إنتصار حميد ||
إذا اردنا ان نؤسس لعراق معافى، خال من الفساد وسلطته المرعبة، فإن الخطوة الأولى في ذلك، هي صيانة المال العام؛ بإبعاد الرئاسات عن مواطن الشبه؛ وهي قفزة استراتيجية لا يقف تأثيرها عند حدود تقليص حجم الفساد، بل يتجاوزه ليضع الرئاسات في موقع فوق الشبهات، ويكفي هذا لتجريم الفساد، كما أنه يكفي لنزع الحماية عن كل أنواع الفساد، وبعد ذلك لا يعد بإمكان مختلسي المال العام، أن يدعوا بأن "جهات العليا" وجهت بهذا أو أمرت به.
إن مثل هذه الخطوة تعد كبيرة بالمقاييس العادية، لكنها في حالة كالتي كان فيها العراق تمثل ثورة استراتيجية، ضد مستحوذي المال العام، ومن يسعى لاستيضاح حجم الفرق الذي ستحدثه هذه الخطوة، فليتأمل الأسئلة التي كان تطرح على الرؤساء السابقين عند خروجهم للصحافة.
يمكن أن يسأل صحفي، لماذا لم ينفذ المشروع الفلاني أو لماذا لم يعاقب المسؤول الفلاني؟ وسيتم تداول أسئلة مثل عدد الآليات التي يمتلك، أو عدد الشركات المنشأة من طرفه بأغطية عائلية أو اجتماعية!!
وثمة من يسأل عن عمولة الرئيس، ي رئيس أو من يدعي أنه أحد مفاتيحه ، في هذا الملف أو ذاك، ودونك مكل رؤساء السلطات الثلاث السابقين !.
لا تبدأ الأمور عند أي من رؤساء السلطات الثلاث بإرسال التصريحات، أو إطلاق التهم أو اتخاذ الإجراءات غير المؤسسة، بل تبدأ عادة بالعودة إلى أصول المشكلة، إلى حكامة المؤسسات نفسها، وهذا ما يتعين تطبيقه في صون الممتلكات العمومية، ووقف تبديدها، واختلاسها.
على المؤسسات المعنية بمحاربة الفساد، وسوء التسيير،أن تمارس مهامها، دون انتقاص من صلاحياتها، أو تدخل في حيثيات عملها، ودون أن تخشى الضغوط المسلطة على عناصرها.
وابتداءا يجب أن تكون مؤسسات مكافحة الفساد، أن تنتزع الصلاحيات الإستثنائية من يد الرئاسات الثلاث، وأن تختفي عبارة مثل(حسب توجيهات رئيس الوزراء، او رئيس مجلس النواب، أو رئيس الجمهورية)، فأي من الرئاسات لا يملك المال العراقي، وليس له الحق بصرفه أو إنفاقه بناءا على مزاجه الشخصي، بل هو الآذن بالصرف وفق الإحتياجات الفعلية والقوانين النافذة فقط.
الصلاحيات هي البيئة الحاظنة للفساد، قلصوا الصلاحيات، سيتقلص الفساد..والمنطق يقول أن ليس من حق رئيس السلطة التنفيذسة او التشريعية أو القضائية أو رئاسة الجمهورية، تعيين أي شحص مهما كان الإحتياج لخدماته، إلا عبر الآليات المؤسسية، ولا يمكنه أن يصرف دينارا واحدا من المال العام، إلا وفقا للقانون، إذ ليس من حق إي هذه العناوين التصرف بالأموال العامة تصرفتا تعسفيا كالذي جرى في عهد الكاظمي الذي ملأ وجه الرئاسات سخاما..!.
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha