لمى يعرب محمد ||
يختلف الناس في بناء هويتهم، والهوية هي التي تلخص الآراء و الجوهر وثبات المواقف، أو بمفهوم آخر وضوح شخصية الفرد في الواقع الطبيعي داخل المجتمع والأمة، وبما أن البناء الثابت عطاء للحاضر والمستقبل، فالمستقبل المنشود والمطلوب مرهون على الحاضر الحالي متمسكا بالقليل من الماضي القريب، وبالتالي تكون هوية حاضرنا السليم مثابة البوصلة التي تحدد لنا مسارنا في المستقبل.
تفرض هوية الانتماء الواحد إلغاء دور تعدد الأبنية والجميع لصالح الواحد، ومن الممكن الاستفادة من هذه التعددية من خلال الحفاظ على الإطار العام لغنى التعدد بداخل هذا الانتماء، ولو فرضنا إن هناك مجموعة بشرية متعددة الفوارق والاختلافات المجتمعية والبيئية، وذات عناصر تاريخية وعقائدية مشتركة، أكثر ما يعنينا في هذه الحالة هو بناء عقل هذه الشخصية في فهم الانتماء بصورته الصحيحة وترسيخ المبادئ التي نهدف إليها.
بالمقابل من الصعب الحديث بشكل علمي مدروس يحتسب بصيغة رياضية موحدة، فلا طبيعة المجتمع ثابتة ولا من المستطاع المقارنة بين دولة أو أخرى أو منطقة بأخرى، إذ لا يمكن مقارنة أصول الانتماء بين المجتمع العراقي وبقية المجتمعات العربية، فلا بد من اختلاف؛ لذا أنا اعتقد إن ميزة الهوية تمثل نبذة النقاء الذاتي ونجاحه في المجتمع، ومن أجل بناء مشروع انتماء صحيح وناجح يجب بناء شخصية جديدة جامعة تتطلع لبناء الانتماء فعلا، تتشكل من الواقع ويعتد بها كمنهاج مدروس ويعتبر منطلقا يسير به غدا.
السبب الذي دفعني إلى كتابة هذا المقال، هو ظاهرة خطيرة جلبت انتباهي، بدأت بالتزايد يوما بعد يوم، وهي خلط الأوراق والمفاهيم، وربما بالمعنى الأصح عدم المعرفة والجهل والعشوائية، فلا الإرث الديني يناط بها ولا المجتمعي.
إن المجتمع في حالة تغير مستمر، ومسؤولية التشظي الذي حصل ويحصل دائما، يعود إلى العوامل السياسية والمتغيرات الفكرية التي يصاب بها المجتمع فكريا بصورة مكثفة ومستمرة؛ ولهذا السبب إن مصطلح الانتماء يحتاج دائما إلى تجديد أو على الأقل ترميم بناء ومتابعة، خصوصا للصفوف الأولى وإيجاد لاحم لمضمون البناء مع الهوية والانتماء وتوضيح مفهومات بسيطة يستطيع المتلقي أن يستوعبها بكافة معانيها في سياق نظرة مستقبلية ناجحة، بوجود معادلة متوازنة تؤلف عنصرا جديدا مواكبا لكل المتغيرات يكون هو الأقوى في البقاء يخرج بنتيجة إن الأهم دوما قبل كل شيء هو..
البناء قبل الانتماء!..
https://telegram.me/buratha