، ولم نوفق للفوز في تنفيذ الحكمة من الصوم ، وكالعادة نردد التهاني ونقول لبعضنا رمضان كريم وليته يكون كريما مع الجياع والمحرومين , اذن رمضان كريم ومبارك علينا ان شاء الله .
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha