الشيخ الدكتورعبد الرضا البهادلي ||
📍اذا اخلص العبد مع الله تعالى ، كان الله معه في كل حياته وفي دقائقها ولحظاتها فلا يتركه ابدا ولو اجتمعت عليه الانس والجن ، لانه خالق الوجود ومالكه ومدبره والمحيط به فلا يعزب عنه مثقال ذرة في الارض ولا في السماء والقادر على كل شيء فالعالم كله في قبضة الله تعالى يقلبه كيف يشاء ، ولاجل ذلك فالله تعالى لا يترك عباده لو تمسكوا به باخلاص ، انما يحفظهم ويحميهم ويدافع عنهم ويخلصهم من مصيبة ويجعل عاقبتهم امرهم الى خير . ولذلك نرى معية الله تعالى لانبيائه واوليائه وكيف حفظهم من المصائب والبلاءات والمحن عندما تعرضوا لها في حياتهم كما اخبر هو تعالى في كتابه العزيز القران الكريم .
📍فهذا نبي الله ابراهيم عليه السلام قرر الملك رميه بالنار من اجل ان يحترق وتذهب رسالته الالهية ،ويتحول الى فحم ويصبح ابراهيم عليه السلام نسيا منسيا، ولكن الله تعالى حول النار الى برد وسلام فتحولت النار من حالة الاحراق والاشتعال الى شيء اخر ، وهذه قدرة الله تعالى انه يستطيع ان يحول الاشياء ويبدل خصائصها .
قال تعالى : قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ، قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ ،وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ.
وهذا نبي الله موسى عليه السلام قد حفظه الله في ولادته من القتل ، إذ كان فرعون قد امر بقتل الاولاد في سنة ولادته فاوحى الله الى ام موسى : (أَنِ ٱقْذِفِيهِ فِى ٱلتَّابُوتِ فَٱقْذِفِيهِ فِى ٱلْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ ٱلْيَمُّ بِٱلسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّى وَعَدُوٌّ لَّهُۥ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّى وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِى). وقد التقط ال فرعون هذا الوليد المبارك ، وقد جعل الله تعالى موسى يتربى في بيت فرعون ، فجعل من اراد قتله ان يربيه في بيته ، لذلك قالت امراة فرعون لا تقتلوه وكانوا يريدون قتله :" وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ" . فتدبر قدرة الله تعالى وحفظه لهذا الوليد .
📍ثم بعدما كبر موسى عليه السلام وبعثه الله تعالى الى قوم فرعون اراد فرعون القضاء على موسى عليه السلام وقومه ، ولكن الله تعالى انجى موسى وقومه من فرعون بعد ان اراد فرعون قتل موسى وقومه : فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ. فصار البحر آمنًا لموسى ومن اتبع من المؤمنين، وأغرق الله تعالى فرعون وجنوده .
وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ .
📍فانظر ايها العزيز كيف ان الله تعالى خلص موسى عليه السلام وقومه واغرق فرعون وجيشه القوي الذي لا يقهر ، بل انه في اخر لحظات حياته قال فرعون امنت بالذي امنت به بنو اسرائيل، ولكن لم ينفعه ايمانه بشيء ، لان الايمان جاء متاخرا .
📍ولقد ابتلى الله تعالى ايوب بالمرض وفقد الاهل والمال : وَأَيُّوبَ إِذ نَادَىٰ رَبَّهُۥۤ أَنِّی مَسَّنِیَ ٱلضُّرُّ وَأَنتَ أَرحَمُ ٱلرَّ ٰحِمِينَ . فَٱستَجَبنَا لَهُۥ فَكَشَفنَا مَا بِهِۦ مِن ضُرࣲّۖ وَءَاتَينَـٰهُ أَهلَهُۥ وَمِثلَهُم مَّعَهُم رَحمَةࣰ مِّن عِندِنَا وَذِكرَىٰ لِلعَـٰبِدِينَ.
وبعد هذا البلاءت التي طالت سنوات واخذت من ايوب ماخذها توجه ايوب عليه السلام بالدعاء ، والشكوى الى الله تعالى لا تنافي الصبر والدعاء الى لا ينافي الرضا، ولاجل ذلك قال تعالى عنه : انا وجدناه صابرا نعم العبد انه اواب .
ويحسن إظهار التجلد للعدا * ويقبح إلا العجز عند الأحبة .
وقد رفع الله عنه البلاء واتاه اكثر مما اخذ منه " فَٱستَجَبنَا لَهُۥ فَكَشَفنَا مَا بِهِۦ مِن ضُرࣲّۖ وَءَاتَينَـٰهُ أَهلَهُۥ وَمِثلَهُم مَّعَهُم" وهكذا الذين نبتليهم من المؤمنين فاذا صبروا سوف نعطيهم مثل ما اعطينا ايوب عليه السلام .
📍وهناك قصص اخرى كقصة يوسف وقصة يونس وقصة لوط وصالح وغيره من الانبياء والاولياء والصالحين قد ذكرهم الله تعالى وانجاهم مما هم فيه من بلاء ..
📍ايها العزيز : والان بعد ان قصصت عليك عدة قصص من قصص الانبياء الذين ذكرهم الله بكتابه العزيز وكيف معية الله لهم وانه خلصهم من الاعداء والبلاءات المختلفة ، كل ذلك من اجل ان يذكرنا ان الله تعالى لن يخذل عبدا من عباده اخلص له العبادة .
ايها الاعزاء: علينا ان نرجع الله تعالى بالتوبة ، ونكون بقربه ، ونعمل بطاعته وامره ونهيه، فالسعيد من كان بقرب الله تعالى.
📍علينا ان لا تشغلنا الدنيا عن الاعداد لعالم الاخرة ، فهذه الحياة الدنيا قصيرة بالنسبة الى عالم الاخرة وما نحتاجه الى عالم الاخرة اكثر مما نحتاجه الى عالم الدنيا . يكفينا من الدنيا القليل ، ولكن ما نحتاجه الى الاخرة الكثير من الاخلاص والتقوى والعمل الصالح ، ولاجل ذلك تاوه امير المؤمنين عليه السلام فقال :" آهِ مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ، وَطُولِ الطَّرِيقِ، وَبُعْدِ السَّفَرِ، وَعَظِيمِ الْمَوْرِدِ ".
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha