المقالات

الإستراتيجية الوطنية للتربية والتعليم: 2022-2031(التلاميذ والواجب البيتي)

698 2023-03-04

حازم أحمد فضالة ||

 

    أعلن السيد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في برنامجه الحكومي، إطلاق: (الإستراتيجية الوطنية للتربية والتعليم: 2022-2031)؛ من أجل إصلاح هذين القطاعين.

    سنتكلم عن وزارة التربية، مع وجود نقاط كثيرة تستحق المناقشة في هذا القسم؛ لكن سنقف على مشكلة أساس سببت ضررًا بالغًا في العملية التربوية، نرجو أن تأخذ حقها في المعالجة ضمن هذه الإستراتيجية الوطنية.

هذه المشكلة الأساس هي: (الواجب البيتي) وتداعياته.

1- عندما يُسَجَّل التلميذ في الصف الأول ابتدائي في (مدارس العراق)؛ تبدأ معه من يومه الأول جولات (الواجب البيتي)؛ إذ يعود إلى بيته مُحَمَّلًا بدروس الواجب البيتي!

2- إنَّ آلية (الواجب البيتي)، التي تمارسها وزارة التربية والمدارس في العراق، تكاد تكون معدومة في الدول المتقدمة، فهي ليست موجودة في أميركا ولا الدول الاسكندنافية مثلًا، ولا وجود لهذه العملية إلا في درس علمي اسمه (المشروع - Project ) يتشارك به أكثر من تلميذ، ربما يقدمونه مرتين في موسم الدراسة.

3- العملية التربوية، خلقت آلية التكثيف والتحفيظ مع التلاميذ والطلبة، وهي (تداعيات الواجب البيتي)، فحوَّلت العمليةُ التربوية المدارسَ من مؤسسات للإبداع والراحة والتفكير، إلى مؤسسات للضغط والإزعاج، وبذلك قتلت روح الإبداع والقدرة على التفكير في نسب عالية جدًا من المجتمع.

4- العملية التربوية، حوَّلَت الآباء والأمهَّات إلى (مدرسين ومدرسات ومعلمين ومعلمات)! لأنَّ المدرسة ترمي الدروس (الواجب البيتي) على ظهر التلميذ: (خمسة دروس أو أكثر)، يذهب بها إلى البيت، وعلى الأم والأب وحتى الإخوة والأخوات أن يجلسوا مع التلميذ ليدرسوه هذه الدروس، حتى يحفظها عن ظهر قلب، ثم يذهب إلى المدرسة ليتلوها تلاوة دون علم أو فهم.

5- إنَّ آلية (الواجب البيتي)، صنعت من المعلمين والمعلمات، والمدرسين والمدرسات؛ (قنوات لتوزيع الواجبات على التلاميذ) وليس تعليمها! لأنَّ الذي يُعَلِّم التلميذ اليوم هو: (الأم والأب والإخوة والأخوات)، وسرقت هذه الآلية بذلك أوقات العائلة.

6- (الواجب البيتي)، حوَّل (التعليم المجاني) إلى أكذوبة فاضحة! لأنَّ التلاميذ والطلبة، لم يحصدوا النجاح والتقدم من آلية (الواجب البيتي)، وهم في النهاية لا بد أن يدخلوا في دورات خاصة في المعاهد، والأجور في بعض المعاهد للدرس الواحد تصل: (1-1.5) مليون دينار! فصار التعليم في العراق مكلفًا أكثر من أي دولة إقليمية أو مجاورة، لأنَّ (المجانية) تعني أن تظل الدولة حاملة هذا المشعل؛ حتى يتخرج الطالب في الابتدائي ومن ثَمَّ في الإعدادي، ولا يتحول إلى شعار مُفرَغ من محتواه.

7- (الواجب البيتي)، صار وسيلة لإفراغ جيوب الآباء والأمهات… وصنع طبقية فظيعة في المجتمع، فالأثرياء يسجلون أولادهم في أفضل المدارس الخاصة أو معاهد الدورات الخاصة، لكن أغلب العائلات غير المتمكنة ماليًا، لا تستطيع حرمان أولادها من النجاح والتفوق؛ لذلك تنفق كل ما عندها من أموال، وتتداين؛ لتتمكن من دفع أجور التدريس الخصوصي.

8- آلية (الواجب البيتي)، حرمت التلاميذ من أن يَحْيَوا حياة الطفولة والاستمتاع، لأنَّهم عليهم أن ينكبوا في بيوتهم على الحفظ المكثف بسبب تداعيات (الواجب البيتي)، ولا يستطيعون الخروج للعب في الأماكن المخصصة، ولا التنزه مع أهلهم، والعائلة كلها في صراع مرعب مع وحش كاسر اسمه (الواجب البيتي)!

9- التلاميذ في أغلب المدارس، وخصوصًا المحافظات، خسروا: درس الرياضة، الفنية، وجود المختبرات العلمية، وأي دروس للفن والإبداع والترفيه، وأغلب المدارس ليست بها ساحة خاصة للرياضة، ولا كرة واحدة لأي لعبة رياضية! ولا وجود للمرسم… هذا كله بسبب (الواجب البيتي) وتداعياته، بل أحيانًا التلميذ لا يحصل حتى على حقه في (الفرصة) بين درسين، لأنَّ آلية التكثيف تلتهم الوقت المخصص للدرس، وتتعداه إلى (الفرصة)!

10- نلاحظ أنَّ السفارات الغربية في العراق، وعلى رأسها السفارة الأميركية؛ تتدخل في شؤون كثيرة، وتتكلم عن المساواة والحقوق… إلخ لكنها تغضّ الطرف عن عملية التدمير التربوي الممنهج، الذي يحطم الأجيال جيلًا بعد جيل؛ بسبب (الواجب البيتي) وتداعياته، وهذا مقصود حتمًا، لأنَّ السياسة الأميركية؛ لا تريد مجتمعًا عالمًا واعيًا منهجيًّا.

11- نقرأ في قرارات وزارة التربية تقييد دخول الطلبة في الامتحانات النهائية للمراحل المنتهية، والدور الثالث… إلخ لكن! لا نجدها تقف على تقصيرها بحق التلاميذ والطلبة وأهلهم! وامتناعها عن معالجة هذا الأسلوب المتخلف التدميري (الواجب البيتي)!

12- ما لم تتخلص الدولة العراقية من آلية (الواجب البيتي) وتداعياته (الحفظ المكثَّف، وقتل الإبداع)؛ فإنها لا تنفعها أي إستراتيجية وطنية أو أجنبية، بل تحتاج الدولة إستراتيجية وطنية؛ للخلاص من (الواجب البيتي) وتداعياته.

 

ــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
جبارعبدالزهرة العبودي : في سورة مريم اكد اللنه سبحانه على اهمية المراة في الحياة من خلال الحمل والاولادة ...
الموضوع :
الى جماعة الجندر: من كنوز القرآن..تكريم المرأة ..!
جبارعبدالزهرة العبودي : الذين سبقوا الامام علي ليسوا بخلفاء لانهم سرقوا الخلافة من الامام علي عليه السلام فهو القائل (زفت ...
الموضوع :
عوامل ثورة الامام الحسين ع ومعطياتها - ١٢ -غياب روح المسؤولية عند الامة 
علي علي : مقال مهم يوضح انجازات لم تكن واضحة للجميع, وفق الله الكاتب من افضل ما قرات ...
الموضوع :
ماذا قدمت حكومة السوداني ؟!
علي عزيز : السلام عليكم عزيزي ورد ذكر بني معروف تقول إن إمارة المنتفق فيهم لكن لايوجد تفاصيل تاريخه حول ...
الموضوع :
عشائر قضاء سوق الشيوخ عبر التاريخ.
ستار العابدي : مثلك أقول إن التاريخ الوارد في اخبار معركة الطف كاذب ومزور وغير قابل للتصديق فعندما تراجع كتب ...
الموضوع :
لعبة العدد في القضية الحسينة..!
جابر شاهر جعفر : احسنتم شيخنا الفاضل الماسونية و الوهابية والسياسة العلمانية السنية واعلامهم المضل اخفت حقائق الإسلام المحمدي القويم وقاموا ...
الموضوع :
من العراق الى المغرب..رسالة إلى بابا عاشوراء
Azad : وهناك خيانة يقترفها مسعود منذ عام ١٩٩٢ والى يومنا هذا حيث قد جعل من الإقليم مستعمرة تركية ...
الموضوع :
مسعود البرزاني : العميل رقم ٤١
عبدالغني مرشد الحميري : سقف الحرية والجهل كحكومة ودولة مسلمة الاسلام دين لها وكتاب الله مرجعا لها وسنة رسول الله عليه ...
الموضوع :
السيد الملحد البخيتي وآليته في الجدال ونقاط ضعفه ة(البهيمية Zoophilia) أنموذجًا
مواطن : لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم عجيب حين تخالف ارادة الانسان معتقده هو يرتجز باليقين انه ...
الموضوع :
لوحة الشمر بن ذي الجوشن ..  
فيسبوك