المقالات

محاولة اولى لتقييم حكومة السوداني (٢)


محمد عبد الجبار الشبوط ||

 

قلت في الجزء الاول من هذا المقال ان  حكومة السوداني تتمتع الان بشرعية التمثيل بموجب متطلبات الدستور العراقي، لكنها ستكون بحاجة الى شرعية الانجاز بموجب تطلعات الناس وامالهم.

كما وضعت اربعة معايير للتقييم الاولي، وليس النهائي، للحكومة الجديدة، وهي: شخص رئيس الحكومة، وطريقة تشكيل الحكومة، والوزراء، والمنهاج الوزاري، واضيف الان معيارا خامسا يتم تفعيله بعد مرور سنة من عمر الحكومة، وهو: حجم الانجاز.

لا اخفي سرا انني اتمنى للسوداني وحكومته النجاح، حبا بالعراق والعراقيين، لان ثلاث سنوات من السقوط تكفي، كما تكفي ١٩ سنة من الفشل في بناء مقدمات دولة حضارية حديثة في العراق.

ومازلت اتمنى، رغم ملاحظاتي التالية، ان تكون حكومة السوداني استثناء من عيوب التأسيس واخطاء الممارسة التي ارتكبتها الطبقة السياسية الراهنة منذ تشكيل مجلس الحكم الى الان.

لست متفائلا، ولست متشائمًا، لكني انتظر ما ستقوم به الحكومة الحالية لأميل الى احدى كفتي الميزان، تفاؤلا او تشاؤما. اعلنت سابقا وفي وقت مبكر معارضتي لحكومة الكاظمي، وانا الان "مراقب" لاداء حكومة السوداني مزودا بالملاحظات الاولية التالية التي اذكرها حسب المعايير السابقة.

اولا، فيما يتعلق بشخص رئيس الوزراء، فان المعلومات المتداولة عنه تميل الى صالحه من حيث نزاهته ونظافة يده وكفاءته الادارية وربما القيادية. وهو على قدر مقبول من الثقافة والخبرة العملية مما لا يترك مجالا للمقارنة بينه وبين مصطفى الكاظمي. صحيح ان السوداني لم يحصل على اصوات كثيرة جدا في الانتخابات، لكن هذا ليس ضروريا في النظام البرلماني او المجلسي، طالما ان "الكتلة النيابية الاكثر عددا" قد اتفقت على ترشيحه للمنصب. وليس لدينا ما نضيفه الان حول شخص السوداني.

ثانيا، فيما يتعلق بطريقة تشكيل الحكومة، لابد ان نصارح الناس بالقول انها لم تختلف عن الطريقة المتبعة منذ تشكيل اول حكومة بعد سقوط النظام الدكتاتوري، واعني بها المحاصصة. ونحن نعلم ان المحاصصة من عيوب التأسيس الكبرى بل ربما تكون هي ام عيوب التأسيس الاخرى. وهذا يعني ان الجهة المسؤولة عن تشكيل الحكومة ارتكبت نفس الاخطاء السابقة و تجاهلت الدروس المستوحاة من احداث السنوات الثلاث الماضية والتي ادت الى سقوط حكومة عادل عبد المهدي ذات الشرعية الدستورية، ومجيء حكومة مصطفى الكاظمي عن طريق امر دبر بليل. و مازال بامكان السوداني ان يتحرك خطوة واحدة الى الامام بتحرير الدرجات الخاصة الاخرى (رؤساء الهيئات الخاصة، وكلاء الوزارات، المدراء العامون) من المحاصصة الحزبية والعرقية والطائفية واعتماد معايير الخبرة والكفاءة والنزاهة في اختيار شاغليها.

ثالثا، فيما يتعلق باشخاص الوزراء. انا لا اعرفهم كلهم شخصيا انما اعرف البعض منهم. لكن قراءة السير الشخصية الرسمية لهم  لا تبشر بالخير. فقد تم منح الحقائب الوزارية لبعضهم على اعتبارات حزبية ومحاصصاتية لا تمت بصلة الى معايير الكفاءة والمهنية والخبرة والتخصص في مجال عمل الوزارات التي يتولونها. وهذا ما سوف يؤثر لاحقا على المعيار الخامس وهو حجم الانجاز. كان بامكان "اباء الحكومة" الذين مازالوا متمسكين بمنهجية المحاصصة ان يختاروا افضل الاشخاص لتولي المناصب العائدة لهم. وهذا ما لم يحصل. فوزراء الحكومة الحالية ليسوا من افضل ما لدينا في الاختصاصات المعنية. مرة اخرى لا مجال للمقارنة بين هذه الحكومة وحكومة الكاظمي؛ لكني اتبع منهجية المقارنة بالافضل وليس المقارنة بالاسوأ. وهنا ايضا اقول ان السوداني والجهة المسؤولة عن تشكيل الحكومة ارتكبت نفس الاخطاء السابقة.

اما المعيار الرابع، اي المنهاج الوزاري، فهو بحاجة الى حديث اكثر تفصيلا، ما يحتم على القراء الكرام انتظار الجزء الثالث من هذا المقال ان ارادوا ورغبوا بذلك.

يتبع

 

ـــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
جبارعبدالزهرة العبودي : في سورة مريم اكد اللنه سبحانه على اهمية المراة في الحياة من خلال الحمل والاولادة ...
الموضوع :
الى جماعة الجندر: من كنوز القرآن..تكريم المرأة ..!
جبارعبدالزهرة العبودي : الذين سبقوا الامام علي ليسوا بخلفاء لانهم سرقوا الخلافة من الامام علي عليه السلام فهو القائل (زفت ...
الموضوع :
عوامل ثورة الامام الحسين ع ومعطياتها - ١٢ -غياب روح المسؤولية عند الامة 
علي علي : مقال مهم يوضح انجازات لم تكن واضحة للجميع, وفق الله الكاتب من افضل ما قرات ...
الموضوع :
ماذا قدمت حكومة السوداني ؟!
علي عزيز : السلام عليكم عزيزي ورد ذكر بني معروف تقول إن إمارة المنتفق فيهم لكن لايوجد تفاصيل تاريخه حول ...
الموضوع :
عشائر قضاء سوق الشيوخ عبر التاريخ.
ستار العابدي : مثلك أقول إن التاريخ الوارد في اخبار معركة الطف كاذب ومزور وغير قابل للتصديق فعندما تراجع كتب ...
الموضوع :
لعبة العدد في القضية الحسينة..!
جابر شاهر جعفر : احسنتم شيخنا الفاضل الماسونية و الوهابية والسياسة العلمانية السنية واعلامهم المضل اخفت حقائق الإسلام المحمدي القويم وقاموا ...
الموضوع :
من العراق الى المغرب..رسالة إلى بابا عاشوراء
Azad : وهناك خيانة يقترفها مسعود منذ عام ١٩٩٢ والى يومنا هذا حيث قد جعل من الإقليم مستعمرة تركية ...
الموضوع :
مسعود البرزاني : العميل رقم ٤١
عبدالغني مرشد الحميري : سقف الحرية والجهل كحكومة ودولة مسلمة الاسلام دين لها وكتاب الله مرجعا لها وسنة رسول الله عليه ...
الموضوع :
السيد الملحد البخيتي وآليته في الجدال ونقاط ضعفه ة(البهيمية Zoophilia) أنموذجًا
مواطن : لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم عجيب حين تخالف ارادة الانسان معتقده هو يرتجز باليقين انه ...
الموضوع :
لوحة الشمر بن ذي الجوشن ..  
فيسبوك